الاثنين، 27 أكتوبر 2014

الأواني الفارغة


حدث في عهد أليشع النبي (2مل4) أن امرأة فقيرة توفي زوجها وكان مديونًا بمبلغ من المال لأحد الأشخاص، فجاء هذا الشخص وطالب المرأة بوفاء الدَّيْن وإلا سيأخذ ابنيها عَبْدَيْن له، فصرخَتْ إلى أليشع تستنجد به.. فقال لها: ماذا أصنع لكِ؟ أخبريني ماذا لكِ في البيت؟ فقالت: لا يوجد عندي إلا القليل جدًا من الزيت. فأوصاها أن تستعير أوعية فارغة من جيرانها بكمية كبيرة.. أكبر كمية ممكنة من الأوعية،... ثم تدخل وتغلق الباب على نفسه ومعها أولادها وتصب من الزيت الذي عندها في الأوعية.. وكانت المعجزة المذهِلة أن القليل من الزيت صار ينبوعًا ينساب دون توقُّف، فملأ كل الأوعية.. حتى قالت لابنها قدِّم لي أيضًا وعاء. فقال لها لا يوجد بعد وعاء، فوقف الزيت. فذهبت وأخبرت أليشع رجل الله، فقال لها: اذهبي وبيعي الزيت، وأوفي دينكِ، وعيشي أنتِ وبنوكِ بما بَقِيَ..!
هذه قصة كل إنسان منا افتقر في حياته الروحية، ووقع تحت سلطان عدو الخير، وصرخ إلى الله لأن عدو الخير يريد أن يستولي على إمكانيّاته ومواهبه (أولاده) ويستغلّها لحسابه.. فماذا يفعل الله لمن يلجأ إليه؟!
1- في البداية قال لها أليشع النبي أريد شيئًا من عندك أبدأ به، وأبني عليه.. فلابد للإنسان أن يقدِّم شيئًا، ولو أي مجهود بسيط من إمكانياته لكي يستطيع الله أن يُضيف عليه قوته وبركته..!
2- الزيت هو عمل الروح القدس الذي لا يفارق الإنسان المسيحي أبدًا مهما حدث، وقد نظنّه قليلاً أو ضعيفًا وبلا أثر، مثل المرأة التي استهانت بدهنة الزيت التي عندها، ولكن الروح القدس في الحقيقة هو المصدر الرئيسي لغِنى وشبع أولاد الله، وهو الينبوع الفائض الذي ما أن نعطيه الفرصة إلاّ ويروينا ويُغنينا.. لهذا طلب منها أليشع أن تجمع الكثير من الأواني ولا تقلِّل، أي تُهيئ فرصة لانسكاب الروح..
تُخَصِّص مكانًا متَّسِعًا في القلب وتُفرغه من اهتمامات العالم..
تكرّس وقتاً للصلاة والتسبيح والارتواء بالكلمة الإلهية بعد أن تغلق الباب عليها..
فينسكب الروح بلا توقف، لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح.. (يو34:3).
3- توقُّف الزيت مرتبط بنفاذ الأوعية.. فالعيب دائمًا ليس في تيار الروح المتدفّق دائمًا، ولكن في استقبالنا نحن واستعدادنا بقلب نظيف متلهِّف مُشتاق لعمل النعمة..
"افغر فاك فأملأه" (مز10:81)
"فتحت فمي واقتبلتُ لي روحًا" (مز119).
مشكلة العالم المعاصر أنّه لا يهتمّ بأن يكون له أوعية مُهَيَّأة لعمل الروح..
لا يوجد وقت للإنجيل..
لا يوجد جهد للوقوف للصلاة..
لا توجد رغبة في الجهاد من أجل الامتلاء بالروح..
لا توجد أوعية فكيف نطلب الغِنى والشبع..؟!
لنتذكَّر أن عمل الروح فينا هو سِرّ البركة والغِنى، وبقدر ما نعطيه الفرصة فهو يشبعنا ويروينا ويجعلنا أغنياء حتى نعطي آخرين أيضًا..!!
القمص يوحنا نصيف

ليست هناك تعليقات:

 

Hit Counter
Dating Site