السبت، 25 أكتوبر 2008

وعود الله للغالبين

كلمات السيد المسيح للشهيد العظيم مارجرجس الرومانى قبل استشهاده
( من مخطوط بديره بمصر القديمة للراهبات )
أقسم بذاتى يا حبيبى جرجس أنه كما لم يقم من مواليد النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان كذلك لا يكون ايضا فى الشهداء من يشبهك ولن يكون لك نظير منهم إلى الأبد ، وقد جعلت لك اسما شائعا حسنا فى ملكوتى وقد أعطيت نعمة لأسمك ، وجعلته ميناء خلاص لجميع البشر لكى من يذكر اسمك من الرجال والنساء ولو كانوا فى جميع الشدائد فإننى استجيب لهم سريعا وأعطيهم سؤال قلبهم .
كلمات السيد المسيح للشهيدة مارينا الأنطاكية قبل أستشهادها
مارينا ... يا مارينا لا تخافى أنا الرب ، وأقول لك طوباكى لأنك ذكرتى فى صلاتك كل الخطاة ، وكل ما طلبتى منى قد سمعته وما لم تذكريه سأعطيكى إياه ، أقول لك يا مارينا إن كل خاطئ يأتى الى جسدك ويصلى ويطلب التوبة بأمانه تغفر له خطاياه قبل خروجه من الكنيسة التى بها جسدك ، وكل من يتشفع بجسدك من النساء العواقر بأمانه صحيحة فانهن يحبلن ويولدن الأولاد ، وها انا أأمر رئيس الملائكة ميخائيل خادم الكنيسة التى يوجد فيها جسدك ليعطى كل من يحضر إلى جسدك ويستشفع بك ما يطلبه ، وطوبى للشعب الذى يؤمن ويعيد يوم ذكراكى ، فهلمى ... هلمى إلى الموضع المعد لك مع القديسات العذارى المسرورين ، طوبى للتى حافظت وثبتت فى طهارة البتولية ، طوباكى يا مارينا ... طوباكى ... طوباكى .
وعود السيد المسيح للأمير تادرس الشطبى قبل أستشهاده
سلامى لك يا حبيبى تادرس وحبيب أبى الصالح ، هلم إلى أحضانى لتفرح معى ، وبما انك أكملت جهادك وحفظت إيمانى ... سوف تنال الأكليل الدائم والراحة الأبدية عوض ما نالك من أتعاب لأجل أسمى لأنك رفضت فرح العالم الزائل وأحببت نعيم الآخرة الدائم سوف يشاع أسمك من قبل العجائب فى كل الأرض .
يا تادرس ...
- من يكون فى ضيقة ويدعنى بإسمك أستجيب له سريعا وامنحه سؤال قلبه .
- من صنع رحمة بإسمك من اشباع الجياع وكساء العريان وقبول الغرباء ، أطعمة من ثمر شجرة الحياة وفى هذا العالم لا يعوزه شئ .
- من يسمى إبنه بإسمك أحفظه من كل سوء .
- من يكتب ميمر جهادك وعجائبك ، اكتب اسمه فى سفر الحياه .
- من يبنى كنيسة على اسمك ينال نعمة فى السماء .
- من يقدم قربانا فى يوم تذكارك أنا اسكنه بيعة الأبكار فى السماء .
- من كان مظلوما وطلب منى باسمك أنصفه سريعا .
- من كانت عاقرا وطلبت منى ان اعطيها نسل من اجل اسمك استجيب لها .
- من كان مريضا مرضا مستعصيا ويدعنى باسمك أشفيه سريعا .
كلمات السيد المسيح للشهيدة مهرائيل قبل أستشهادها
سلام لكِ يا شهيدة، يا قديسة. السلام لمهرائيل النقية. هوذا قد أوصلتك إلى بيت أبيكِ القس يوأنس حسب ما وعدت به والدتي. والعطر الذي سكبَته على رأسِك والدتي أنا أجعل رائحته في جسدك إلى انقضاء أجيال. وكل من يبني كنيسة على اسمِك أكتب اسمه في ملكوت السماوات. وكل من يسمي ابنته على اسمِك أحفظه من كل سوء.
أستجابة السيد المسيح لصلاة الأمير تادرس المشرقى قبل أستشهاده
السيد المسيح : " هل تريد أن أريحك من عذاب هذه المسامير؟ "
الأمير تادرس المشرقى : " كلا يا سيدى لكنى اريد من تحننك ان تريحنى من البقاء فى هذا العالم الزائل ليت رحمتك تدركنى وكذلك جميع الذين فى الشدائد ومن كتب خبر شهادتى وما نالنى من العذاب . لأجل اسمك تكتب اسمه فى سفر الحياه ومن ينجب ولدا ويسميه كأسمى لينمو ويتبارك "
السيد المسيح : " جميع ما سألته يا حبيبى تاوضروس يكون لك "
وعود الله لكل شهدائه وقديسيه لا تحصى ولكنى أرسلت لك لمحة منها لتعرفك كم هى عظمة القديسين والشهداء فى السماء وكم هى عظيمة شفاعتهم وطلباتهم عنا ومساعدتهم لنا

تطهير القلب والفكر

سنتحدث عن موضوع يعتبر أخطر مفتاح يتحكم في حياة الإنسان وفى كل التصرفات التي تصدر عنه وهو موضوع الفكر لقد نشأنا بسبب البيئة المحيطة بنا لدينا امتزاج بين تعليم الإنجيل وبين الموروثات الدينية المحيطة بنا سواء ما ورثناها من الفراعنة أو من الديانات المحيطة بنا.
تعلمنا من نعومة أظافرنا أن الذي يعمل قائمة السلبيات يذهب النار والذي يعمل قائمة الإيجابيات يدخل الجنة ولكن الحقيقة أن الإنجيل لم يُبنى على ذلك ولكن الإنجيل بُنىّ على ما هو داخل القلب. قالوا ليسوع : تلاميذك يأكلون بأيدي نجسه قال لهم ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان لأنه من القلب تخرج أفكار.(مت11:15) وعلى مدى السنين لم نستطيع أن نتحول من ديانة الأعمال الى الديانة التي تتعامل مع الداخل.
أنجيل متى يتواجه مع هذا ويقول (مت27:5) "قيل للقدماء لا تزنى واما أنا فأقول أن من نظر لامرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه".(مت23:5) "إذا قدمت قربانك على المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شي عليك اترك قربانك على الذبح وأذهب أولاً وأصطلح مع أخيك".أنها حركة التحول من ديانة أعمل ولا تعمل الى جوهر الإنجيل الذي يدور حول ما هو ساكن داخل قلبك (مت34:12) "لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان". وان حاولت إخفاء ما بداخلك فأنه يوما سيظهر (مت35:32) "لان الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشرور".لكن من المحتمل أن الشرير الذي بداخلك يكون مغلف بغلاف من اللباقة والأدب والأخلاقيات المهذبة وهذا ما أسماه المسيح الرياء وواجه به اليهود قائلاً أنكم تشبهون قبور مبيضة من الخارج ومن الداخل عظام ميته. أن العبارة التي قالها المسيح من القلب تخرج أفكار لخصت جوهر الإنسان من الداخل أن اصل الينبوع هو القلب واستظهار هذا الجوهر هو الفكر فالقلب هو التوجه العميق الذي أحبه.
أنت تستطيع أن تخدع كل الناس ولكن لا تستطيع أن تخدع الله. إن كنت تريد أن تعرف حقيقة ما بداخل قلبك أذهب إلي الفكر الذي يدور داخلك.تستطيع عمل ذلك بسهوله وأنتَ جالس مُسترخي في المنزل أو في قطار أثناء السفر أنظر إلي برنامج الفكر الذي يدور داخلك.ولكن هناك شخص يقول :أنه ليس كل ما أفكر فيه أحبه ولكن هذه الأفكار عبارة عن نتاج التأثير الفكري والثقافي المحيط مثلما أقرأ في صفحة الحوادث فأتخيل نفسي شخص من شخصيات الحادثة ...ألخ.لذلك فأن هناك مفاتحين لمعرفة ذلك:
(1) أن القلب بيستظهر في الفكر.
(2) الفكر أيضاً بوابة لأعادة برمجة القلب.
معني ذلك أنه كما يستطيع القلب أن ينقل القلب إلي الفكر كذلك يستطيع الفكر أن ينقل إلي القلب.مثال:( كلما أسترجع تصرفات الآخر الخاطئة يسقط داخل قلبي إحساس بالغيظ ..بالمرارة..بالجرح..بالرفض ..بالانتقام..فيمتلأ قلبي بالبغضة التي بدورها تفرز أفكار وهكذا تدور الدائرة المفرغة .القلب يسلم إلي الفكر والفكر بدوره يُعيد شحن القلب)
ذكر الرب يسوع "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله"ولكن هناك قلب متعكر وليس شرير.أذن هناك قلب شرير وقلب متعكر وقلب نقي.يختلف القلب المتعكر عن الشرير ؛في أن القلب الشرير يستطيع أن يتفنن في عمل الخطية ولكن القلب المتعكر أنسان يريد الله ولكن الشرير نجح بطريق أو بآخر أن يُعكر تيار الحُب الذي في قلبه فأصبح قلب غير نقي لأنه بدون القداسة لن يري أحد الرب.والسؤال الآن من أي شريحة تكون أنتَ؟ لكن قبل أن تجيب لابد أن تعلم أن هناك فرق آخر بين القلب الشرير والقلب غير النقي أو المتعكر وهو أن القلب الشرير من كنز قلبه الشرير يُخرج الشر أي أنه دائماً يخرج الشر ودائماً هناك غيظ ..كراهية..أنتقام..أما القلب غير النقي يحدث له ما يحدث لكوب متعكر تترسب الشوائب في القاع وعندما يأتي إبليس ويحرك الكوب فإن هذه الرواسب تجعل الكوب يتعكر مثلاً يقول الشخص أن فلان جرحني ويبدأ يعمل الغيظ والغضب ويكلم الشخص بالغيظ ثم تأتي عليه لحظة ويهدأ ويقول لماذا فعلت ذلك ومعني ذلك أن العكارة تترسب مره أخري وهكذا.فإن الكوب في هذا المثل يشبه القلب والملعقة التي ينقل بها الشرير التراب من وعائه الرديء،ويحرك الرواسب في قلبي هي الفكرة.كما تحدث في سفر التكوين الإصحاح السادس عن الطوفان(ورأي الله أن تصور قلب الإنسان كل يوم أنما هو شرير فندم الله نه صنع الإنسان وكان الطوفان ).فأن النوع الأول من الناس –الإنسان الشرير – قد باع نفسه للشرير وأما النوع الثاني فهو يريد الرب ولكن الشرير له طريق يدخل منه إلي ذلك الشخص.فإذا كنت تريد أن تنتقل من الديانة الشعبية إلي أنجيل المسيح أو من (أعمل ولا تعمل) إلي أن يحيا المسيح فيك.علماً أن أنجيل المسيح ليس فقط الإيمان بالمسيح لان الإيمان هو الوسيلة لا الغاية وأما الغاية فهي "المسيح فيكم رجاء المجد"كو1: 27" أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ"(غلا2: 20)"أن احبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبى واليه نأتي وعنده نصنع منزلا"(يو14: 23) يحل المسيح بالإيمان في قلوبكم.فإن الإيمان ليس هو الغاية وأنما هو الطريق لبلوغ هذه الغاية.فإذا لم يستطيع الإيمان أن يصل إلي غاية أن يحل المسيح فيّ أذن فهو لم يحقق غايته فإذا كنت تريد أن يحيا المسيح فيك لابد أن تكون مستعد أن تطرد ما هو ضد المسيح،وأن كنت غير جاهز بسبب ظروف الشغل أو البيت..ألخ.فسوف يكون الموضوع مُنتهي.عندما تقرر أنك جاهز يبدأ دور النعمة ولكن النعمة لن تعمل في شخص لا يريد.
هناك ازدواجية ..أن قرار القلب أن يبيع ويتنازل غير أكيد وذلك لأن لها خسائر مادية وفي بعض الأحيان نفسية..وخسائر عاطفية،أنتَ تريد الاثنين وأن تمسك العصا من النصف والإنجيل يقول:"لا يقدر أحد أن يخدم سيدين"(مت6: 24)،تذكر العبارة التي قالها المسيح (احملوا نيري عليكم لأن نيري هين وحملي خفيف) فهل تعلم ما هو النير؟ كلمة نير تعني المحراث والبقرتين اللتان تحرثان الأرض في الريف.المحراث عباره عن خشبه بالطول وأخري بالعرض التي بالطول تنتهي بالسلاح الذي يُقلب التربة والتي بالعرض توضع علي رقبة البقرتين اللتين يجران المحراث، وهل تعلم لماذا قال الرب في العهد القديم لا تحرث علي ثور وحمار لأن الثور قوي والحمار ضعيف فإذا حرثا الاثنان معاً سيكون الثور وحده هو الذي يجر المحراث والحمار لا يعمل شيء وهذه أحدي وصايا الرحمة بالحيوان.
وعندما يقول لك المسيح احملوا نيري عليكم لان نيري هين وحملي خفيف فمعني ذلك أنه واضع رقبته تحت فهو الذي يحمل الصليب من ناحيه وأنتَ متعلق من الناحية الأخرى .فالمسيح يعمل ويشفي ولكنك تتسأل بما انه هو الذي يعمل فلماذا لم يعمل من البداية؟ السبب في ذلك أن قلبك غير كامل ورغبتك غير أمينة أي عين في الجنه وعين في النار.
مهما تكون خطيتك يستطيع أن يغيرك فقد غير حياة المجرمين العتاة.غير حياة المرأة الخاطئة في المدينة، واللص اليمين..ولكنهم علي الرغم أنهم كانوا خطاة جداً ولكن عندما اختاروا المسيح أختاروه من كل القلب.
فلقد قال الرب يسوع لسمعان: أتري هذه المرأة ؟_وهي المرأة التي دخلت بيت سمعان الفريسي وغسلت رجليه بالدموع- لقد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً.بيع الغالي .. أتنازل لأن الخسارة التي ستخسرها خسارة ظاهرية.ذكر الإنجيل أنه"ليس أحد ترك لأجلي زوج أو زوجه أو أبناء ألا ويأخذ مائة ضعف. بع الغالي وسوف تكسب الحياة الأبدية"(مت13: 45) ودور الإيمان هنا هو أن أوقع عقد البيع وأنا لا أري."يشبه ملكوت السموات أنسان تاجر جامع لآلي حسنه فوجد لؤلؤة واحدة غالية الثمن فمن فرحته مضي وباع كل ما كان له وأشتري اللؤلؤة"وهذه اللؤلؤة هي المسيح.بع كل ما هو ضد المسيح تنازل عن كرامتك المصونة حول الخد الآخر، نفذ الوصية أقبل الخسارة المادية عوضاً عن أن تكسب عشرة آلاف جنيه،أكسب خمس فقط وأخسر الخمسة الحرام.أم تريد أيمان مخادع .. آمن بالرب يسوع وأنتَ محتفظ بالحرام؟؟‍.
أتحد مع بولس الرسول الذي قال:"خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية من أجل فضل معرفة المسيح يسوع وأوجد فيه"(في3: 7). وعندما يحدث التغير يبدأ إيقاع الحياة الأبدية يحل محل إيقاع عمل الشرير.وعندها لا تترك فكر الشرير يدخل إلي ذهنك ويُدنس قلبك." فوق كل تحفظ أحفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة "(أم4: 23)."إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم"(أف4: 18) ‍‍
أي عندما تكشف لك مرآة الفكر دنس داخل القلب نقب حوله وأخرجه من جذوره كما تُستأصل الحشائش .
أُصلي أن كل واحد أخذ قرار حقيقي أن يتنازل عن الفاني لك يحل المسيح أن يثبت بنعمة الرب

الحياة المسيحية

هل تبدأ الحياة المسيحية، عند كل الناس، بهذا التمزّق المصوّر في الحرب ضد الخطيئة؟ وهل الأمر حقيقة هكذا، أي أنّ كل مَن لم يختبر هذا التمزق لم يبدأ بعد حياته كمسيحي؟
لا، هذه ليست حالة الجميع. إن الذين حفظوا نعمة المعمودية في كل طهارتها لا يختبرون هذا التمزق، إذ يجب أن يأتي وقت فيه يعتبرون طريقة الحياة التي عرفوها منذ طفولتهم أساسية لأنفسهم. وهذه الطريقة هم اتبعوها لأن أهلهم اختاروها وبسبب من التقليد والعادة. في هذه الحالات لا يكون هناك تمزق مؤلم لأنهم في وصولهم إلى القناعة بأن من الجيّد لهم أن يكونوا مسيحيين، وفي اتخاذهم هذا القرار، يجدون أنفسهم مهيئين، داخلياً وشكلياً، لكل ما هو مطلوب لعيش حياة مسيحية، أي: أفكارهم، أحاسيسهم، نزعاتهم وعلى المنوال نفسه، كل نظام حياتهم وأخلاقهم وقوانينهم تكون مصقولة بحسب روح المسيح. في هذه الحالة، لا شيء جديد يُضاف. إنهم ببساطة يبدؤن الآن يدركون بشكل واعٍ أن من واجبهم المسيحي هو القيام بكل ما كانوا يقومون به عن طريق العادة والتقليد إلى تلك الساعة. مباركة هي هذه النفوس!ولكن كَم هم نادرون! إن أغلب الذين يتوصلون إلى فهم أنهم بحاجة للخلاص، يكتشفون في ذواتهم وفي طريقة عيشهم مقداراً كبيراً يقودهم لا إلى الخلاص بل إلى الهلاك: مفاهيم خاطئة أو مشاعر ونزعات قاسية، أو عادات شهوانية، أو علاقات غير طاهرة أو غيرها. عندما يتخذ هؤلاء الأشخاص القرار بعيش الحياة المسيحية، لا يستطيعون تلافي التمزق المؤلم لأنهم لا يستطيعون إلاّ ان يقتلعوا أنفسهم من الذي كان إلى تلكىاسلاعة يعطيهم المتعة، وأن يوجهوا قلوبهم نحو ما كان يبدو لهم بغيضاً. بقدر ما للإنسان عادات وأحاسيس شهوانية، بقدر ما يكون قد قضى متعايشاً معها، وبهذا القدر تعترض نفسه آلام وصعوبات في عملية التحول إلى الله. إن عبارة "الحرب ضد الخطيئة" تحدد بجدارة تحوّل الخاطئ الكبير.وهناك أيضاً فئة ثالثة من الناس: الذين يظهرون كمسيحيين نموذجيين ولكن في داخلهم قصة مختلفو بالكليّة. إنهم لا يملكون أي فكرة عن الحاجة لتغيير أنفسهم وهم يبقون على ما هم عليه. في غضون ذلك، إنهم في حالة مريعة. إنهم العذارى الجاهلات. فخارجياً معهم مصابيح لكنها فارغة بدون زيت ولا فتيل. فليحفظنا الله من هذه الحالةّ وهؤلاء لم يختبروا التمزق المؤلم، ويعتبرون أنفسهم بين المسيحيين الذين يرضون الله. لكن بينهم وبين الفئة الأولى فرق كبير. فأفراد الفئة الأولى لا يزالوا يتذكرون الوقت الذي فيه وضعوا على أنفسهم نير المسيح المبارك، لا بل هم يعتبرون أن ما حافظوا عليه عن طريق العادة لا غتى لهم عنه، ولا يستطيعون أن ينسوا معنى ذلك. أما الآخيرون فليس لهم هذه الخبرة ولا يتذكرون هكذا أمر. إنهم يحيون ببساطة كما تعوّدوا. هذا قد لا يكون سيئاً جداً، أما المأساوي هو أنهم لا يتخطون المظاهر الخارجية للحياة المسيحية التي تخلّص النفوس. إنهم يسمحون لكل أنواع البذاءة والفجور بأن تنشأ هناك. إنهم متجمدون في الأمور الخارجية. والأخطر، في اعتبارهم أنفسهم أبراراً، أنهم يضعون كل شخص آخر في رتبة الخاطئين، خاصةً الذين لا يقدّمون لهم الاحترام اللائق بما يعتبرونه "قداسة" في نفوسهم. أما الشك الذي ينتج عن هذا والثرثرة اللذين ينتشران بحرية من اعتدادهم بأنفسهم، فهما مرضهم الأساسي. فليحفظْنا الله من الوقوع في هذه النزوة!جيد أنك تجد لذة في البقاء بالبيت، والأفضل أن تكثر من هذا. المتع الخارجية، حتى البريئة منها، نادراً ما تقود إلى أي خير: بالأحرى، إنها أول الأبواب المؤدئة إلى الشر. إنها تضعف النفس وتخرجها من مقدِسها الداخلي. وبعد اختبار هذه المتع، لا يبقى المرء هو نفسه بل هو مثل رجل مكسور. عندما يقع شخص فجأة وينجرح، يحس الناس بالأسى من أجله. أما عندما يرمي نفسه ليرتطم بالأرض من دون أي حذر فيكسر كل عظتمه، لا أحد يشفق عليه. على العكس، يوبخه الجميع. لماذا نجلب الأذى لأنفسنا؟ أكل التفاحة، مع كونه عملاً جميلاً وشهياً، لم يكن أبداً عملاً بطولياً عظيماً. بعده، على أي حال، اضطر ابن الله أن يُصلب لكي يقوّم الأمور على نحو صحيح.ما هو نوع الموسيقى التي تنوي الاستمتاع بها؟ في أغلبها، عروضنا الموسيقية هي هراء: إنها تدغدغ الأذن ولا تقدّم شيئاً. انا لست أربطك، لكن أن تذهب هو أمر مثير للشفقة: انت فقط سوف تخسر تركيزك وتحس بالإحباط. الاستماع إلى الموسيقى العالمية سوف يتلف موسيقاك الداخلية. "لا تحبوا العالم ولا أشياء العالم". هل سوف تكون مع الله هناك؟ بصعوبة، إذ أي نوع من الشركة سوف تجد هناك؟ عالم الفن حسي وحتى لحمي. من الصعب أن نقول "لا". أنا أصدّق ذلك. لكن أن تكون مع الرب يتطلب صلب الذات، وصلباً للذات حقيقياً وليس ماورائياً. متى يتمّ هذا؟ كن غيوراً لذلك، إذ عندها سوف يطفح قلبك بهذه التعزيات كما سوف تطفئ كل عطش لأي نوع آخر من التعزية.المجد للهّ انت قد هدأت. فليساعدك الرب على ألاّ تؤذي نفسك. لكن لتكن مشيئة الله. إن النَفَس النتن الذي لروح التملق الناشط في أبناء المعصية قادر على إتلاف أكثر الناس براءةً. إن كسلك في ما يتعلّق بالأمور الروحية ينشأ من كونك مستغرقاً بلإفراط في عملك. لا تحملنّك هذه الأمور معها وإلا فرأسك يصبح ضبابياً وبعدها يعاني قلبك من التأثير نفسه.

صلاة للرب يسوع المسيح

الهى الطيب الصالح.
اشكرك من اجل نعمك الجزيله من اجل حبك اللامحدود .. اجثو بين يديك متضرعا لك ان تقبلنى اليك ابنا يا ابى ..تقبلنى ابنا رغم اتساخ ثوبى ورغم خطايا ذاتى ورغم بعدى عنك فانت ابى الحنون
الهى انى ادعوك ان تاتى وتقف على باب قلبى وتقرع هذا الباب وتدخل اليه وتتعشى معى ..تعال اصنع من هذا القلب مسكنا لك .تعال اصنع من القلب القاسى قلبا كله حنان .تعالى اهلنى لكى اكون ابن لك فى كل صفاتك احتزى وفى كل افعالى اكون ابنا لك
الهى انى اريد ان امجدك ولكنى عاجز لاجل خطاياى فعلمنى كيف امجدك بين كل الشعوب وارفع اسمك بين كل الامم
كثير ما اعثر الناس فى وكثيرا ما حادو عن طريق الخير بسبب عثرتى لهم فكيف يكون ابن ملك الملوك بهذه العثرات
الهى طهرنى واعطينى ان احيا ممجدا...
التمسك فى هذا الصباح ان تشبع روحى بك وحدك مدمت قد اشبعت جسدى
التمسك فى هذا الصباح ان تروى عطش نفسى بك وحدك مدمت قد رويت ظمأ فمى
التمسك فى هذا الصباح ان تهبنى منزلا فى سماك مدمت قد مهدت لى الارض هنا لامشى عليها
احبك يا الهى
مازلت ابحث عن الغفران ايها الحب...
ايها الحب فى هذا الصباح ادعوك ان تنزع عنى الخصام فاليوم ادركت انى فى خصام يقلق نفسى فارجوك انزع عنى تلك الروح الغريبه ففى الخصام اقف للحكم واحكم حسب احكامك واحفظ شرائعك وفرائضك فى كل مواسمك واقدس سبوتك ... فى كل هذا افعل خيرا ولكن يبقى الخصام فى داخلى يقلق حياتى
ايها الحب ادعوك ان تهدى خصام نفسى مع نفسى ومع غيرى وتعلمنى السلامه لنفسى ولغيرى.
ايها الحب ما اروعك اله اسمك المبارك العظيم كل حين
الهى الطيب الحنون ابو كل رأفه اتضرع اليك انت تمنحى الحب
لكى احب به الكل دون تفرقه انى اليوم اجثوا بين يداك الحانينتان اللتان طالما علمت بالحب هبنى ان احب لانك انت الحب علمنى ان اعلن للكل حبك هذااعلن لمن اساء الى اعلن لمن احبنى انك انت الحب انت الذى تسكن فيا الهى الطيب انحنى الان ساجدا لحبك الفائق الذى لايدركه عقلى
انحنى طالبا الغفران بحبك
انحنى طالبا الحب الغافر الذى يطهرنى من كل خطيه
انحنى واطلب حبك فهبنى اياه يا اله الحب
يا من تركت سماءك وجعلت من خشبه العار سماءك لاجل انك احببت البشر هبنى ذاك الحب الذى يطهرنى من الداخل فارى ان كل من حولى هم احبائى يا من تركت الحياه ومت لاجل حبك لى
هبنى تلك الحياه المملوءه حبا حتى احب الاخرين وان جعلونى فى عقولهم ميتا ..
الهى الطيب نفسى تسجد لك وذات تعلن انك انت الهى ولك وحدك ينبغى كل تمجيد
.. اشكرك يا ربي يسوع يا من تألمت لأجلي يا من احببتني وعلمتني الحب ومحبة الكل
يا من احببتنى ادعوك ان ترحمنى من ثقل خطاياى وتنير عينى لئلا اعاين اباطيل هذا العالم الملىء بالشر وتطهرنى من اتعاب الخطيه القاتله
يامن احببتنى علمنى انا اغفر لكل من اساء الى وكل من اخطاء فى حقى فانا تراب ورماد والتراب والرماد لا يجب ان يشتكى احد ولا يجب ان يغضب على احد
يامن احببتنى علمنى هبنى غفرانك ليس لانى اغفر لمن اساء الى ففى اوقات كثير يغضب قلبى ويرفض الغفران لمن اساء اليه بل اغفر لى كما حبك انت الغافر الذى غفر الخطاياى على عود الصليب
يامن احببتنى هبنى الحب
يا من احببتنى هبنى ان اغفر بكل حب
يا من احببتنى هبنى ذاتك لك كل كرامه ومجد الى الابد امين
الهى الصالح
اتضرع اليك ساجدا طالبا عفوك ومغفرتك فانى فى كل وقت خطاياى امامى تتقدمنى وكأنها كل ما املك فى هذه الحياه .. وانت ياربى تملك الكثير فاملك على قلبى وانزع عنى تلك الاشياء التى تتملك علي وتشغل بالى وتقلق قلبى .تعال يا رب املك على هذا القلب ولا تجعله ينشغل باخر سواك . الهى انت الحب والى هذا الحب الذى فيك ما زلت اصلى طالبا الحب فهبنى ذاتك ايها الحب ..
الهى اسجد خاشعا بين يداك ..يداك اللتان صنعتانى ..تلك اليدان اللتان طالما امتدت لعونى ولنجدتى ..ارجوك هبهم لى الان فانا فى اشد حالاتى احتياجا
هبنى ان ارتفع واحلق بروحى وجسدى فى سماءك طيله ايام الصوم...
الهى انى ادعوك ان تهبنى صوما لجسدى من كل ما لا يطيب لديك
الهى انى ادعوك ان تهبنى صوما لروحى حتى فى نهايه الصوم تكون انت عريسها وتفرح بك
اعطنى انا احيا حياه الصوم الحقيقيه لا الامتناع عن الاطعمه فقط بل الامتناع عن ملاذ هذا العالم
اعطنى حراره فى روحى لكى تصوم وتقدم لك كل ما يرضيك يا الهى فانى بدونك لا استطيع ان افعل شىء
فها انى قد عزمت انه بك ساصوم ومن كل قلبى اتضرع اليك ان تجعله صوما مرضيا ومقبولا امامك يا الهى الصالح
لهما يا سيدى الصالح ومخلص نفسى..
ربى ومخلصى مازلت اطلب الحب للاخرين .. مازلت اطلب العفو من الاخرين.. علمنى انا انظر كل حين لخطاياى انا فقط ياربى ..علمنى ان لا ارى خطاياى غير بل ان احسب كل خطاياى الاخرين بسببى انا
اشكرك يا من خلقتنى وليس لى ملجأ سواك
اشكرك يا من خلقتنى وكنت لى ميناءا وقت العاصفه
فى كربتى الى من الجأ وليس لى سواك
فى محنتى من ارجوا ولست اعرف غيرك
فى ضيقى لمن اصرخ وانت فى قلبى تسكن
الهى الحنون
انت ابى وانا ابنك مهما عظمت خطاياى فانا اعلم ان الاب دائما يسامح ودائما يغفر ودائما يظل ابى
انزع عن قلبى هموم اليوم وهموم الغد ودعنى ارى كم انت الهى الطيب مريح القلوب
فى وقت حزنى ادعوك واعلم انك تستجيب لى سريعا
فى وقت فرحى ادعوك واعلم انك تشاركنى الفرح سريعا
الهى انت لى عزا ترسا ملجأ حصينا
انى ارى ذراعك تحيط بى من خطر الغد تحمينى ومن هم اليوم تهدينى ومن خوف يعترينى تعزينى
انى ارى عيناك مفتوحتان على هذا البيت طول العمر وترانى وتبتسم لى فى كل وقت
انى ارى ابوتك هى ملجأى وحنانك هو طمأنينتى وعزاءك هو فرحتى
حبا قادك الى ترك سماك وملائكتك وانزلك الى ارض قليلون هم من صرخوا ممجدين اسمك فيها ..
قليلون هم من صرخوا شاكرين حبك فيها ..قليلون هم من عادوا وسجدوا تمجيد لاعمالك الحميده معهم ..
حبا قادك الى احتمال الالالم كل الالام لاجلى .حبا قادك الى الصليب رمز المهانه والامتهان...
لاجلى حملت كل هذا العار لاجلى رفعوك على خشبه عنوانها عارا لكل من رفع عليها .. وانت بدمك الطاهر مسحت ذلك العار وصيرت تلك الخشبه فخرا وقوه حبا وعشقا .
صارت الخشبه التى بعنوان العار تحمل عنوان واحدا "هذا حبى"
فى صومك المقدس هذا لا يسعنى سوا ان احمل تلك الخشبه احمل ذلك الحب..
علمنى ان احيا فى هذا الحب علمنى ان احمل تلك الخشبه
تلك الخشبه التى تجرأ ابونا ادم وامنا حواء واكلوا منها بحيله الحيه ..وصارت علامه الخطيه والعار صارت الارض ملعونه بسببها حولها حبك عندما بسطت اليدين عليها مثقوباتان بالمسامير الى علامه النصره والخلاص ..
صارت الارض تنب حسكا وشوكا بعد الخطيه وصيرتها مع اولى قطرات دمك تنب حبا من نوعا جديدا كل من يمر عليه يحيا حياه لم يعتادها من قبل حياه الحب.
تلك الخشبه اقدم لها كل الاجلال كل التقبيل كل الاحترام ..فقد صارت ممجده صارت قوه الرب بعد ان كانت وصمه العار لكل من علق عليها صرت اعلقها فى صدرى كعلامه حبك يا الهى
اشكرك على كل شىء وهبته لى اشكرك على فرحى بك لان هذا هو الفرح الحقيقى اما فرح العالم فينشىء لى دائما حزنا ..
لاجل ذلك اقدم كل كل سجود لانك وحدك مصدر فرحى ومصدر راحتى ومصدر طمأنينتى
لك اقدم ذاتى ايها الصالح .. فاقبلها اليك .. ان كنت انت الهى وانا ابنك فهذا يكفى لكى ينزع عنى قلبى كل حزن ..
تعال اسكن فيا ايها الصالح وحل بروحك القدوس واصنع منزلا ..
تعال ادخل الى اعماقى واكتشف ما تخبأه واصلح ما بداخلها وجدد كالنسر شبابى
.. تعال امكث معى فان النهار قد بدأ يميل وليس لي سواك انت استـأنث بك
تعال ارعى عند مراعى قلبى بحبك ارع مشاعرى واحاسيسى وكل حواسى
تعال املك هذا القلب
اسلمك ذاتى واخضع لك مشيئتى واعطيك كل رجائى واضع فيك كل ما املك ليكون تحت طوع يداك وتحت طوع مشيئتك
فهبنى ان اطمئن فانت هو الهى وبين حضنك يصير كل شىء فى سلام

هل يستجيب الله لصلواتنا؟


الصلوات التي تستجاب

هل سبق لك أن التقيت بشخص يثق فعلاً بالله؟ عندما كنت ملحداً كان لي صديقة كانت تصلي دائماً وكانت تخبرني كل أسبوع عن اختبارات لها وعن استجابات لطلبات الصلاة. كانت تثق بالله بالكامل. كانت واثقة أنه يهتم بجميع أمور حياتها وكنت أرى أن الله كان يفعل أمراً غير إعتيادياً في حياتها ويستجيب لصلواتها. هل تدرك مدى صعوبة هذا على الشخص الملحد أن يرى الله يستجيب لصلوات من يؤمنون ويثقون به .

لماذا يستجيب الله لصلوات صديقتي؟ إن السبب الرئيسي هو أنها على علاقة مع الله. لقد أرادت أن تتبع الله في جميع مراحل حياتها ولقد إستمعت إليه جيداً وكانت تعلم أن الله لديه الحق في توجيه حياتها وقد وافقت وقبلت بهذا لأنها كانت تثق بأنه يريد الأفضل لها. وكان أمراً عادياً بالنسبة لها أن تطلب طلبات من الله إذ هي على علاقة روحية شخصية رائعة معه ولذا فكانت تشعر براحة كبيرة عندما كانت تطلب من الله تلبية إحتياجاتها ومطالبها وكل ما هي بحاجة إليه في حياتها إضافة إلى كل هذا لقد كانت واثقة تماماً بأن الله يريدها أن تعتمد عليه كلياً لأن هذا ما قاله في الإنجيل."وهذه هي الثقة التي لنا عنده: إنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا" (1يوحنا 5: 14)."لأن عيني الرب على الأبرار، وأذنيه إلى طلبتهم" (1بطرس 3: 12).

لكن لماذا لا يستجيب الله لصلوات الجميع؟

ربما لأنهم لا يتمتعون بعلاقة تربطهم مباشرة مع الله، بالرغم من أنه يمكن أن يكونوا واثقين من أن الله موجود وربما يكونون مؤمنين بذلك ويسبحون الله من وقت لآخر ولكن هؤلاء الذين لا تستجاب صلواتهم بالتأكيد ليست لديهم علاقة مع الله وربما لم ينالوا الغفران الكامل لخطاياهم."ها أن يد الرب لم تقصر على أن تخلص، ولم تثقل أذنه عن أن تسمع، بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم، وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع" (أشعياء 59: 1-2).عادة يبدأ هؤلاء الأشخاص بالصلاة على هذا الشكل يا رب أنا بحاجة فعلاً لمساعدتك وبعدها يقولون" نحن نعلم بأننا خطاه ولا نستحق أن تستجيب لصلواتنا وليس لنا الحق بأن نطلب منك المساعدة" إذاً نحن نرى أن هؤلاء الفئة من الناس على يقين تام بأنهم خطاة ربما هم لا يعلمون كيف يطلبون الغفران من الله على خطاياهم وربما أيضاً أنهم لا يعرفون كيف يبنون علاقة مع الله ليستطيع الله أن يسمعهم. فهذا هو الأساس العلاقة مع الله تجعل الله يستجيب لصلواتنا.هل تتم إستجابة صلواتنا بناءً على هذا الأساس "العلاقة مع الله" علينا أولاً البدء بعلاقة مع الله وعندها سوف نصبح أولاد الله وسوف ننتمي إليه إن كنا في علاقة معه فسيسمع صلاتنا ويستجيب لها. قال يسوع: "أما أنا فإني الراعي الصالح، وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني." (يوحنا 10: 14)."خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي" (يوحنا 10: 27-28).هل تعرف الله جيداً وهل يعرفك هو؟ هل لديك علاقة تربطك به؟ أم هل الله بعيد كل البعد عنك وهو مجرد إله بالنسبة لك؟ إذا كنت تريد علاقة تربطك بالله لتكون على علاقة رائعة به وليستمع لك ولصلواتك وليستجيب لها فعليك البدء الآن.

هل من المؤكد أن يستجيب الله لصلواتك ؟

يبدو الله كريماً جداً بالنسبة لهؤلاء الذين يؤمنون به ويعتمدون عليه."إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يوحنا 15: 7).هذا يعني أن يثقوا به تماماً وأن يسمعوا كلامه ويطيعونه وبعدها سوف يتمكنون من أن يطلبوا منه ما يشاؤون."وهذه هي الثقة التي لنا عنده: إنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا. وإن كنا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا، نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه" (1يوحنا 5: 14 – 15).الله يستجيب لطلباتنا حسب إرادته وحسب حكمته وحسب محبته ومجده وقداسته.

ماذا يتطلب هذا؟ ما الذي ينوي الله ويميل إلى فعله؟

بالإمكان ملئ صفحات وصفحات عن نوايا الله نحونا. حتى أن الإنجيل بأكمله هو عبارة عن وصف لطبيعة العلاقة التي يريدنا الله أن نختبرها معه ووصف للحياه التي يريد أن يمنحنا إياها:"ولذلك ينتظر الرب ليتراءف عليكم، ولذلك يقوم ليرحمكم، لأن الرب إله حق، طوبى لجميع منتظريه" (اشعياء 30: 18)."الله طريقه كامل. قول الرب نقي. ترس هو لجميع المحتمين به" (مزمور 18: 30)"يرضى الرب بأتقيائه، بالراجين رحمته" (مزمور 147: 11)"ليس لأحد حب أعظم من هذا. أن يضع أحد نفسه لأجل أحباءه" (يوحنا 15: 13).هذا كان ما فعله الله من أجلنا. لذلك إن كان الرب معنا فمن علينا. "الذي لم يشفق على إبنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء؟ (رومية 8: 32).

ماذا عن الصلوات الغير مستجابة؟

بالتأكيد هناك من يمرض وهناك من يموت، البعض يواجهون مشاكل مادية وهناك من يواجه أشكال مختلفة من المشاكل والمصاعب ولكن ماذا بعد ذلك؟الله يريدنا أن نلقي كل همنا عليه "ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم" (1بطرس 5: 7).قد تبدو الظروف خارجة عن إرادتنا لكن هذا غير صحيح لأنه حتى لو إنهار العالم فإنه بإمكان الله أن يخرجنا من هذه الظروف وهذه المشاكل."ليكن حلمكم معروفاً عند جميع الناس. الرب قريب، لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (فيلبي 4: 5-7).قد يقدم الله إقتراحات أو حلول للمشاكل ويعطينا سلاماً تجاه أي موضوع. قال يسوع: "سلامي أترك لكم سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب" (يوحنا 14: 27).علينا الوثوق بالله وقدرته على تولي أمور حياتنا بالكامل، ليس هو الإيمان الأعمى بل هو الثقة بالله وما بمقدوره فعله. فالله يطلب منا أن نثق به وبشخصه وبحبه وبحكمته فقد قال: "محبة أبدية أحببتك، من أجل ذلك أدمت لك الرحمة" (ارميا 31: 3).

بإختصار كيف تستجاب الصلاة؟

لقد عرض الله على أولاده أن يستجيب لصلواتهم (هؤلاء من آمنوا به وقبلوه مخلصاً لهم وقرروا أن يتبعوه) لقد طلب منا الله أن نطلب كل ما نريده منه وهو سوف يستجيب حسب ما يراه مناسباً وحسب ما هو أفضل لنا كل ما علينا فعله هو أن نلقي عليه كل همومنا وإحتياجاتنا وهو سوف يتصرف. إن أملنا ورجاؤنا هو في شخص الله نفسه. فكلما عرفناه أكثر كلما وثقنا به أكثر

القسمة والنصيب في الزواج

أو هل هناك (زوج أو زوجة) معين لي من الله لابد أن ارتبط به؟
"من أول يوم يتولد فيه المولود يتكتب على جبينه ابن فلان لبنت فلان وبنت فلان لابن فلان"
هذه العبارة سمعتها بالنص في أحد المسلسلات العربية بالتلفزيون المصري، وهي تؤكد فكرة القسمة والنصيب في الزواج، وهذا له مرجعية دينيه تقول أن كل خطوة في حياة الإنسان "مكتوبة" وبناء عليه "المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" وهذا ما يسمى بالقدر أو القدرية حتى أننا نسمع هذه العبارة كثيراً "مقدر ومكتوب"
وفي الجانب الآخر نجد عبارات أخرى مثل: "اسمع صوت ربنا" أو "الرب قالي" أو "الإنسان أو الإنسانة المعين لي من الله" وهذا الاتجاه يأخذه كثير من المتدينين أو المؤمنين المسيحيين عن إخلاص وحب لله، وفي نفس الوقت بإيمانه أنه إذا اختار لنفسه فسوف يختار خطأ، لكن إذا ترك أمر الاختيار على الله فسوف يختار له الله الأفضل.
ولكني أرى ... أن هذا النوع الأخير والذي يطلب "مشيئة الله بطريقة الرب قالي" لا يفرق كثيراً عن النوع الأول والذي يؤمن "بالمكتوب على الجبين" فهؤلاء متشابهين في الاتجاه والإيمانيات ومتحدين في فكرة الغيبيات، ولكن مختلفين فقط في المسميات.
ونرى في كلا من الفريقين إهمال متعمد لدور الإنسان وإرادته وعواطفه، فهو عليه أن لا يختار بعقله (لأنه محدود) ولا يختار بعواطفه لأن عواطفه (خادعة) فعليه أن يقول لعقله: "لا" ويقول لقلبه: "اسكت" حتى يختار لي القدر – أو يختار لي الله – ما هو مكتوب لي.
وهنا أتساءل:
· هل هذه فعلاً هي فعلاً إرادة الله؟
· هل الله ألغى بإرادته الكبيرة العظيمة إرادة الإنسان؟
· هل عواطف الإنسان وإرادته لا تهم الله في شيء؟؟
· هل الله يختار للإنسان شريك حياته والإنسان ليس له أي دور؟؟!!

أسئلة كثيرة ومحيرة لكنها موجودة ويجب الإجابة عليها إجابة شافيه ووافيه
وللإجابة عليها أضع بعض النقاط الهامة وسأقوم بالشرح البسيط لكل نقطه منها لتتضح لنا الصورة في النهاية، وهذه النقاط هي:
1- ما هي مشيئة الله؟
2- ما هي مشيئة الله في الزواج تحديداَ؟
3- دور الله في الزواج
4- دور الإنسان في الزواج
5- من الذي يقرر؟؟

أولا: ما هي مشيئة الله؟
مشيئة الله هي فكر وإرادة الله ذاته، وهي كبيرة وعظيمة بنفس عظمة الله نفسه، وهي أكبر من مجرد حدث في حياة فرد. يدخل هذه الكلية أم تلك، أم يتزوج فلانة أو فلان، أو يعمل المشروع الفلاني أم لا.
ولكي نتعرف على ما هي مشيئة الله دعنا نقرأ هذه الآيات من الكتاب المقدس:
v "يسلم عليكم
أبفراس ، الذي هو منكم ، عبد للمسيح ، مجاهد كل حين لأجلكم بالصلوات ، لكي تثبتوا كاملين وممتلئين في كل مشيئة الله" (كولوسي 4 : 12)
v "لأن هذه هي إرادة الله: قداستكم . أن تمتنعوا عن الزنا" (ا تس 4 : 3)
v "اشكروا في كل شيء ، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم (ا تسالونيكي 5 : 18)
v "الذي يريد أن جميع الناس يخلصون ، وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تسالونيكي 2 : 4)
الذي يقرأ هذه الآيات يجد أن مشيئة الله تعبر عن حياة بأكملها يعيشها الإنسان، وليست مجرد حدث ما فقط، فلكي أعيش مشيئة الله عليَّ أن أعيش حياة القداسة، الشكر، احصل على الخلاص ، وأعرف الحق ....الخ هنا أكون في دائرة مشيئة الله وأعيشها يوماً فيوم، كما كان يفعل الرب يسوع المسيح نفسه فهو قال لتلاميذه: "قال لهم يسوع : طعامي أن أعمل مشيئة الذي
أرسلني وأتمم عمله" (يوحنا 4 : 34)
إذا مشيئة الله أمر أكبر من أي إنسان أو من أي حدث في حياته
إن إرادة الله هي: أفكاره ، مبادئه ، طرقه ، أقواله ، أحكامه
فلكي تطلب مشيئة الله في حياتك، عليك أن تعيش "المشيئة الكاملة أولاً"
"ولا تشاكلوا هذا
الدهر ، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم ، لتختبروا ما هي إرادة الله : الصالحة المرضية الكاملة" (رومية 12 : 2)
ثانيا: ما هي مشيئة الله في الزواج بالتحديد؟:
أعتقد أن الشرط الوحيد الذي نجده في كلمة الله عن هذا الموضوع هو مبدأ أن لا نكون في نير متخالف حسب ما هو مكتوب:
"لا تكونوا تحت نير مع غير
المؤمنين ، لأنه أية خلطة للبر والإثم ؟ وأية شركة للنور مع الظلمة" (2كورونثوس 6 : 14)
وهو نفس المبدأ الذي اتبعه أبونا إبراهيم في زواج ابنه اسحق فنجده يقول لرئيس العبيد: "
فأستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم بل إلى أرضي وإلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لابني إسحاق" (تكوين 24 : 3 – 4)
وكأن الله هنا يرسم لنا دائرة حول نوعية الشخصيات التي أختار منها شريك أو شريكة حياتي، وهذه الدائرة اسميها "دائرة الإيمان" فيجب عل كل مؤمن أن يختار من داخل دائرة الإيمان التي رسمها الله له ولا يخرج خارجها لأنه إذا خرج خارجها سوف يعيش بنير متخالف وسيحصد حصاد مرير.
ثالثا: دور الله في الزواج:
كلنا نعرف أن الله يعلم الماضي والحاضر والمستقبل، فهو يرى المستقبل كما نرى نحن الماضي، هذا ما نسميه بـ "علم الله السابق" فالله يعلم ما سيحدث في كل حياتي من بدايتها حتى نهايتها.
لكن هذا لا يعني أن الله يملي عليَّ مشيئة بحكم علمه السابق بها. فهو عالم اختياراتي ونتائج اختياراتي هذه بحكم علمه السابق فقط،لا لكي يرغم إنسان أن يسلك في طريق معين.
أما عن دور الله في الزواج نجد هذا الدور واضح جدا من قصة زواج اسحق برفقة وهو دور الإرشاد والقيادة فهو وعد قائلاً: "أعلمك وأرشدك الطريق
التي تسلكها . أنصحك . عيني عليك" (مزمور 32 : 8)
فنجد إبراهيم يقول لعبده "الرب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي ومن أرض
ميلادي ، والذي كلمني والذي أقسم لي قائلا : لنسلك أعطي هذه الأرض ، هو يرسل ملاكه أمامك ، فتأخذ زوجة لابني من هناك" (تكوين 24 : 7)
ووضع أليعازر عبد إبراهيم علامة أمام الله، أن التي تقول له أسقيك وأسقى الجمال هي زوجة اسحق، وفي التفسير التطبيقي نجد تعليق على هذه الحادثة قائلاً: "هل كان من الصواب أن يطلب عبد إبراهيم من الله علامة مثل هذه؟ لم تكن العلامة التي طلبها شيئاَ غريباً عن المألوف. فكان واجب الضيافة في تلك الأيام يقضي أن تعرض النساء الماء على المسافرين المتعبين، ولكن ليس مواشيهم. ولكن أليعازر طلب من الله أن يكشف له عن امرأة ذات موقف متميز بالمروءة والاستعداد للخدمة الحقيقية، امرأة تتجاوز ما يُنظر منها. فكان العرض بأن تسقى جماله أيضاً دليلاً على الاستعداد للخدمة، فلم يطلب أليعازر امرأة ذات جمال أو ثروة، لأنه يعرف أهمية القلب الصادق، كما عرف أهمية أن يطلب من الله أني يعنيه في مهمته."
إن دور الله في الزواج هو الإرشاد وإنجاح الطريق، كما قال اليعازر : "فقال لهم : لا تعوقوني والرب قد أنجح طريقي . اصرفوني لأذهب إلى سيدي" (تكوين 24 : 56) لكن الله لا يقوم بالاختيار عوضاً عني.
واليعازر هنا يقوم بدور الروح القدس كما قالوا مفسرين كلمة الله، وكما هو مكتوب: "لأن كل الذين
ينقادون بروح الله ، فأولئك هم أبناء الله" (رومية 8 : 14) فالروح القدس يقود المؤمن ويعطيه سلام داخلي ناحية الأمر الذي لا يتعارض مع فكر ومشيئة الله.
رابعا: دور الإنسان في الزواج:
الإنسان له إرادة وعقل وعواطف والله يحترم جدا إرادة الإنسان ولا يفكر نهائيا في إلغاؤها، أو أن يركنها ولا يستخدمها الإنسان، بل هو من أول يوم خلق الله فيه آدم جعل له حرية الاختيار فوضع له أن يختار أن يأكل أو لا يأكل من الشجرة وأن يتحمل نتائج اختياراته.
ونجد الله يقول في سفر التثنية: "أشهد عليكم اليوم السماء
والأرض . قد جعلت قدامك الحياة والموت . البركة واللعنة . فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك" (تثنية 30 : 19) هنا يضع الله الموت والحياة البركة واللعنة ويترك للإنسان حرية الاختيار. وكأب محب يقول له اختر الحياة لكي تحيا.
وهو هنا يضع أهم قرار في حياتي والذي يحدد مصيري الأبدي بين يديَّ. فعلي أن أختار أين سأقضي أبديتي من الآن: إن كانت في السماء أم في النار.
فإن كان الله قد وضع هذا القرار الخطير في يدي الإنسان، وهو قرار تحديد مصيري الأبدي، فكيف يسلبه حقه في الاختيار عندما يتزوج؟؟
هنا يبرز الدور المهم للإنسان في الزواج فهو يختار كما وضحنا قبلاً من داخل دائرة الإيمان وهنا يكون حقق مشيئة الله، ويختار بإرادته وعقله وعواطفه الشخصية المناسبة معه والتي تتوافق مع كافة أجزاء حياته سواء توافق اجتماعي أو ثقافي أو تعليمي أو عقائدي ...الخ وهنا يكون قد حقق إرادته هو ورغبته هو واختياراته هو ويتحمل أيضاً كل نتائج هذا الاختيار السلبية أو الإيجابية.
فالإنسان ليس دمية أو (عروسة في مسرح عرائس) تحركها يد الله، لكنه دم ولحم وإرادة وعواطف والله يحترم هذه الأشياء فينا أيضاً لأنها من صنع يديه.
فأنا أختار بحسب فكر وإرادة الله في الكتاب المقدس، وأطلب إرشاده وفي نفس الوقت هو لا يلغي إرادتي وعقلي وعواطفي لأن الحب هو أساس مهم وضعه الله في الزواج الناجح.
خامسا: من الذي يقرر؟؟
بعد هذا المشوار من الدراسة والبحث البسيط، نريد أن نجيب على هذا السؤال الهام من الذي يقرر "أنا" أم "الله"؟؟ في اختيار شريك الحياة
وأقول رأيي في هذا الأمر وأعتقد سوف يتعارض مع كثير من الآراء وهو:إن الاختيار هو حق من حقوق الإنسان وأن الله لا يسر بأن ينزع هذا الحق منه لأن عطاياه للإنسان هي بلا ندامة، وهو هنا يرقى بالإنسان لمستوى المسؤولية ويجعله شريك في المشيئة الإلهية وليس مجرد عبد أو مجرد جندي في جيش ينفذ ما يملى عليه. لكن الإنسان يختار في ضوء كلمة الله ويختار من داخل "دائرة الإيمان" ويختار بإرشاد وقيادة من الله ومن روحه القدوس. هنا تتحقق المعادلة الصعبة فيكون الزواج بحسب فكر الله وفي نفس الوقت بحسب رأي وفكر الإنسان نفسه.

الرب يسوع حييّ

وقف فتي صغير أمام واجهة مكتبة مسيحية تعرض لوحات فنية ، وأخذ ينظر بشغف وتأمل إلى صورة زيتية للرب يسوع المسيح على الصليب . وإذا برجل يقترب منه، ويقف بجانبه . وينظر متفكرا إلى ذات الصورة ، ثم بعد فترة وجيزة يلتفت إلى الفتي ويسـأله : - هل تعلم من هذا ؟
أجاب الفتي : نعم يا سيدي ، أنه الرب يسوع المسيح ، فادي الذي أحبني ومات على الصليب لكي يخلصني . وهؤلاء الناس حوله هم الجنود الرومان الذين قتلوه . وتلك المرأة التي تبكي هب أمه ؛ العذراء المطوبة القديسة مريم .
ربت الرجل على كتف الولد ومضي مبتسما . ولم يكن قد ابتعد كثيرا حتى شعر بأحدهم يجري وراءه ، ويشده من كم قميصه . كان ذلك الفتي الذي تكلم معه قبل لحظات . وقد استوقفه ، وقال له : عفوا يا سيدي ، لقد نسيت أن أخبرك شيئا آخر مهما جدا ؛ إن الرب يسوع المسيح لم يعد بعد معلقا على الصليب ، وليس هو في القبر ، بل إنه حيي لأنه قام من الأموات ، وهو الآن في السماء .
كان ذلك الفتي قد عرف المخلص الحيي الذي مات وقام ، وهو حتى الآن . لقد عرف حق الإنجيل الكامل ، وأراد أن يعرف الرجل الذي سأله أن بشارة الإنجيل لا تقتصر على أن الرب يسوع عاش ومات ودفن ، بل تشتمل أيضا على أنه قد قام من بين الأموات . وأنه حيي الآن في السماء . وأعرفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به ، وقبلتموه ، وتقومون فيه ، وبه أيضا تخلصون .... أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب ، وأنه دفن ، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب " ( 1 كورنثوس 15 : 1 – 4 ).
أيها الأحباء : إن قيامة المسيح من بين الأموات حقيقة جوهرية في المسيحية . فالإيمان المسيحي يخبرني عن شخص مبارك ومجيد ، غالب ومنتصر ، هو الآن عن يمين الله بعد أن حطم قوة العدو . وقد رفعه الله ، وهو الآن مخلصا يعطي التجربة وغفران الخطايا لكل من يأتي إليه ويؤمن باسمه .
والإيمان المسيحي يقود النفس ليس إلى أسفل صليب فارغ خال ، وليس إلى قبر ، حتى ولو كان هذا القبر أيضا فارغ خال . ولكنه يقودني إلى قدمي المخلص المقام والمرتفع . إن " ربي وإلهي " ليس على الصليب الآن ، وليس هو في القبر . أين هو ؟ إنه مقام وممجد في السماء . هو مخلصي المقام والمنتصر على الموت والقبر .
لقد تجسد ربنا " الكلمة صار جسدا " ( يوحنا 1 : 14 ) . وكالقدوس لم يكن للموت سلطان عليه لأنه لم تكن فيه خطية ، ولكنه وضع حياته باختياره ( يوحنا 10 : 18) ، وصلب رب المجد . وذاق بنعمة الله الموت ، ثم قام ، وبذلك كسر شوكة الموت ، وبموته وضع الأساس لإبادة ذاك الذي له سلطان الموت ، أي إبليس ( عبرانيين 2 : 14) . وقيامة المسيخ هي البرهان أن الله قبل عمله في الموت . وأن جميع مطاليب الله العادل قد وفيت تماما . ونستطيع نحن أن نفتخر في هذه الحقيقة أن ذاك الذي حمل في جسمه خطايانا على الخشبة ، قد أقيم " بمجد الآب " ( رومية 6 : 4 ) وفي هذا الضمان الأكيد الراسخ بأن خطايانا قد ذهبت عنا إلى الأبد .
نعم ، لقد مات وقام ، وتبرهن أن ابن الله ( رومية 1 : 4 ) ، وتبررنا نحن بقيامته ( رومية 4 : 25 ) ، وصار لنا رجاء حتى ( 1 بطرس 1 : 3 و 21 ) . ولأنه حتى سنحيا نحن أيضا ( يوحنا 14 : 19 ) . و " لنا ثقة في يوم الدين ( يوم الدينونة ) ، لأنه كما هو ( أي المسيح في المجد ، موضوع محبة وفرح قلب الآب ) هكذا نحن أيضا ( ونحن في هذا العالم ) " ( 1 يوحنا 4 : 17 ) . وهو الذي طمأن قلب يوحنا ، تلميذه الساقط الضعيف ، قائلا له : " لا تخف " ـ ويا لها من كلمة تبدد الخوف وتأتي بالطمأنينة والسلام ـ " أنا هو الأول والآخر ، والحي . وكنت ميتا ، وها أنا حي إلى أبد الأبدين ! ... ولي مفاتيح الهاوية والموت . ( رؤيا 1 : 17 و 18 ).
وإننا لا نستغرب ما أحدثه الشيطان من ضجة في سفر الأعمال ، عندما بشر الرسل وعلموا الناس الحق ، لأنهم بماذا بشروا ؟ ـ " في يسوع بالقيامة من الأموات " (أعمال 4 : 2 ) " وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع " (أعمال 4 : 33 ) . فلو كانوا قد بشروا بيسوع المسيح كمن عاش على الأرض فقط ، لما اهتم الشيطان بالأمر لأنه مات ، وشخص ميت لا يخلص ولا يمكن أن يهب حياة للموتى بالذنوب والخطايا . ولكن الرسل نادوا بأن الله قد أقامه من الأموات . لقد واجه الموت ، ولم يكن للموت عليه حق . وأباده ، وهو الآن حيي مقام من الأموات بالبر عن يمين الله ، وهو الحياة والبر والقداسة والفداء لكل نفس تؤمن به ( 1 كورنثوس 1 : 30 ) . ولذلك لا عجب أن الشيطان حاول في ذلك اليوم أن يضع الرسل في السجن ، لأن القيامة التي كانوا ينادون بها هي البرهان القاطع على المسيح قد هزمه وألغي قوة الموت .. وإذ أزيل الموت ، الذي هو أجرة لخطية الإنسان برهنت قيامة المسيح على أن الخطية قد أزيلت .
ونحن نذكر أنه في صباح القيامة نزل ملاك ودحرج الحجر عن قبر المسيح . ولماذا ؟ ليس لكي يسهل للمسيح الخروج من القبر ، حاشا ! فالمسيح كان قد قام فعلا من قبل وغادر القبر والحجر عليه . إذ أن له سلطان أن يضع نفسه وله سلطان أن يأخذها ، بل وأكثر من ذلك قام " بمجد الآب " تعبيرا عن السرور والرضا الذي وجده الله في عمل المسيح الكامل ( رومية 6 : 4 ) ... إذا لماذا دحرج الملاك الحجر ؟! لكي يمكنني أنا أن أنظر داخل القبر وأراه فارغا ، فأهتف قائلا : هللويا ! إن مخلصي الذي اجتاز الموت لأجل خطاياي قد خرج منه ، وهكذا يمكنني أن أتحول عن القبر الفارغ لكي أتطلع كمؤمن إلى مجد الله ، وهناك عاليا ، أعلى من أولئك الملائكة الذين لم يخطئوا قط . أري هناك "إنسانا " لأجلي ، إنسانا " فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا " ( كولوسى 1 : 19 ؛ 2 : 9 ) . هو مخلصي الذي ذهب إلى الموت لأجل خطاياي ، ومات موتي ، وهو الآن مقام من الأموات ، وأنا مقام معه ومقبول فيه ، لذلك يمكنني الآن أن أرنم بنغمة غالية :
قام حقا من قضي إذ به الآب ارتضي
ليمينه ارتقي فوق كل اسم سما
عزيزي المؤمن ... لا تخف ... ارفع رأسك وابتسم مطمئنا ... فالرب يسوع المسيح حيي ، وسوف يظل إلى الأبد " الله الحيي " .

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

قاللــي

ووسط خنقتي دار الحديث ده جوايا .. بدأت ألوم ربنا واوجه ليه اتهامات كتيربس كالعادة كان بيرد بكل حب وحنان وده اللي حصل بيني وبينه:
قلت له: أنت فيـــــــن؟
قاللــي: "أسير قدامك والهضاب أمهد" (أش45: 2)
قلت له: سبتني ليـه؟
قاللــي: "هوذا على كفي نقشتك أسوارك أمامي دائما" (أش49: 16)
قلت له: تعبت أووووووووووي
قاللــي: "في يوم يريحك الرب من تعبك .." (أش14: 3)"لأنك تنسى المشقة كمياه عبرت تذكرها" (أي11: 16)
قلت له: أمتى بقـــى؟
قاللــي: "لكل شئ تحت السموات وقت .." (جا3: 1)"صنع الكل حسنا في وقته" (جا3 :11)
قلت له: بس كده كتيييييير
قاللــي: "الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ماتستطيعون..." (1كو10: 13)
قلت له: هامــــــــوت
قاللـــي: "في ست شدائد ينجيك وفي سبع لا يمسك سوء" (أي5: 19)
قلت له: انت مش كنت وعدتني ؟؟؟
قاللــي: "... لا أنقض عهدي ولا أغير ما خرج من شفتي" (مز89: 34)
قلت له: أمتى بس؟؟!!
قاللــي: " انا الرب في وقته أسرع به" (أش60: 22)
قلت له: بس الموضوع اتعقد أوووي
قاللــي: "هل يستحيل على الرب شئ ..." (تك18: 14)
قلت له: كل حاجة بقت سيئة أوووووووي
قاللــي: "فحول الرب إلهك اللعنة إلي بركة لأن الرب إلهك أحبك" (تث23: 5)
قلت له: والناس هيقولوا أية
قاللــي: "لأن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقي طرقكم يقول الرب" (أش55: 8)
قلت له: طب وليه ده كله أصلاً؟؟؟؟!!!!!!!!!!
قاللــي: "عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً" (يع1: 3)
قلتله: وبعد الصبر .!!!
قاللــي: "أفتح لكم كوى السموات وأفيض عليكم بركة .." (ملاخي3: 10)"وتأتي عليك جميع .. البركات وتدركك .."(تث28: 2)"وأعوض لكم عن السنين التي اكلها الجراد" (يؤ2: 25)
عاوزة أقوله أسفة اني شكيت في محبتك وقدرتك ووعودك ليا ..وانا دلوقتي واثقة تمام الثقة ...أنه اللي بدأ فيا عمل صالح قادر أنه يكمله مهما كانت الظروف

لية

ليه مش عايز تسمعني وتتحنن عليه وتعنى... أناتعبان ... انا حزين ... أنا غلبان ...محتاج أعيش في أمان ... فينك يا حنان ؟؟؟ جتلك وأنا حزين .... جتلك وأنا تعبان ... جيتك وأنا محتاج جتلك ودموعي في عنيه ... كتير كتير وقلبي مشتقلك ... كتير كتير جتلك من عالم ... كبير كبير محتجلك وأنا كلى أنين ورشم علامة الصليب وقال ارحمني يا معين ودخل علشان ينام ... راح في نوم عميق ... وشاف في وسط المنام ... شاف نفسه واقف في مكان ... واسع أوى وجميل وفاضي من كل الناس ...ومره واحدة ظهر نور ... وكان كتير مبهور .... شاف جمال ما له حدود ووصفه بلهفه وقال: كان ابيض أوى وجميل ووشه مليان بالحنان وقرب منه وقاله مالك يا أبنى ؟؟؟ ليه زعلان دايما منى ؟؟؟ قلت وأنا كلى مهزوز ... وعنيه في عنيه بتغوص أنا ازعل منك أنت ؟؟؟ أنا أيه فهمني طبيعتي انا كلى خطايا وذنوب ...مليان بالأسى مهموم كلمني بكل هدوء .... ومد أيديه برقة متزعلش أبدا يا أبنى أنا سمعك وشايفك وبعنيه دايماً حارسك نمت في يوم جعان ... ولا صحيت من النوم عطشان ولا من البرد ... صحيت عيان أنا عيني عليك يا حبيبى أنا عادل وديماً فاكر مخطط لحياتك وحتى مماتك أطمن يا حبيبي ... أنا عندي كتير لخلاصك سمعت كلامه ... واتأثرت كتير بجماله وقمت من النوم فرحان ... وقلبي بالفرحة غمران شعرت بسلام وأمان خرجت من البيت بآمال ... أدور تاني فرحان وبعلتى رزق كبير وعنيه بدموع هتطير من الفرحة اللي مالها مثيل وقلت بصوت جبار أشكرك يا يسوع الباريا مفرح قلبي ليل ونهار

الكنيسة

الكنيسة ببساطة هى جسد المسيح السرى، الممتد عبر السماء والأرض، عبر الزمن والأبدية، عبر الأجناس والشعوب، عبر القامات الروحية المختلفة، رأسه المسيح، وأعضاؤه البشر المفديون المتحدون به.ومن خلال هذا التعريف، وهذا الاتحاد بالمسيح الرأس، نجد أنفسنا فى اتحاد كيانى عميق وجبار،لا بأخوتنا فى المسيح وحسب، ولكن بأخوتنا خارج المسيح الذين خلقوا أصلاً على صورته ومثاله، وهو فيهم، ولكن بصورة مشوهة بسبب عدم الإيمان به، وبسبب الخطيئة.الكنيسة هى جماعة المؤمنين، هذا هو تعريفها الضيق، لكن قلب الكنيسة يحيط فى حب بجميع غير المؤمنين لعله يحتويهم ويغيرهم ويقدسهم.الكنيسة، لأن رأسها هو المسيح، فهى غير محدودة وتحيط بالكل، من خلال المسيح الرأس.الكنيسة ليست مجرد مؤسسة أرضية، وليست جزءاً من العالم، الكنيسة أكبر واوسع من ذلك، فهى تحتضن العالم المسكين، وترفعه إلى الله، وتحاول أن تقدمه ذبيحة للمخلص، وأن تقدم ذبيحة المخلص إليه لكى يخلص.من هذا المنطلق تنمحى جدران العزلة، ويتسع القلب لأخوتى فى المسيح، وأخوتى خارج المسيح، لعلى أقدم لهم شيئاً أو قل لعلى أقدم لهم شخصاً!! (أى المسيح يسوع المخلص). الكنيسة هى الحل :نعم لأن الكنيسة ببساطة "رفع جدران"، وإزالة حواجز: عنصرية ودينية وطبقية واجتماعية وثقافية... الكنيسة اتساع هائل، فهى قادرة بالمسيح أن تحب الكل، وتستوعب الكل.والمسيح الحقيقى يعيش هذه الحالة اللانهائية من الحب، إنه حب بلا جدران، حب لا حدود، وبلا سقف!! حب ينسكب من الله إلى قلب المؤمن، ومن قلب المؤمن إلى الجميع، حتى الأعداء.ألم يقل القديس أغسطينوس أن الله أرسل الرسل كحملان بين ذئاب.... فلما أكلت الذئاب الحملان، تحولت إلى حملان؟!وهذا ما حدث... فالكنيسة ذبيحة والمؤمن قربان! والمحبة لا تكمل إلا من خلال العطاء والبذل والفدية!!ما أروعك أيتها الكنيسة... فأنت فى المسيح بلا حدود!! وما أسعدك أيها الشاب المسيحى... فأنت فى المسيح والكنيسة تحب بلا حدود!! طوباك!!

رحلة الخبر إلي أذنيك

ليس كل ما يصل الي أذنيك هو صدق خالص‏,‏ فلا تتحمس بسرعة لكل ماتسمع ولا تتخذ إجراء سريعا لمجرد كلام سمعته من انسان ما بل تحقق أولا‏,‏ واعرف أن كثيرا من الكلام يقطع رحلة طويلة قبل أن يصل الي اذنيك‏.‏‏**‏ صدق الحكيم الذي قال لاتصدق كل مايقال‏,‏ لهذا اجعل عقلك رقيبا علي اذنيك‏,‏ وافحص كل ماتسمعه‏,‏ ولاتصدق كل خبر‏,‏ لئلا تعطي مجالا للوشاة والكاذبين‏,‏ ولمن يخترعون القصص‏,‏ ولمن يؤلفون الأخبار‏,‏ ولمن يدسون ويشهدون شهادة زور‏,‏ كل هؤلاء يبحثون عن انسان سهل يصدقهم‏,‏ وقد قال عنهم أمير الشعراء أحمد شوقي‏.‏قد صادفوا أذنا صفواء لينة فأسمعوها الذي لم يسمعوا أحد‏.‏‏**‏ نعم لو كنا نعيش في عالم مثالي‏,‏ أو في وسطه الملائكة‏,‏ لأمكنك حينئذ أن تصدق كل ماتسمعه‏,‏ ولا تتعب ذاتك في فحص الأحاديث ولكن مادام الكذب موجودا في العالم‏,‏ ومادمنا نعيش في مجتمع توجد فيه ألوان من الناس يختلفون في نوع أخلاقياتهم‏,‏ وفي مدي تمسكهم بالفضيلة‏,‏ فإن الحكمة تقتضي إذن أن ندقق ونحقق قبل أن نصدق‏,‏ وأن نفحص كل شئ ونتمسك بما هو حق‏.‏‏**‏ ولكن قد يقول أحدهم إنني أصدق هذا الخبر علي الرغم من غرابته‏,‏ لأنني سمعته من إنسان صادق لايمكن أن يكذب‏.‏ نعم‏,‏ قد يكون هذا الإنسان صادقا‏,‏ ولكنه سمع الخبر من مصدر غير صادق‏,‏ أو من مصدر غير دقيق‏.‏ أو قد يكون الشخص الذي حدثك أو نقل الخبر إلي من حدثك‏,‏ جاهلا بحقيقة الأمر‏,‏ أو علي غير معرفة وثيقة أكيدة بما يقول‏..‏ أو قد يكون مبالغا أو مازحا أو مداعبا‏,‏ أو ربما يكون قد أخطأ في السماع أو الفهم‏,‏ أو أن المصادر التي استقي منها معلومات غير سليمة‏.‏ أو ربما يكون المصدر الأصلي الذي أخذ عنه هذا وذاك غير خالص النية فيما يقول‏,‏ وهناك أسباب شخصية تدفعه الي طمس الحقائق‏,‏ أو الي الدس والإيقاع بين الناس‏,‏ أو قد يكون من النوع الذي يتباهي بمعرفة الأخبار والسبق الي نشرها بين الناس فيقول مايصل اليه بسرعة دون تحقيق‏..‏ وقد يكون محبا للاستطلاع‏,‏ يلقي الخبر ليعرف مامدي وقعه علي الناس‏.‏‏**‏ ولكن ربما يقول القائل إني لم أسمع هذا الخبر من فرد واحد فقط‏,‏ إنما من كثيرين‏,‏ مما يجزم بصحته‏.‏ فنقول إنه لايصح أن نحكم عن طريق السماع دون تحقيق‏,‏ حتي لو سمعنا من كثيرين‏!‏ فما أكثر مايكون كلام الكثيرين علي وفرة عددهم‏,‏ له مصدر واحد مخطئ‏..‏ وما أكثر مما تتفق جماعة كبيرة من الناس علي كذب مشترك‏,‏ وفي التاريخ أمثلة كثيرة عن هذا الأمر‏,‏ وما أكثر ماتتفق مجموعة من شهود الزور علي أمر ما‏,‏ وهكذا تفعل ايضا مجموعات من ناشري الشائعات‏.‏‏**‏ إن وصية لاتشهد بالزور كما انها موجهة الي المتكلم‏,‏ هي أيضا موجهة الي السامع‏,‏ فالذي يسمع الكذب ويقبله‏,‏ إنما يشجع الكاذب علي الاستمرار في كذبه‏,‏ وبقبوله‏,‏ يحيط نفسه بأناس مخطئين غير مخلصين‏.‏‏**‏ وكذلك فإن ناقل الكذب يعتبر كاذبا‏,‏ وشريكا في نشر الكذب‏,‏ وقد يقع تحت هذا العنوان ايضا مروجو الشائعات الكاذبة‏,‏ بل قد يقع في هذا الفخ‏,‏ البسطاء الذين يصدقون كل مايسمعونه‏!‏ ويتكلمون عنه كأنه حقيقة‏,‏ دون فحص أو تدقيق‏,‏ وفي الحقيقة لا نستطيع ان نسمي مثل هذه بساطة‏,‏ لأن البساطة في جوهرها هي عدم التعقيد‏,‏ وليس قلة الفهم أو البعد عن الحكمة والتدقيق‏.‏‏**‏ اثنان يشتركان في خطية الكذب قابل الكذب‏,‏ وناقل الكذب‏,‏ وكلاهما يشتركان مع الكاذب الأصلي في نشر كذبه‏.‏ وان كانت بعض المشاكل تتسبب أحيانا من نقل الكلام‏,‏ فإن أقل الناس ضررا من ينقلون الكلام هو‏,‏ كما يفعل جهاز تسجيل الصوت‏(‏ الريكوردر‏)‏ الأمين المخلص‏,‏ الذي لايزيد شيئا علي ما قيل‏,‏ ولاينقص‏,‏ بل يعطي صورة دقيقة صادقة عما قيل‏.‏ إنما بعض الأشخاص قد يسمع كلاما‏,‏ فيتناوله ويضيف عليه رأيه الخاص ومفهومه الخاص‏,‏ واستنتاجه واغراضه وظنونه‏,‏ ويقدم كل ذلك معا لإنسان آخر‏,‏ كأنه الكلام المباشر الذي سمعه ممن نطق به‏!!‏‏**‏ كثير من الأخبار عندما تصل اليك‏,‏ تكون أخبارا مختلفة جدا عن الواقع وسأضرب لذلك مثلا‏:‏ مجرد خبر هو‏:‏ حدث حوار ساخن بين صديقين في أحد الموضوعات‏,‏ وصل هذا الخبر الي زميل لهما فقال وقد سمعت أن أحدهما جرح شعور صديقه أثناء الحوار جرحا غائرا‏,‏ وأهانه إهانة شديدة ووصل هذا الكلام الي شخص آخر‏,‏ فأضاف وطبيعي ان هذا الذي أهين قد غضب غضبا شديدا وتألمووصل الخبر الي شخص ثالث فقال وسمعت أيضا أنه قال بعد ذلك صديقي هذا هو خطيب اختي‏,‏ فإن تزوجها سوف يهينها‏,‏ كما أهانني‏,‏ ويجعل حياتها مرا وعلقما ووصل هذا الكلام الي شخص رابع فأضاف وقد سمعت أنه ذهب الي أسرته محملا بهذه المشاعر‏,‏ وحكي لهم كل شئ وهو متضايق ومتألم‏,‏ وسمع هذا الكلام شخص خامس فقال وطبيعي أن أب هذه الأسرة قال في اجتماع عائلي نشكر الله الذي كشف لنا هذا الشخص العنيف قبل ان يتزوج ابنتنا‏,‏ لاشك أنه اذا تم زواجه بها‏,‏ سيجعل حياتها جحيما لايطاق‏,‏ ووصل هذا الكلام الي شخص سادس فقال‏:‏ ولابد انه في اجتماع الأسرة نوقش موضوع فك تلك الخطوبة‏.‏ووصل هذا الكلام الي شخص سابع‏,‏ فأسرع ونشر خبرا في احدي المجلات بعنوان مأساة فتاة مخطوبة قال فيه حدثت مشاداة حامية بين صديقين‏,‏ أدت الي خلاف بينهما‏,‏ ثم بين اسرتيهما‏.‏ وانتهي بفك الخطوبة التي بين أحدهما وأخت الأخر‏,‏ وانتظروا التفاصيل بالأسماء في العدد المقبل‏.‏‏**‏ حدث كل هذا بينما الصديقان اعتبرا حوارهما موضوعيا وليس شخصيا‏.‏ وخرجا منه وهما في صفاء تام‏,‏ دون ان يترك أي أثر سييء في نفسية أحدهما ضد الآخر‏,‏ ولكن هكذا كانت رحلة الخبر عن حوارهما الساخن لذلك أقول مرة أخري‏,‏ لاتصدق كل مايقال‏,‏ بل حقق ودقق‏,‏ قبل أن تصدق
بقلم: البابا شنوده الثالث

الأحد، 19 أكتوبر 2008

طاعة الابناء

ايها الأولاد، أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق(اف1:6)إن واجب الأولاد الرئيسي هو أن يطيعوا والديهم في الرب، بغضّ النظر عن كون الأولاد أو الآباء مؤمنين أو غير مؤمنين. فعلاقة الأولاد بوالديهم مقررة من الله للبشرية كلها وليس للمؤمنين وحدهم. أما الأمر بأن يطيعوا «في الرب» فيعني أولاً، أن يطيعوا وهم يعلمون أنهم إنما يطيعون الرب بهذا العمل، فطاعتهم يجب أن تكون كما لو كانت له بالذات. ثانيًا، يجب عليهم أن يطيعوا في كل الأمور التي تتوافق مع مشيئة الله. فلو طلب إليهم والدوهم أن يرتكبوا خطية ما، يجب عليهم ألا يستجيبوا لهذا الطلب. وعليهم في حال كهذه أن يرفضوا بكل أدب ويحتملوا النتائج بوداعة ودون انتقام. لكن يجب على الأولاد أن يطيعوا في كل الأمور الأخرى. ويعطينا الرسول أربعة أسباب لضرورة الطاعة: أولاً، إن هذا حق (ع1). فالمبدأ الأساسي المُثبَّت في صميم بنية الحياة العائلية هو أن غير الناضجين والمتهورين الذين تنقصهم الخبرة يجب أن يخضعوا لسلطة الأهل الذين هم أكبر منهم وأحكم. والسبب الثاني هو أن هذا الأمر كتابي (ع2). فالرسول يقتبس هنا خروج20: 22 «أكرم أباك وأمك» ( تث 5: 16 ). وهذه الوصية في إكرام الأهل هي أول وصية من الوصايا العشر تحوي وعدًا بالبركة لحافظيها. وهي تدعو الأولاد لاحترام والديهم ومحبتهم وإطاعتهم. أما السبب الثالث فهو أن الطاعة هي لمصلحة الأولاد العُليا: «لكي يكون لكم خير» (ع3). فلنفتكر في ما يمكن أن يحدث للولد الذي لا يحصل على التوجيه والتأديب من والديه! سوف يكون تَعِسًا في حياته الشخصية ولا يُحتمل اجتماعيًا. والسبب الرابع هو أن الطاعة تقدم للأولاد حياة كاملة: «وتكونوا طوال الأعمار على الأرض» (ع3). كان الولد الذي يطيع أبويه في العهد القديم يعيش حياة طويلة. لكن في عصر الإنجيل الحاضر، فهذه القاعدة ليست خالية من الشواذ. فالابن الطائع قد يموت في عمر مبكر. لكن القاعدة العامة هي أن حياة النظام والطاعة تفيد من جهة الصحة وطول العمر، فيما حياة العصيان واللامبالاة غالبًا ما تنتهي في وقت مبكر

رائحة الطيب

أخذت مريم منًا من طيب ناردين خالص كثير الثمن، ودهنت قدمي يسوع، ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب ( يو 12: 3 )لم تأتِ مريم عند قدمي الرب لتسمع عظة، مع أن أعظم معلم كان موجودًا، ولا أتت لتجلس عند قدميه، وتستمع إلى كلامه ( لو 10: 39 ). لم تأتِ لترفع إليه طلباتها، كما حدث، عندما في خضوع عميق لإرادته، «خرَّت عند رجليه قائلة له: يا سيد، لو كنت ههنا لم يَمُت أخي» ( يو 11: 32 ). فلم يكن في فكرها الآن أية مطالب لتتقدم بها، لأن أخاها كان متكئًا معه على المائدة. ولم تأتِ لتتشرف بمقابلة القديسين، مع أن قديسين مباركين كانوا موجودين لأن «يسوع كان يحب مرثا ... ولعازر». فالشركة معهم كانت مباركة، وكانت تتكرر كثيرًا، ولكن ليس شيء من هذا كان هدفها الآن. وهي لم تأتِ بعد إجهاد أسبوع من المحاربة مع العالم لكي تجدد قواها، مع أنها، مثل كل قديس، اختبرت تجارب البرية، وعلمت أن ينابيع الإنعاش المباركة هي فيه. ولكنها أتت في اللحظة التي كان العالم فيها يعبِّر عن أقسى عداوة له، لتسكب ما ادّخرت من أجله طوال حياتها، أغلى شيء تمتلكه على الأرض، على قدمي الشخص الوحيد الذي أسر قلبها واستحوذ على وجدانها. «فيسوع وحده» هو الذي ملأ قلبها، فدَنت بالحب الصحيح له «ودهنت قدمي يسوع، ومسحت قدميه بشعرها». فالحب، والخضوع، والسجود، والإكرام كان هو كل ما يملأ فكرها، لتكريم الوحيد الذي هو الكل في الكل بالنسبة لها. ولا شك أن هذا السجود سرَّ قلبه. قد يتذمر الشخص غير الروحي ويعترض (كما اعترض يهوذا)، ولكن الرب يسوع قدَّر هدفها، وناصر قضيتها، وقدَّر التعبير الشكور لقلب عرف قيمته وسمو مكانته. وهكذا، دُوِّن سجل باقٍ عن المعنى الحقيقي للسجود. فلو اتجهت كل عين إلى الرب فقط، وأخلص كل قلب له، وصمم كل واحد ألاّ يرى إلا «يسوع وحده»، فكم سيكون السجود كاملاً. وليس بقوارير طيب في الوقت الحالي، بل بأجسادنا التي امتلأت بالروح القدس، سيرتفع شكرنا وأسمى سجودنا تكريمًا للوحيد المبارك، الذي يُشرِّف المجد الآن، مثلما شرَّف أرضنا مرة. ولكن من جانبنا ينبغي أن يكون سجودنا له بالروح والحق ( يو 4: 24 ).

الصراحة!!!

كيف ؟ ومع من ؟ وما حدودها ؟
"إننى إنسان صريح. لا أعرف النفاق ولا الرياء ولا المجاملة. ولا أقول غير الصدق فى صراحة كاملة. ولكننى – للأسف الشديد – ساءت علاقتى مع الذين أصارحهم برأيى فيهم أو فى تصرفاتهم. فيتعبون، ويسببون لى متاعب...- فماذا أفعل... هل من الخطأ أن أتكلم بصراحة؟"
+++الصراحة ليست خطأ، بل قد تكون فضيلة أحياناًإنما المهم هو فى أسلوبها، ومع من تكون، وكيف تكون؟والذى يتعب من صراحتك، إنما يتعب من الأسلوب الذى تتكلم به أثناء صراحتك معه. هل هو أسلوب لائق أم غير لائق؟ هل هو أسلوب جارح أو أسلوب قاسِِ؟ وهل يشمل إتهاماً أو توبيخاً؟ وهل هذا الإتهام فيه لون من الظلم، لأنه يعتمد على معلومات غير سليمة قد وصلت إليك؟ وهل أنت تتكلم بروح المحبة أم بروح الهجوم والهدم؟ وهل أنت فى صراحتك تتدخل فى ما لا يعنيك، وتتجرأ على ما هو ليس من إختصاصك؟
+++كذلك – فى صراحتك – راع الأسلوب الذى تتكلم به مع شخص أكبر منك سناً أو مقاماً أو مركزاًلاشك أن الصراحة معه تختلف عن صراحتك مع شخص فى نفس سنك ومركزك. وتختلف عن صراحتك مع صديق توجد بينك وبينه دالة. وتسمح هذه الدالة أن تستخدم معه الفاظاً لا تستطيع أن تستخدمها مع شخص كبير... إنك تستطيع مثلاً أن تقول فى صراحتك مع صديق "أنت غلطان". ولكنك ربما لا تستطيع أن تقول هذه العبارة لوالدك أو عمك أو أى شخص له مهابة فى نظرك. إنما تستخدم تعبيراً آخر يكون فيه لون من الأدب والاستحياء...
+++لذلك فإن الصراحة يلزمها أدب المخاطبة:فعليك فى صراحتك أن تكون حريصاً على انتقاء الألفاظ. بحيث تستخدم ألفاظاً تصل بها إلى هدفك، دون أن تهين من تكلمه أو تجرحه أو تسئ اليه، لأن هذا غير لائق ولا يأتى بنتيجة سليمة... فهناك أشخاص – فى صراحتهم – يستخدمون ألفاظاً مثل رجم الطوب. ويحاولون أن يخفوا هذا الخطأ تحت اسم الصراحة! ويكون العيب ليس فى صراحتهم، وإنما فى عدم حرصهم على أدب التخاطب، وفى عدم اللياقة...
+++كذلك ينبغى أن تكون الصراحة فى حكمة، وبهدف روحى سليم...فهل الهدف من صراحتك هو التوبيخ والإهانة ومجرد النقد؟ أم الهدف هو تبليغ رسالة معينة؟ أم الهدف هو العتاب والتصالح؟ فإن كان الهدف سليماً، تكون الوسيلة الموصلة اليه سليمة أيضاً وتأتى بنتيجة طيبة...أقول هذا، لأن البعض يظنون أن هدف الصراحة هو توبيخ المخطئ أو من يظنون أنه مخطئ. حسب قول أحدهم مفتخراً بصراحته: "أنا انسان صريح. أقول للأعور"" أنت أعور" فى عينهفهل يا أخى إن قلت هذا للأعور، تكون قد كسبته أم خسرته؟! وهل فى معايرتك له بأنه أعور، تكون صراحتك سبباً فى إرجاع البصر إلى عينه العوراء؟! أم هى صراحة لمجرد التجريح والإهانة والإيذاء؟! وبلا فائدة تجنيها منها...

الخميس، 16 أكتوبر 2008

حياة المحبة الكاملة

مقدمــة:هذه الكلمات حصَّلتُها من قراءاتي في كتابات القديس أُغسطينوس والقديس يوحنا ذهبي الفم، ومن تأملاتي الخاصة، وقد دوَّنتها لنفسي, ولكن ما كدت أنتهي منها حتى دفعتني هذه الكلمات دفعاً أن أُقدِّمها لجميع الناس؛ ليشربوا، لعل المحبة تعود إلى قلوب الناس، فيقل الإثم، ويستنيروا بمعرفة الله.
أيها الباحثون عن الله كفُّوا واهدأوا، اتركوا العقل. فقد وجدنا شيئاً نستطيع أن نحسه بالقلب ونقول: هذا هو الله.
أحبوا، أحبوا، أحبوا فـ «كل مَن يحب فقد وُلِد من الله (من جديد) ويعرف الله. ومَن لا يحب لم يعرف الله، لأن الله محبة» (1يو 4: 8،7).
+++
المحبة تُشتهى
+ «إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة، تُحتَقَر احتقاراً» (نش 8: 7).
نماذج:
مصدر المحبة:
الشمس تُشرق كل يوم، والسماء تُمطر في أوانها، وخيرات الرب الإله تعُم المسكونة كلها. في كل صباح تتجدَّد علينا مراحمه، ومن جيل إلى جيل يتحدث الناس عن صلاح الله.
لقد أحبنا الله، أحبنا جميعاً. لم يُفرِّق في حبِّه بين أشرار وصالحين، أو بين أبرار وظالمين؛ بل جعل خيراته هذه لكل نفس حيَّة، الكلُّ يشبع من رضاه. وهكذا سيظل الأشرار والظالمون يتمتعون بخيرية الله وصلاحه مدى حياتهم في هذا الدهر. والله في هذا غير نادم، لأن في هذا كمال محبته: «أحبُّوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسِنوا إلى مُبغضيكم، وصلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات، فإنه يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطر على الأبرار والظالمين... فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كاملٌ» (مت 5: 44-48).
ولكن محبة الله لا يمكن أن تقف عند هذه الحدود المادية الضيقة، ويلزم أن يظهر سموها وجلالها في دائرة أعظم، لابد أن تتخطَّى الحدود المادية لتتخذ مجالها في العالم الآخر في الحياة الأبدية، فهذا يتناسب جداً مع اتساعها غير المحدود: «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 3: 16).
وهكذا نرى كيف امتدَّت المحبة نحو اتساعٍ يليق بها، وأَهَّلتنا للتمتُّع بخيرات أبدية وحياة خالدة مع مصدر هذه الخيرات.
إن كانت الدعوة للحياة الأبدية للتمتُّع بخيرات السماء محصورة في شكلها للذين يؤمنون بابنه فقط، فهي لم تعدم الاتساع في حقيقتها، إذ أنها لكل الذين يؤمنون.
ومما يُزيد هذه المحبة جلالاً، أنها لم تكن سهلة في إعطائها وتقديمها لنا، بل استلزمت من الآب ”بَذْل“ ابنه الوحيد، وإن كنا لا نُدرك الآن معنى هذه الكلمة: ”بَذْل“ بالنسبة لله القادر على كل شيء، ولكن لا يَخْفَى هذا المعنى على مطالب المحبة التي أحبنا بها الله.
ومن أجل هذا أيضاً صار الدخول إلى استحقاقات هذه المحبة، أن يستلزم من جانبنا الإيمان بهذا البَذْل، والإيمان بمَن قام بتكميل واجبات المحبة ومطالبها، يسوع المسيح، الذي تحمَّلها وحده، الابن الذي بدوره بَذَلَ حياته.
النموذج المساوي:
جاء الابن إلى عالمنا ليُتمِّم رسالة محبة الآب لنا. بَذَلَ الآب ابنه الوحيد الذي ارتضى بذلك! وثبَّت وجهه نحو الصليب ليُتمِّم الرسالة حتى النهاية.
ولكنه اشترك معنا في اللحم والدم: «فإذ قد تَشارَك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما» (عب 2: 14)، فارتبط هو أيضاً بالحب معنا، فصار سرور الصليب أمامه سرورَيْن: سرور تتميم مشيئة الآب، وسرور تتميم واجبات محبته لنا: «إذ كان قد أحبَّ خاصته... أحبهم إلى المنتهى» (يو 13: 1). ولذلك كان الصليب أمامه ذبيحة طاعة وحب، في سبيلهما استهان بالخزي واللطم والبصاق، فجعل وجهه كالصوان، وأحنى ظهره للضاربين، فأطالوا ضربهم كما شاءوا، ولم يمنع رأسه عن المتآمرين بالهُزء، فوضعوا إكليلاً من الشوك عليها بإحكام، وقدَّم يديه ورجليه للذين خَلَت قلوبهم من الرحمة حتى أكملوا شهوة نفوسهم وصلبوه.
في كل هذا لم تنقص محبته للبشرية كلها ولا قَيْدَ شعرة، ولا لهؤلاء الصالبين أيضاً، إذ قال وهو على الصليب: «يا أبتاه، اغفر لهم» (لو 23: 34).
كانت حياته كلها آية للمحبة، ولم تستطع أقسى المعاملات التي عومل بها من الكتبة والفرِّيسيين والكهنة ورؤساء الكهنة أن تُفقده شيئاً من محبته؛ بل ولم تستطع خيانة التلميذ الذي عاش معه ثلاث سنوات أن تجعله يفتر في محبته. وهو حينما علم أن ساعته قد جاءت، جلس إلى تلاميذه ليأكل معهم الفصح. كان فيهم يهوذا والثلاثون من الفضة في جيبه، وفيهم بطرس الذي سيُنكره بعد ساعة، وبقية التلاميذ الذين سيتركونه ويهربون جميعاً! وهو عالمٌ بكل هذا، وبالرغم من ذلك جلس يُحدِّثهم عن محبته لهم، وكيف أنه سيذهب ليُعدَّ لهم مكاناً ثم يأتي ليأخذهم!
كان قلبه مُثقَّلاً بالحزن، ولكنه كان مملوءاً بالحب!
نظر إلى صالبيه ونظر إلى قلبه، فوجد قلبه يتسع لهم جميعاً!
فطلب لهم المغفرة وأعطاهم دمه الذي سفكوه ليشربوه فيحيوا!
كان أول عمل اهتم به بعد قيامته هو مقابلة بطرس ليؤكِّد له أنه لا يزال يحبه بالرغم مما حدث!! وأعطاه مفاتيح ملكوت السموات كبقية إخوته تأكيداً لصفحه عن إنكاره له، وأوصاه أن يُثبِّت إخوته، ويرعى غنمه، كأنما لم يحدث شيء!! بيَّن له المحبة، أنها ليس فقط تصفح فحسب، بل وتشجِّع وتكرِّم أيضاً.
كانت آخر وصية خرجت من فمه: «هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً» (يو 15: 12)، ثم عاد فكررها: «بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضاً» (يو 15: 17). وكانت آخر صلاة قدَّمها من أجلنا جميعاً هي هذه: «وعرَّفتهم اسمك، وسأُعرِّفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم» (يو 17: 26).
قال الرب يسوع هذا وخرج مع تلاميذه إلى عَبْر وادي قدرون حيث كان هناك بستان، دخله هو وتلاميذه، وكان يهوذا مُسلِّمه يعرف الموضع.
وإن كانت البشرية تعتز بكلام المسيح ووصاياه، فهذه أعز الكلمات والوصايا، فهي آخر وصية لنا، وآخر صلاة من أجلنا التي بعدها ذهب المسيح وأكمل واجبات المحبة على الصليب.
أول ثمرة:
ولقد وقعت حبة الحنطة وماتت لتأتي بثمر كثير، وكان اسطفانوس رئيس الشمامسة أول شهيد للمحبة، لأنه كان أول شاهدٍ لها.
لقد وقف اسطفانوس بين المشتكين عليه في مجمع رسمي أمام رئيس الكهنة وشهد للمسيح الذي أحبه. ولم يعبأ بصرير أسنانهم أو حنق قلوبهم، ولا للضربات القاتلة التي كانت تنهال عليه. ولما أحس أنه لم تَعُد فرصة أخرى أو قدرة على الكلام والشهادة، صرخ بصوت عظيم: «يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية» (أع 7: 60). فكانت حياته شهادة للمسيح وموته شهادة للمحبة!
شهادة الذي أنكر:
هذا بطرس، الآن قد ملأت المحبة قلبه، واشتعلت الحياة كلها بحب سيده، فقد كان شاهداً لآلام المسيح حسب قوله: «أنا الشيخ رفيقهم، والشاهد لآلام المسيح، وشريك المجد العتيد أن يُعلَن» (1بط 5: 1). بطرس أعطى وصية مثل سيده ولكنه شدَّد فيها على المحبة، لأنه رأى ضحيتها وذاق ثمرتها: «طهِّروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء، فأحبوا بعضكم بعضاً من قلب طاهر بشدة» (1بط 1: 22).
هذا هو بطرس الذي لما أرادوا أن يصلبوه رفض أن يُصلَب كسيده، بل طلب أن يصلبوه مُنكَّساً!! لقد دخلت المحبة قلبه، وانسكبت في أحشائه بعمل الروح القدس، فحوَّلت الإنكار إلى إصرار، والهروب إلى استشهاد!
حبيب المحبة:
يوحنا الرسول حبيب المحبة، عاش رسولاً للمحبة، يُنادي بها حتى آخر نسمة من حياته! كتب رسالة كاملة عن المحبة، ولما أراد كتابة رسالة ثانية كتبها عن المحبة، وكتب رسالة ثالثة فكانت عن المحبة أيضاً!
ظل يعظ شعبه بأفسس عن المحبة، حتى ملَّت الجماهير وطلبوا منه أن يقول لهم كلاماً جديداً، فقال لهم: ”وصية جديدة أقولها لكم: أحبوا بعضكم“. وفي أواخر أيامه كانوا يحملونه إلى الكنيسة ليقول كلمة واحدة هي هي: ”أحبوا بعضكم“. أراد يوحنا أن يُكرِم المحبة، فلم يستطع أن يُكرمها بأكثر من أن يضعها بعد كلمة ”الله“: ”الله محبة“.
مُضطهِد المحبة:
+ «شاول شاول، لماذا تضطهدني؟...
مَن أنت يا سيد؟...
أنا يسوع الذي أنت تضطهده» (أع 9: 5،4).
ومن هذه اللحظة صار شاول ”بولس“ أسير المحبة. وبدل أن كان ينفث تهديداً وقتلاً لتلاميذ الرب، صار قلبه يذوب محبة ورِقَّة: «ماذا تفعلون؟ تبكون وتَكْسِرون قلبي، لأني مستعدٌّ ليس أن أُربط فقط، بل أن أموت أيضاً في أورشليم لأجل اسم الرب يسوع» (أع 21: 13).
جعلته المحبة يحترق لأجل الآخرين: «مَن يضعف وأنا لا أضعف! مَن يعثُر وأنا لا ألتهب» (2كو 11: 29)! وقد امتزجت به المحبة من نحو اليهود الذين رفضوا المسيح إلى درجة جعلته يشتهي أن يكون محروماً من المسيح وهؤلاء يؤمنون: «أودُّ لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد...» (رو 9: 3).
ثم عاد يقول إنه لا شيء يفصله عن المسيح متحدِّياً العالم والشيطان وكل قوة في الأرض وفي السماء حتى المستقبل المجهول: «مَن سيفصلنا عن محبة المسيح. أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُري أم خطر أم سيف؟!... فإني متيقِّن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا» (رو 8: 35-39).
نظر بولس إلى أعماق كل الناس، بل أنفس الناس، فوجدها ميتة إذ كانت عادمة من المحبة. نظر إلى الإيمان، فوجده لا شيء بدون المحبة.
ورأى فلسفة الكلام إذا وصلت إلى حكمة الملائكة، فهي بدون المحبة جهالة. وكل نبوَّة ومعرفة الأسرار، هي بدون المحبة كذب ورياء. وكل تضحية حتى إذا بلغت التخلِّي عن جميع الأموال وتقديم الجسد للاحتراق، فهذه أيضاً بدون المحبة لا تنفع شيئاً (1كو 13: 1-3).
هذا هو شاول لما ذاق المحبة! أو هذه هي المحبة لما مسَّت شاول!
شعلة من نار:
هذا أُغسطينوس الذي ركض في ميدان الفساد والمروق عن إلهه حتى كلَّت قدماه! ولما فتح قلبه للنور، انسكب فيه حتى صار شعلة تنير لكل الأجيال!
وإذ تطلَّعت عين الساهر قدوس إسرائيل، حنَّت أحشاؤه ونظر إليه والشيطان قائم عن يمينه ليُقاوم. فقال الرب للشيطان: «لينتهرك الرب يا شيطان، لينتهرك الرب... أفليس هذه شعلة مُنتشلة من النار» (زك 3: 2،1).
وصار أُغسطينوس قيثارة المحبة. بحث عن المحبة وجدَّ في إثرها حتى وجدها في أعماق الله. أخذ يتعقَّبها في كل الميادين، فوجدها نافعة لكل شيء وبدونها ليس منفعة لشيء! ولما وثق من قوة المحبة وفاعليتها، قال حكمته المشهورة: ”حِبّ واصنع ما شئتَ“!
وظل أُغسطينوس يعظ شعبه عن المحبة في عشر عظات متوالية، فلم يملَّ الشعب مما يسمع، ولا هو كَلَّ من الكلام!
وقد استهل عظاته بهذا الكلام:
[كل مَن سمع كلماتي ووجدها عنده سيفرح بها! فتصير له كنقط الزيت على شعلة تزكيها وتُلهبها! فتنمو عنده وتثبت! وللبعض ستصير لهم هذه الكلمات كالنار لخشب مستعد للوقود! تلمسه فيشتعل، ويستكمل ما كان ينقصه. المحبة فرح لسامعيها، وسلام لِمَن يجدها]!
”جعلتُك أباً لجمهور من المُحبين“:
هذا بولا القديس الذي اضطرمت المحبة في قلبه، فضاق العالم عن أن يسعه، وخرج هائماً على وجهه يطلب وجه الله في البراري والقفار حتى وجده! فارتاحت نفسه: «مَن هذه الطالعة من البرية، مستندة على حبيبها» (نش 8: 5).
عاش مع إلهه الذي أحبه كل أيام حياته متغرِّباً عن العالم حتى مات! فصحَّ فيه أيضاً قول صاحب نشيد الأنشاد: «أُحلِّفكُنَّ يا بنات أورشليم: أَلاَّ تيقظن ولا تُنبهن الحبيب حتى يشاء» (نش 8: 4). فلم يستيقظ بولا إلاَّ في العالم الآخر بين أحضان مَن أحبته نفسه، فعاش مئة واثنتي عشرة سنة لحبيبه ولحبيبه وحده، شاهداً بمحبته حتى الموت.
وهذا النموذج الصغير الهادئ، دفع من بعده الآلاف من البتوليين: منهم الشباب، ومنهم الشيوخ، ومنهم الأتقياء، ومنهم اللصوص والزواني، ومنهم أبناء الملوك، ومنهم بنات الملوك متخفيات في زيِّ الرجال!
وهؤلاء اتَّقدت فيهم نار المحبة، إذ سمعوا خبر المحبين الذين سبقوهم، فتحركت قلوبهم بكلمة أو بعظة أو بيقظة ضمير أو بصوت الحبيب يدعوهم إلى حياة أفضل! فباعوا كل ما عندهم مسرورين، وباعوا العالم راضين، ثم باعوا أنفسهم للحبيب وعاشوا كما عاش أبوهم الأول هائمين في البراري والقفار والجبال الموحشة وشقوق الأرض، مكروبين معتازين من أجل عِظَم محبتهم في الملك المسيح!
قالوا لأحدهم: ”إن أباك مات“. فقال: ”صَهْ! إن أبي لا يموت“. وقال أحدهم: ”أنا لا أخاف الله“. فقالوا له: ”إن هذا الكلام صعب يا أبانا“. ففسَّره لهم وقال: ”لأني أحبه «والمحبة... تطرح الخوف إلى خارج» (1يو 4: 18)“.
هؤلاء عرفوا المحبة، فعرفوا الله. ولما ذاقوها انفتحت أذهانهم وعرفوا أنه هو الرب، فالتهبت قلوبهم فيهم، وأخذوا ينشدون للحيِّ من صباح حياتهم إلى المساء، وهم يُرتِّلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الخروف قائلين: «عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء، عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين» (رؤ 15: 3).
شهود من تحت المذبح:
+ «رأيت تحت المذبح نفوس الذين قُتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم... فأُعطوا كل واحد ثياباً بـِيضاً وقيل لهم: أن يستريحوا زماناً يسيراً أيضاً، حتى يَكْمَل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضاً العتيدون أن يُقتلوا مثلهم» (رؤ 6: 9-11).
من كل شعب ومن كل لسان ومن كل أُمة، كان للمحبة التي انسكبت في قلوب المؤمنين بالمسيح شهودٌ، كان من نصيبهم في الأرض بسبب هذا الحبيب، العذاب والقتل؛ أما نصيبهم في السماء، المكان الأول ”تحت المذبح“.
ثلاثون ألفاً بالإسكندرية قُتلوا دفعةً واحدة! ليجلسوا هناك معاً ومع الذين سبقوهم، ينتظرون العتيدين أن يُقتلوا مثلهم! كلَّت فيهم أيدي القاتلين وما فَتَر الحب الذي فيهم قَيْدَ شعرة. ارتفعت ألسنة النيران للتعذيب أمام عيونهم، فأطفأت رهبَتَها نيرانُ الحب المتأجِّجة في قلوبهم. أُمهات أُخذت أطفالهن أمام عيونهن ليُذبحوا أمامهن، فلم يبكين ولم يلطمن ولم يُغشَ عليهن من هول المنظر! بل كُنَّ يُشجِّعن أولادهن حتى يحتملوا، لينالوا محبة الشهادة وأكاليلها.
إنها محبة، محبة ليست من هذا الدهر، محبة ليست من لحم ودم! محبة انسكبت في قلوبهن بالروح القدس!!
هذه المحبة كانت تدفع الرجال والنساء، بل وعائلات بأجمعها أن يسيروا على أرجلهم من دمنهور إلى الإسكندرية، لماذا؟
هل ليتنزهوا هناك؟ كلاَّ! هل ليشتروا مطالب ضرورية؟ كلاَّ! هل ليبيعوا ويشتروا ويستغنوا؟ كلاَّ! ولكن لماذا؟ اسمع: لماذا؟ ليستشهدوا!!!
ذهبوا بأنفسهم على أرجلهم، لينالوا فخر الشهادة للمسيح ويرحلوا عن هذا العالم، وهم كانوا في الطريق يترنمون كأنهم ذاهبون إلى العيد!
هذه هي المحبة، وهؤلاء هم المحبون!
مَن ذا الذي لا يشتهي المحبة؟
مَن ذا الذي لا يشتاق ويتحرك قلبه ليكون للحبيب مُحبّاً ومحبوباً!
وإن اشتهيناها كيف نهدأ قبل أن نملكها؟
وإن ملكناها فسوف نغلب بها العالم والموت!
«المحبة قوية كالموت» (نش 8: 6).
[ يا إخوتي، ليس لكلمات وعظي القدرة أن تعمل لتوسيع قلوبكم، فاطلبوا من الله لكي تحبوا بعضكم بعضاً، وهو يُعطيكم] - القديس أُغسطينوس. +
حياة المحبة الكاملة ابونا متى المسكين(1956)

الخميس، 9 أكتوبر 2008

الصوم والتجارب

"لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ" (أش 3:58). مبارك هو الصوم المقدس الذى تعيشه كنيستنا الآن مشتركة مع مسيحها القدوس فى صومه إذ سبق فقدم عنا صوماً مقبولاً لندخل به كل حين باسمه ننال قبولا أمام الله أبيه. وحتى لا تنقضى فترة الصوم المقدس ويجد الإنسان منا نفسه يسأل النبى فى العهد القديم مخاطباً الله قائلاً: لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ (أش 3:58) رغم أن الشعب كان قد قدم صوماً كاملاً من حيث شكله وترتيبه إذ يقول أشعياء النبى: "أمثل هذا يكون صوماً اختاره يوماً يذلل الإنسان فيه نفسه، لحين كالأسئلة رأسه، ويفرش تحته مسحاً ورماداً هل تسمى هذا صوماً ويوماً مقبولا للرب" (أش 58). وهكذا رفض الرب صومهم رغم وجود التذلل والمسوح والرماد إذ كان القلب بعيداً لم يمسه التغيير الحقيقى من قبل الله ليتحول إلى قلب لحمى جديد. ثم يعود النبى فيوضح لنا كيف نقدم الصوم المقبول الذى يؤثر فى قلب الإنسان ويرتبط مع تغيير حقيقى فيه إذ يقول: "أليس هذا صوماً أختاره. حل قيود الشر، فك عقد النير، إطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير، أليس ان تكسر للجائع خبزك وإن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك، إذا رأيت عرياناً أن تكسوه والا تتغاضى عن لحمك" (أش 3:58-9). 1- صومنا فى المسيح : نحن الآن نصوم فى صوم المسيح الذى صامه عنا، إذ سبق فقدم عنا هذا الصوم المقبول الذى ارتبط فى حياة رب المجد بالجسد بالنصرة الحقيقة، كان يحمل اجسادنا فيه، صام بنا ولأجلنا ثم تقدم منه الشيطان ليجربه فأنتصر لحسابنا وهكذا إن غلبنا فى آدم بالشهوة وغلبنا فى المسيح بالصوم، فمن يصوم مع المسيح حتماً يجتاز معه نفس النصرة التى حققها لنا على عدو الخير فوق جبل التجربة، كسر القيود واعطانا حرية حقيقية. كسر قيود الجسد حينما أجاب ابليس "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله". كسر قيود المادة حينما رفض ممالك العالم كله ومجدها حينما أظهر أن هذه كلها مرتبطة بالسجود للشيطان وقهره قائلاً: "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد". كسر قيود الذات حينما رفض المجد الباطل ومديح الناس والسعى وراء العجائب إذا اجابه "لا تجرب الرب إلهك". الصوم مع المسيح إذا حرية، الصوم الحقيقى يحررنا من رباطات كثيرة.2- حرية من الجسد : "إن كنت ابن الله فقل أن تصير الحجارة خبزاً" وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بكل كلمة تخرج من فم الله.. (مت 1-5) الجسد ليس شراً فى ذاته إنما هو إناء مقدس وهيكل لحلول الروح القدس وسكناه، إنه مسكن النفس الطاهرة التى خلقت على صورة الله، قد تدشن بالميرون المقدس بكل عضو من أعضائه أو حاسة من حواسه. الجسد هو المكان اذى تقابلنا فيه مع الله واتحد اللاهوت بطبيعتنا فى شخص يسوع المسيح فهو مقدس وطاهر ولكنها الشهوة‍، نعم شهوات الجسد، فالخطية حينما تملك، تسيطر خلال ميول الجسد الطبيعية والضرورية للحياة لتنحرف بها فتصير شهوات مدمرة للإنسان. لذلك يوصينا الرسول بولس قائلاً: "إذا لا تملكن الخطية فى جسدكم المائت لكى تطيعونها فى شهواته ولا تقدموا أعضاءكم آلات اثم للخطية، بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات بر لله" (رو 12:6،13). هكذا تملك الخطية فى (شهوات الجسد) فتتحول إلى لهيب يحرق الإنسان، ويدخل الإنسان فى صراع لإشباع شهواته الأكل، الشرب، الجنس، الزينة، الراحة، الكسل... الخ. يصير الجسد طاغياً يستعبد الإنسان وكل إمكانياته وطاقاته ليسخرها لتحقيق رغائبه وتصبح حياة الإنسان هى مجال تمتع وقتى باللذة الحسية والشهوة مردداً مع أبيفور لنأكل ونشرب لأننا غدا نموت. هناك يأتى الصوم ليقع الجسد فى مجل عمل وسيطرة الروح القدس ليقدسه ويجعله خادماً لخلاص الإنسان "أطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية ولا تشاكلوا هذا الدهر" (رو 1:12،2). فنحن بالصوم لا ننقطع تماماً عن الطعام وإنما بالعبادة، بالصلاة مع الانقطاع لفترة عن الطعام والابتعاد عن الأطعمة الحارة نضع الجسد خادماً لأقداس الإنسان وخلاصه. 3- حرية من المادة : "أراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى". للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد (مت 18:4)، وهكذا كشف الشيطان دون أن يدرى أن السعى وراء المادة والإرتباط بها مرتبط حتماً بالسجود له للشيطان. والمادة ليست شراً فى ذاتها فقد خلقها الله وقدسها لتعلن حضوره ومحبته ورعايته للإنسان ولكن حين تصبح هدفاً فى ذاتها وحين ينفصل الإنسان عن الله فلا يتناول المادة من يديه تتحول إلى إله يستعبد الإنسان ويذله. حين يعيش الإنسان فى دنيا الحواس فقط. يؤمن ويسعى وراء ما تدركه حواسه فقط يلهث وراء المادة واقتنائها وما لا يقع فى دائرة المادة يصير عنده غير معقول وغير حقيقى، حين يفقد قناعته بالسماء وبالأبدية، هذه المادة التى استعبدت إنسان عصرنا الحديث وجعلته آلة استهلاكية ضخمة مسخرة كل غرائزه وحواسه لها، (لاحظ اعلانات التليفزيون مثلاً). العالم ليس مادياً فى ذاته ولكننا نحوله إلى شئ مادى حينما نفصله عن الله حينما لا نتناوله بالقداسة والشكر. الصوم فرصة للتحرر من سلطان المادة لقبول عطية الروح. ويكون جسد الرب ودمه فى قداسات الصوم هو أول ما يدخل ويكون جسد الرب ودمه فى قداسات الصوم هو أول ما يدخل فم الإنسان. وحين يتقوى بالصلاة والعبادة. يصير المادة شئ روحى عنده يطلبها بمقدار احتياجه ليمجد اسم الله ويشكره.4- حرية من الذات والمجد الباطل : "إن كنت ابن الله اطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب انه يوصى ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكى لا تصدم بحجر رجلك (لا تجرب الرب إلهك)" (مت 6:4،7). إن الذات هى الخطية وموت الذات هو الخلاص، الذى التى تريد الخير والشر (تك 5:13). الذات التى كفيلة لو ملكت ان تهلك الإنسان إذ تحول كل سعيه إلى تراب وفناء لأن ما هو خالد وباقى فينا هو الذى يرتبط بالله وملكوته ومجد اسمه القدوس. الذات التى تظهر فى الأنانية البغيضة والفردية القاتلة حينما يرى الإنسان نفسه محور العالم. نفسه، أفكاره، احتياجاته، كلماته... الخ. هذه الذات التى تحجب وجه المسيح، انها السجن الذى يضغط على روح الإنسان الجديد محاولاً خنقه. طوبى للرحماء على المساكين فإن الرحمة تحل عليهم والمسيح يرحمهم فى يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم (مرد الصوم المقدس). هذه المسكنة بالروح التى طوبها المسيح له المجد. حينما أؤكد الآخر وأحبه وأعيش معه فى شركة أكون ابنا حقيقيا كذلك الذى جاء لا ليطلب مجد نفسه بل مجد الله وأعلن، "مجداً من الناس لست أقبل" (يو 41:5). "كيف تقدرون أن تؤمنوا وانتم تقبلون مجدا بعضكم من بعض والمجد الذى من الإله الواحد لستم تطلبونه" (يو 44:5)، ليتنا عندما نصوم، نضع امامنا هذا الهدف (الحرية) إن نتحرر بالمسيح "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تصيرون أحراراً" (يو 36:8). ربى يسوع يا من قدست جسدى بتجسدك أجعل جسدى هيكلا لك.. يا من قدست الخليقة لحلولك فيها. اجعلنى أقبلها من يديك وحدك لأشبع بها. بل اشبع فيها بحبك.. يا من أخليت ذاتك ولم تطلب مجد نفسك بل مجد الآب علمنى كيف أجلس معك عند اقدام اخوتى لأقبل المجد الحقيقى من الله أبيك. ربى يسوع - المجد لك وحدك إلى الأبد.

رجل يخاف الله

إخوتي الأحباء، إن حياتنا وأيامنا على الأرض طالت أم قصرت محدودة، فنحن نمتلك عدد محدود من السنوات لنعيشه ونحياه... ولأن السنوات تمضي ولا تعود، فإن سنوات حياتنا ثمينة جداً. ولهذا فيجب أن نهتم كيف نعيشها وكيف نستخدمها؟ فيجب أن نفكر ماذا فعلنا أو حققنا وأنجزنا؟ وما الذي لم ننجح فيه؟ ولماذا؟ وإن كانت هذه السنوات الماضية هي سنوات إعداد لِما هو آتٍ، فهل كنت خاضعاً ليد الرب ليُكمل إعدادك وتجهيزك للسنوات القادمة؟؟ وتُرى ما الذي تحلم به وتنوي بنعمة الله أن تحققه في الأيام بل والسنوات التالية؟
لهذا إخوتي الأحباء، فمع إقتراب عام من نهايته وعام جديد يلوح في الأفق، يجب أن نجلس ونهدأ مع أنفسنا ونراجع حياتنا أمام الرب وأمام كلمته. وأمام مقاييس الله في كلمته وخطته وأوقاته لحياتنا، تُرى هل عشنا له حسب مشيئته أم لا؟!
في الأيام الماضية إنشغلت بأحد رجال الله في العهد القديم من كتابنا المقدس. ورغم أن الكتاب لم يتحدث عنه كثيرأً بل ذكره في قصة واحدة أخذت حوالي أربعة عشرة أية فقط، إلا أنني أجد في حياته رسالة قوية لنا ومثالاً حياً لنتعلم منه ونراجع حياتنا عليه. ففي الأصحاح الثامن عشر من سفر ملوك الأول وبينما إيليا النبي الناري يخطف المشهد بحضوره القوي ومواقفه وإيمانه، فأننا لا نستطيع ألا نرى عوبديا ذلك المؤمن التقي والقوي. وكما أن الكتاب المقدس دائماً يُظهر بأمانة نقاط الضعف والقوة في حياة كل رجال الله لكي نتعلم منهم، إلا أن نقاط القوة في حياة عوبديا واضحة جداً وتخطف البصر والانتباه.
النجوم تتلالأ وسط الظلام
يا لها من عبارة صحيحة جداً! فالنجوم تحيط بنا طوال الوقت في السماء، ولكننا لا نلاحظها أو نراها بأعيننا إلا عندما يحل الظلام، فتظهر النجوم مضيئة ومتلألئة وسط ظلام السماء. وكلما كان الظلام حالكاً، كلما إزدادت النجوم وضوحاً ولمعاناً وجمالاً. والكتاب المقدس في سفر دانيال يُشِّبه المؤمن القوي الذي يحيا حسب مشيئة إلهه بالنجوم فيقول "والفاهمون يضيئون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور" دا3:12
هكذا كان عوبديا يا أحبائي نجماً لامعاً مضيئاً وسط ظلام المجتمع والشر والخطية. فمجرد نظرة واحدة إلى المجتمع الذي كان يحيا فيه عوبديا وحياة الشعب من حوله، ستكشف لك بوضوح كَمْ كان الظلام حالكاً وكيف كان عوبديا نجماً لامعاً!!
ففي تلك الأيام كان آخاب هو ملك إسرائيل وكان متزوجاً من إيزابل ابنة أثبعل ملك الصيدونيين وكاهن للبعل في ذات الوقت. وهذا الأمر جعل آخاب يقود كل مملكة إسرائيل لتسير وراء عبادة البعل. ويقول الكتاب المقدس بوضوح أن آخاب "وعمل.. الشر في عيني الرب أكثر من جميع الذين قبله" ويقول أيضاً ".. وزاد آخاب في العمل لإغاظة الرب إله إسرائيل أكثر من جميع ملوك إسرائيل الذين كانوا قبله" 1مل 16: 30 و 33.
ومن الواضح أن الذين ظلوا يتبعون الرب بأمانة ويعبدونه، قد صاروا قليلين بل ومختبئين وسط المجتمع حتى أن إيليا- وهو يتحدث إلى الرب فيما بعد- كان يظن أنه الوحيد الذي بقى يعبد الرب ويحيا له، فقال ".. قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدي.."1مل14:19
يا للظلمة يا أحبائي!! إن شعب الله الذي اختبر الله القدير على مر العصور.. نسل إبراهيم وإسحق ويعقوب.. أحفاد موسى ويشوع وداود رجال الإيمان قد تركوا الرب وصاروا يعبدون البعل!! الشعب الذي تربى على عبادة يهوه القدير الإله الحي قدوس إسرائيل صار يعبد عجلاً يرمز للخصب والرغبة الجنسية!! الشعب الذي تغذى على ذكريات المجد الإلهي وسط شعبه، كيف أخرجهم بضربات عظيمة من أرض مصر، الذي شق البحر أمامهم وسار في وسطهم في عمود السحاب والنار ليحميهم ويقودهم، الذي أشبعهم بالمَنْ من السماء وأخرج لهم من الصخرة ماءً ليشربوا. هل نسى الشعب كل هذا وأغواه العدو ليعبد البعل؟!
صديقي، دعني أسألك كيف تحيا وسط ظلمة الحياة؟ ماذا تفعل وكيف تتصرف عندما تجد مَنْ حولك ينحدر من وإلى الحياة في الخطية؟ ماهو موقفك عندما تجد أصدقاءك بل وأحباءك الذين كانوا يذهبون إلى الكنائس يوماً ما قد تنازلوا اليوم عن مبادئهم القديمة سعياً وراء المال.. أو الشهوة.. أوالجنس.. أو العاطفة والحب؟ ماذا تفعل وسط تيار الاباحية والتنازلات الأخلاقية؟ هل تنجرف وتنزلق معهم؟ وهل تختلط وتتلوث بجاذبية الخطية؟
يالها من ظلمة حالكة كانت تغطي الأرض في ذلك الزمان! وياله من موقف يحزن قلب الآب السماوي، الخالق القدير والأب المحب والفادي المحرر! فماذا فعل الرب؟ لقد أرسل إليهم إيليا النبي مشتعلاً وحاراً بالروح ليقودهم إلى التوبة.. أرسله لهم ليعيدهم إليه ويعلن لهم مَنْ هو الإله الحقيقي.. أرسله لهم ليتحدى البعل الذي يعبدونه معلناً لهم أن الذي له السلطان والقدرة هو الله يهوه القدير.. أرسله ليعلن رفضه لخطايا الشعب وتأديبهم على خطاياهم.. أرسله ليعلن أنه سيمنع المطر والندى على كل أرض إسرائيل..
كان الرب يريدهم أن يكتشفوا بأن البعل الذي يعبدونه لا يستطيع أن يعطهم المطر وأنه عاجزاً عن تغيير قرارات الإله الحي الحقيقي. كان يريدهم ألا يجدوا طعاماً فيجوعوا ويرجعون إلى الرب فيرحمهم ويعود ليباركهم ويشبعهم. ورغم هذا ظل الشعب عنيداً وقلبه قد تقسى. ورغم أن ".. كان الجوع شديداً في السامرة" 1مل2:18 لم يتحرك قلب آخاب الملك بالتوبة إلى الرب، بل وترك إيزابل زوجته تزداد كراهية لله وشعبه وصارت تقتل الأنبياء الذين بقوا من شعب الله.
صديقي العزيز، قبل أن أعود إلى عوبديا، أريد أن أشجع كل شخص يحيا في الظلام والخطية. فسواء كنت بعيداً عن الرب منذ زمان طويل أم كنت تحيا معه وأنزلقت في ضعف وغواية الخطية أو العالم، لا تخف ولا تفشل، فالرب مازال يحبك.. أنت لست مرفوضاً ورجوعك ليس صعباً أو مستحيلاً لديه، فهو قريب منك ويريد أن يشجعك للعودة إليه. ارجع إليه الآن.. اقبل دعوته.. احتمي بحضنه وسيعفو عنك ويغفر خطاياك وترجع أزمنة الفرج من وجه وحضور الرب.
والآن بعد أن رأينا كيف كانت الظلمة حالكة، تعال نرى كيف كان عوبديا نجماً مضيئاً ولامعاً.
1- يخشى الرب جداً
".. وكان عوبديا يخشى الرب جداً" 1مل3:18. كانت هذه هي شهادة الروح القدس نفسه عن عوبديا.. وعندما تحدث عوبديا مع إيليا قال له ".. وأنا عبدك أخشى الرب منذ صباي" 1مل12:18.
كان للأسماء مغزى هام في وسط شعب الله ولا سيما في العهد القديم إذ كانوا يعتبرونها رسالة نبوية عن حياة الشخص أو عن الأحداث المرتبطة بحياته. واسم عوبديا معناه "عبد أو خادم الله". ياله من اسم جميل يحمل معه تكليفاً ومسئولية منذ الطفولة بأن هذه هي دعوة الرب له! إن الرب القدير يريده أن يحيا عابداً وخادماً له كل أيام حياته.. وهذا ما عاشه عوبديا بالفعل. فمنذ صباه كان يحيا في مخافة الرب، الأمر الذي يعني أنه قد قَبِل نير الرب بفرح على حياته. بالتأكيد إن مخافة الرب مكلفة؛ فقد تضعه في تحديات أو مواجهات من أجل أن يظل أميناً مخلصاً لإلهه.. قد تجعل الآخرين لا يحبونه أو يبتعدون عنه.. قد تكلفه تضحيات وتنازلات.. ورغم كل ذلك ظل منذ صباه راسخاً ثابتاً لا يتزعزع.. عبرت الشهور والسنين وهو لا يزال يخاف الرب.
لهذا فرغم مكانته العظيمة لدى آخاب الملك ومركزه المرموق، إلا أنه لم يقدم أي تنازلات أو يختلط ويتلوث بعبادة البعل. يا أحبائي.. وسط الظلام الذي كنا نتحدث عنه وبينما كان كل مَنْ يعبد الرب يواجه بعداوة مثل الأنبياء الذين كانت تقتلهم إيزابل، إلا أن شهادة الكتاب عن عوبديا ظلت كما هي أنه "يخشى الرب جداً".
ياله من إمتياز أن تكون هذه هي شهادة الروح القدس عنك! فقد تحيا وسط أمواجاً من الخطية ولكن قلبك داخلك وخارجك يظل منفصلاً غير ملوث، ويرى الآب قلبك وحياتك ويشهد عنك "هذا لي.. إنه يحبني.. إنه يحيا في مخافتي..".
صديقي، لا تخف ففي مخافة الرب مكافأة عظيمة.. فرأس الحكمة مخافة الرب. ومؤكد أن مخافة الرب سوف تجلب لك بركات الرب وتجعلك تحيا في مشيئته. لذا هيا أعلن قبولك في نهاية العام أنك تغتسل من كل شوائب تلوثت بها أو تساهلت فيها وجعلتها تدخل إلى حياتك، وتعال لتبدأ عاماً جديداً في مخافة الرب.
2- مكانة عظيمة ونجاح
قال الكتاب عن عوبديا ".. عوبديا الذي على البيت" 1مل3:18 وهو تعبير يعني أنه كان يتمتع بمركز ومسؤولية كبيرة في بيت وقصر آخاب، وربما كان على مستوى رئيس وزراء له.
ويا للعجب أن نرى شخصاً يعبد يهوه القدير ويخاف الله في ذات الوقت، بل ويجعله آخاب زوج إيزابل الذي كان يعبد البعل في مكانة عظيمة في مملكته وبيته.. ولكن هذا هو الواقع الحقيقي. فمن الواضح أن حياة عوبديا في مخافة الرب جعلت آخاب يثق به ولا يستغنى عنه، لقد كان يعتمد ويتكل عليه رغم العداوة المتوقعة.
صديقي، هل تثق أن الرب قادر أن يحفظك ناجحاً في عملك وحياتك مهما كانت التحديات التي أمامك؟؟ هل تثق أنك ستنجح رغم تمسكك بإلهك ومبادئ كلمته؟! هل ستنجح رغم أنك في خضوعك للرب وكلمته رفضت أن تساوم أو تقدم تنازلات؟
إخوتي الأحباء، آمن أن مستقبلك ونجاحك ليس في يد الناس بل في يد الرب.. آمن أنك إذا عشت في مخافة الرب ستجد نعمة في عينيه، وسيعطيك نعمة في عملك وحياتك، وسيجعل أعداؤك يسالمونك.
دعني أضع هذا التحدي أمامك، أن يكون العام الجديد القادم هو عام للنجاح أكثر نجاحاً من كل السنوات الماضية. ثق في الرب القدير وآمن أنه سيبارك في عملك وسينجحك. اعلن بإيمان أنك لن تتنازل عن خضوعك للرب ومخافته.. اعلن أنك لن تتنازل عن مبادءك الروحية بل ثق أن الرب سيعطيك النجاح. قد لاتعلم كيف يمكن أن يحدث هذا، ولكن ثق في الرب أن يطور في شخصيتك وإمكانياتك ومواهبك. ثق فيه وأترك المسؤولية عليه وسيخرج كالنور برك وحقك مثل الظهيرة (مز37: 6).
3- دعوة خاصة وخطة إلهية
كان منصبه شائكاً والأوضاع حوله خطرة والجوع شديداً، لكنه كان يعلم أن له دعوة خاصة واستخدام من الرب يتناسب مع طبيعة حياته ومواهبه وإمكانياته.. وحسب الموضع الذي وضعه فيه الرب.
ورغم أنه كان ينظر بكل تقدير لإيليا رجل الله العظيم ويعرف أنه نبياً متفرغاً لعمل الرب، ولكنه لم يحتاج أن يكون مثله بل أدرك أن الله سيستخدمه في دورٍ خاص حسب حياته هو. لهذا كان يعمل بأمانة في منصبه، ومن المؤكد أنه كان يسأل الرب كل يوم "ماذا تريد مني أن أفعل اليوم وكيف سأحقق مشئيئتك؟".
وفجأة في أحد أيام الجوع وجد الفرصة أن يخدم الرب بطريقة عظيمة، بطريقة لم يستخدم الرب بها إيليا ذاته. لقد أدرك لماذا سمح الله له أن يكون في هذا المنصب وبكل هذه الإمكانات. في ذلك الوقت كانت إيزابل تقتل الأنبياء الذين في وسط شعب الله، فأخذ عوبديا مئة من هؤلاء الأنبياء وخبأهم في مغارات خمسين خمسين ليحميهم ويعتني بهم (1مل18: 4). كان هذا هو العمل الذي استخدمه فيه الرب والذي ربما لأجله وضعه الرب في هذه المكانة وأعطاه هذه الإمكانات.. مائة من رجال الله سينقذهم عوبديا من يد إيزابل، وسيجدوا شبعاً وتسديداً لاحتياجاتهم بسبب عوبديا.
أخي وأختي.. هل حققت مشيئة الله لك في العام المنقضي؟ وهل عشت للرب من خلال عملك وحياتك العملية؟ وهل أحسنت استغلال المواهب والإمكانات التي أعطاها لك الرب وتاجرت بها؟ وهل عرفت الدور الذي كان الرب يريدك أن تقوم به؟؟
صديقي، كَمْ من أدوار فارغة وشاغرة في حقل المسيح! لماذا؟ لأن الذين يجب أن يعيشوا للرب ويملأوا هذا الفراغ لم يحققوا مشيئة الرب لهم.. البعض منهم منشغل بحياته دون الانشغال بالرب.. وآخرون يصارعون لأجل تحقيق أدوار لتقليد حياة خدام آخرين ولكنها أدواراً لم يدعوهم إليها الرب ولا تتناسب مع إمكاناتهم ومواهبهم.
هل تصلي معي أن تكون في العام الجديد خاضعاً تماماً للرب ولمشيئته، ومتاحاً بين يديه ليحقق بك خطته؟ هيا اعطه حياتك بالكامل واطلب منه كل يوم أن يقودك لتعرف ماذا يريدك أن تفعل اليوم وسط تفاصيل وزحام حياتك اليومية.
4- مغامرة إيمان وعطاء بلا حدود
إن ما قام به عوبديا كان بكل تأكيد مغامرة إيمان.. لقد كان يغامر بكل شيء ليتمم ما كلفه به الرب. كان يغامر بمنصبه وبمكانته بل وبحياته أيضاً. من المؤكد أنه كان يفكر ماذا لو أدركت إيزابل وآخاب أن عوبديا ذو المنصب الرفيع في قصر آخاب هو الذي يخبئ الأنبياء ويعتني بهم؟؟ ماذا سيفعلون معه؟ هل سيقتلوه؟ أم سيكتفون بطرده من منصبه؟ بالفعل كان يغامر بكل شيء.
ولكن ليس هذا فقط، لقد كان الجوع عظيماً في السامرة حتى أن آخاب طلب منه أن يذهب في كل الأرض يبحث عن عيون ماء وعن عشب لكي لا يفقد الخيل والبغال ولا يفقد البهائم كلها (1مل18: 5). ومن المؤكد أن كثيرين لم يكن لديهم ما يكفي أن يطعمهم. وفي وسط كل هذا كان عوبديا يدبر طعاماً لمائة رجل كل يوم!! لم يتساءل متى ينتهي إنقطاع المطر؟ ماذا لو إنتهى ما عنده من طعام أو مال؟ لم يخف على عائلته وأولاده لأنه وثق في الرب!! بالفعل لقد غامر عوبديا بكل شيء أمواله.. طعامه.. عائلته وأولاده.. منصبه.. وحتى حياته لكي يتمم مشيئة الرب ودعوته لحياته.
أحبائي، عندما تحب الرب من كل قلبك وتحيا له، يفيض روحه القدوس في داخلك ويجعلك تفعل أموراً عجيبة من أجله.. سيشتعل حبك له وتفيض مشاعرك وإخلاصك له، فتتفجر فيك طاقات من العطاء والبذل لم تختبرها من قبل وربما لم تتوقعها أو يتوقعها مَنْ حولك.
في الختام
صديقي، أدعوك من كل قلبي مع نهاية عام وبداية آخر لجلسة صادقة مع نفسك أمام الرب. اجعل العام المنقضي يعبر أمام عينيك لتسأل ماذا فعلت وماذا أنجزت؟ كَمْ كنت متاحاً للرب ليعمل فيك مشيئته؟ وابحث عن نقاط الضعف والقوة. افرح بكل إنجازات و معاملات الله معك.. افرح بكل مرة استخدمك الرب فيها وتوقف عند نقاط الضعف والفشل لتتأمل فيها.
صديقي، قد تقول لي أنا تعلمت أن أنسى ما وراء!! لن أعترض أن تنسى أحزان الماضي وأوافقك ألا تسمح لإبليس أن يسجنك في فشل أو خبرات الماضي، ولكن أدعوك ان تتعلم من الماضي. يا أحبائي إن الماضي يستحق أن ننظر إليه فقط لنتعلم منه ونعرف أين أخفقنا ولماذا؟ وأين خدعنا العدو أو عطلنا؟ هيا انطلق نحو الرب ليعمل فيك بالروح القدس.. هيا قدم توبة عن أخطائك وتقصيراتك فيغفرها لك.. هيا قدم ضعفاتك وعيوبك ليعالجها ويصححها بالروح القدس.. اطلب منه معونة جديدة لتسعى للأمام وتحقق ما فشلت فيه.. وثق أنه قادر أن يعوضك عن الماضي إذا تبت عن أخطائك وطلبت التغيير.
أدعوك أن تجدد حبك للرب وتبعيتك له.. قدم حياتك في تكريس وتخصيص له.. اطلب روح الله أن يفيض في داخلك ويملأ قلبك فيُشكلك ويدفعك لتحيا عاماً رائعاً جديداً مع الرب.. عاماً يمتلئ من مغامرات الإيمان ومواقف البذل والعطاء..عاماً تحياه في مخافة الرب فتصنع فيه مشيئته وتحيا لأجله.. فيكون بالفعل عاماً جديداً.
الرب معك

تاملات في الميلاد


جاء في المزامير عن ميلاد "الله الكلمة المتجسّد"....الرب يسوع المسيح...التالي: Ps:68:11: "الرب يعطي كلمة.المبشرات بها جند كثير"...... وهذا حدث للرعاة.... فلنقرأ القصة:". وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. واذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما.
فقال لهم الملاك لا تخافوا. فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمطا مضجعا في مذود. وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة" (لوقا 8:2-14).....وبعدها يُخبرنا إشعياء النبي عن ولادته من عذراء، قائلاً: "Is:7:14: "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل".وعن ولادته في بيت لحم، يخبرنا النبي ميخا: "Mi:5:2: "اما انت يا بيت لحم افراتة وانت صغيرة ان تكوني بين الوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على اسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ ايام الازل".
في الحقيقة، كل الأنبياء في العهد القديم تنبّأوا عن مجيء المخلّص.....وكل واحد منهم أخبرنا عن جانب من صفاته أو حياته..... ومن يودّ أن يرى الرب يسوع في العهد القديم، فليقرأ كتاب "المسيح في الكتب"..... أنا شخصياً اشتريته من دار الكتاب المقدس في دمشق... وهو كتاب رائع جداً....وكما قلت: كل الأنبياء أشاروا بإصبع البنان إلى الرب يسوع.....ولم يكن النبي يُعتبر نبيّاً إن لم يتكلّم عن السيد المسيح.....
يخبرنا سفر التثنية عن ثلاث شخصيّات حدّدها الله هو، ولم يقبل أن يفرضها الشعب فرضاً.... وهؤلاء الثلاثة هم:1- الملك: " متى أتيت الى الارض التي يعطيك الرب الهك وامتلكتها وسكنت فيها فان قلت اجعل عليّ ملكا كجميع الامم الذين حولي. فانك تجعل عليك ملكا الذي يختاره الرب الهك. من وسط اخوتك تجعل عليك ملكا. لا يحل لك ان تجعل عليك رجلا اجنبيا ليس هو اخاك" (تثنية 14:17، 15)2- الكاهن: " لا يكون للكهنة اللاويين كل سبط لاوي قسم ولا نصيب مع اسرائيل. ياكلون وقائد الرب ونصيبه. فلا يكون له نصيب في وسط اخوته. الرب هو نصيبه كما قال له" (تثنية 1:18، 2)... وسبط لاوي هو أحد الأسباط الإتثي عشر الذي فرزه الرب نفسه لخدمة الكهنوت....ولا يكون له ملك أرض مثل إخوته، لأنه الرب هو نصيبه....ونِعم النصيب.3- النبي: "يقيم لك الرب الهك نبيا من وسطك من اخوتك مثلي. له تسمعون......قال لي الرب قد احسنوا فيما تكلموا. اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به. ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه" (تثنية 15:18، 17-19). وهنا الكلمات "مثلي...مثلك" أي مثل الله ومثل موسى الإنسان...أي يجمع بين الله والإنسان....الله المتجسّد....لم يقم ملك على إسرائيل إلا وكان إسرائيلياً بحتاً (من الأسباط الإثني عشر)......اللّهم سوى هيرودس الملك الذي لم يكن يهودياً، بل رومانياً.....والذي فيه تحقّقت نبوءة يعقوب أبو الأسباط قائلآً لابنه يهوذا (الذي جاء السيد المسيح من سبطه): "Gn:49:10: "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى ياتي شيلون وله يكون خضوع شعوب".... وهكذا حين زال قضيب الملك من الشعب الإسرائيلي، وُلد الرب يسوع......الذي هو ليس فقط ملك....بل Rv:17:14: "هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لانه رب الارباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون"...."فخررت امام رجليه لاسجد له.فقال لي انظر لا تفعل. انا عبد معك ومع اخوتك الذين عندهم شهادة يسوع. اسجد للّه. فان شهادة يسوع هي روح النبوة. ثم رأيت السماء مفتوحة واذا فرس ابيض والجالس عليه يدعى امينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار وعلى راسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس احد يعرفه الا هو. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله. والاجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزا ابيض ونقيا. ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الامم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء. وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الارباب" (رؤيا 10:19-16)... .والذهب يرمز إلى الملوكية....وهذه كانت هدية المجوس الأولى للمولود في المغارة....والرب يسوع جاء ليقوم بخدمة المصالحة، التي هي وظيفة الكاهن أيضاً.....يصالحنا مع الآب السماوي بإلغاء الصك الذي كان ضدنا...... ولم يكن مجرد كاهن، بل "Heb:6:20: حيث دخل يسوع كسابق لاجلنا صائرا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة الى الابد".....Heb:7: 26: لانه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار اعلى من السموات".....Heb:8: 1: "واما راس الكلام فهو ان لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السموات".....Heb:9: 11: "واما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الاعظم والاكمل غير المصنوع بيد اي الذي ليس من هذه الخليقة".... وبما أنه كاهن، بل رئيس كهنتنا، قدّم له المجوس اللّبان (البخور).....وكون الرب يسوع هو النبي الذي كان الشعب ينتظره، قدّم له المجوس المُرّ الذي يرمز أيضاً للنبوّة (كما للآلام)......وبما أن الكاهن والملك المذكورين في سفر التثنية حدّد الله أن يكونا من الشعب اليهودي (وليس من أي شعب آخر)، هكذا أيضاً النبي المذكور هناك يجب أن يكون من الشعب اليهودي (وليس من أي شعب آخر)..... والقول (من وسطك، من بين إخوتك) ينطبق فقط على اليهود (إذ الملك عليهم كان دائما منهم، والكاهن أيضاً).... وماذا يخبرنا الكتاب المقدس عن النبي الذي كان الشعب ينتظره؟.....Mt:21:11: "فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل"...وهذه هي شهادة يوحنا حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من انت. فاعترف ولم ينكر واقرّ اني لست انا المسيح. فسألوه اذا ماذا. ايليا انت. فقال لست انا. النبي انت. فاجاب لا" (يوحنا 19:1-21)....Jn:6:14: "فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا ان هذا هو بالحقيقة النبي الآتي الى العالم".....Jn:7:40: "فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي"..... والرب يسوع أنبأنا عن الكثير من الأمور التي ستحدث، مثل ذلك: موته وقيامته بعد أيام ثلاثة (قال ذلك 3 مرات)....خيانة يهوذا وبطرس وباقي التلاميذ (حين هربوا وتركوه وحده).....السمكة التي اصطادها بطرس وفيها الذهب الكافي لدفع الضريبة....موت لعازر.....إلخ......وهكذا تجتمع تلك الشخصيات الثلاثة في طفل مغارة بيت لحم.....متجلّية بهدايا ملوك الأمم.....فالرب يسوع صالح الجميع مع الآب....وأما الذين يقبلونه (من يهود أو أمم) ينالون التبنّي للآب السموي، كما يقول يوحنا:واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يوحنا 12:1)
كانت الطريق من الناصرة إلى بيت لحم شاقة للعذراء مريم الحامل بالرب يسوع......مع ذلك لم تتذمّر!......لم تقل ليوسف: دعنا ننتظر يوماً أو يومين حتى ألد!.....لن تهرب الدنيا!....... بل استسلمت لمشيئة الرب بكل بساطة وتواضع...........ولم تتذمّر أيضاً عندما لم يجدا لهما مكاناً يبيتا فيه.....فرضيت المبيت في مغارة بيت لحم التي كانت تستعمل كزريبة للحيوانات.........فمن يملك الرب يسوع في قلبه، لا يهمّه الدنيا وما فيها....وهكذا كان حال الرهبان الذين تركوا هذا العالم غير آسفين عليه.....مستسلمين ليد الرب الحانية!....انتظر الرب يسوع حتى أخذ كل واحد مكاناً له في فندق، أو عند قريبن أو صديق، أو أحد أهل الخير المضيافين...... ووصل آخر الكل..... وكأنه يودّ لنا أن نكون مرتاحين آمنين.....وهو؟... لايهمّ....أنا يكفيني هذه المغارة.....التي سأجعل من مذودها عرشي.....وإليها سيأتي القاصي والداني ليسجد لي مع المجوس..... لا أريد لي مكاناً على هذه الأرض الملعونة..... مكاني السماء.....هناك مجدي الذي أخليته من أجلكم......أخذت صورة العبد كي أخدمكم..... أبدلت لكم هذا الطعام الحيواني (التبن في المذود) إلى طعام روحاني سماوي....جسدي المكسور من أجل خلاص العالم.....خبز الحياة الذي من يأكل منه يحيا إلى الأبد...... اتركوا العالم وما هو للعالم، وتعالوا إليّ يا كل المتعَبين بأثقال الخطايا، فأريحكم منها......أعطيكم صكّ حرّيتكم من الخطيئة....بطاقة سفر باتّجاه واحد إلى الملكوت.....أزيح عنكم الغضب الموعود به لأبناء المعصية.... جئت لأجدّد طبيعتكم الفاسدة بالخطية..... أنا آدم الثاني المنتصر على الشيطان وتجاربه وحيله.... إن بقيتم بطبيعة آدم الأول، فلن تروا الملكوت، بل اللعنة والغضب..... تخلّصوا من الأول!.... واحملوا الثاني..... الأول أورثكم الموت والذل والهوان، وأوقعكم تحت غضب الله..... أما أنا فجدّدت لكم طبيعتكم....طهّرتها....قدّستها.....فصرتم أهلاً (من جديد) للميراث...... آدم الأول محكوم عليه بالموت.....أما أنا منحتكم الحياة....فلنخلع - أحبائي - الإنسان القديم....إنسان الخطيئة والموت واللعنة والغضب....ولنلبس الثاني الذي حرّرنا من كل هذا........ فلنعتمدْ على اسمه القدوس، فيموت الأول ويُدفن في جرن المعمودية، ويقوم إنساناً جديداً طاهراً من كل إثم، غير محكوم عليه بعد....لا يعبر إلى الدينونة.... فإن أصرّينا على الأول، فالويل لنا.......ولنأكل جسد الثاني.....الغذاء الروحي.....الخبز النازل من السماء.....فيسؤي في أبداننا نسغ الحياة، وتتغذّى نبتة الحياة فينا فتبقى خضراء وارفة........هلمّ إلى الرب يسوع في المغارة......خالعين حتى الرداء النجس من إنساننا العتيق......فنحصل على الدفء...على الرحمة والسلام.....على الحب الخالص..... فمن يتأمل في الميلاد، يودّ لو يبقى أبد الدهر في المغارة........هناك حيث Ps:85:10 "الرحمة والحق التقيا. البر والسلام اجتمعا"...
 

Hit Counter
Dating Site