الجمعة، 3 أكتوبر 2008

مواجهة مع الله

يمكن الكلام فى الرساله دى كتير بس مهم وكويس جدا ياريت الكل يقرءه حتى لو على مراحل
لا أقصد بهذا العنوان أننا نتحدى الله أو نواجهه بمعنى أن نعارضه ... حاشا لنا ‏من هذا الفكير أو هذا السلوك ... ولكني أقصد هنا المرات الكثيرة التي ينجح فيها ‏الشيطان فيحولنا في مواقف معينة ويجعلنا في مواجهة مع الله ... ‏فبدلاً من الدعوة الموجهة من الله للبشرية بأن يكونوا أولاداً لله ... أبناء .. يحول ‏الشيطان البعض منا ليكون في بعض الحالات في مواجهة مع الله..‏
فمثلاً :=‏
الشيطان يأتي لنا بفكرة ما ... ولنأخذ مثل الصلاة ... تقوم أنت بالصباح مثلاً ‏وتختلي بالحبيب .. وبعد أن تنتهي وأنت تشعر بالتعزية وبلمسات الرب لك .. ‏يأتي عدو الخير بفكرة ؛ ويقول لك: كنت مستعجلاً في صلاتك ... وكذلل قراءتك ‏للإنجيل في الخلوة كانت سطحية ...‏ هو لا يفعل أكثر من ذلك .. بحيث أنك لو قبلت الفكرة فستدين نفسك .. وسيعكر ‏صفو سلامك .. وبدلاً من الاستفادة فيما قرأت يكون همك أنك كنت مقصراً في ‏الصلاة ... فيسحب البركة منك ويتركك في تأنيب الضمير بأن صلاتك كانت ‏ناقصة. ‏
الكارثة أننا نقبل أفكاره ونتعامل معها وكان المفروض أن يكون لنا روح الإفراز ‏لندرك أفكاره التي يسحب بها السلام منا .. في القديم أعطاه الانسان الأول فرصة ‏للحوار معه .. فقدم له فكرة شككته في محبة الله ... وأنه لو أكل من الشجرة ‏ستنفتح عينيه وسيكون مثل الله يعرف الخير والشر ... هذا ما فعله عدو الخير بث ‏الأفكار ..قبلت حواء الفكرة وتفاعلت معا وتبنتها وطبقتها ... وهنا تركها عدو ‏الخير لتواجه الله ..‏ إذن ما يفعله معنا عدو الخير هو أنه يقدم أفكار ونحن نتفاعل معها ونتبناها سلوكاً ‏لنا فنسقط فيها... نسقط في فخه فيجعلنا في مواجهة مع الله ...‏ وبعد ذلك لا يتركنا .. ففي المواجهة مع الله .. يبدأ ببث فكر جديد ... أن الله ‏يرفضك ... الله غاضب عليك لأنك لم تصلي بطريقة جيدة ... الله لن يباركك لأن ‏صلاتك كانت قصيرة .. الله لا يمكن أن يعتبرك ابناً له ... الله لا يحبك لأنك لا ‏تصلح لهذا المقام الرفيع؛ فهو لأناس أعلى درجة منك ... ‏
يبث هذه الأفكار ويجلس يتفرج عليك وأنت تترنح أمام السلام الذي يهرب من ‏قلبك شيئاً فشيئاً ...‏ يعني يبدأ في بث الفكرة بأنك كنت مقصراً ؛ يدخلك في المواجة مع الله ... التي ‏يضيف هو لها بعداً جديداً وحرباً أخرى بأن الله لن يقبلك بسهولة وأنك غير مؤهل ‏لحياة الشركة معه ...‏ وبالمناسبة هو لا يهدأ ويستمر في نقلك من يأس إلى آخر محاولاً أن يبعدك قدر ‏الإمكان عن مصدر الحياة والنور الذي هو شخص الرب يسوع المسيح الله ‏المتجسد ...‏
إذن : دعونا نحلل هذا الكلام ونتعرف على نقاط ضعفنا هنا ؟
نقاط الضعف هنا هي كالآتي:‏
‏1- أنني أسمع له .‏
‏2- أنني أصدقه .‏
‏3- أنني أبدأ في التفاعل مع ما يقول .‏
‏4- أنني أضع نفسي في مواجهة مع الله ؛ فأبدأ في محاولة النقاش مع الله في أنني ‏أكملت الصلاة بصورة جيدة – طبعاً هنا الصلاة كمثال- وأنني قرأت الكتاب ‏المقدس بصورة جيدة .. إذن .. لقد نجح الشيطان في أن يخدعني بأن الله غاضب ‏علي ونجح في أن يحولني للحديث مع الله ليس على أساس حديث الحب معه وإنما ‏حديث تبرير الذات أمام الله ...‏
‏5- أتقبل المزيد من الأفكار التي يعرضها لي عدو الخير ليبعدني عن الله ‏ويوصلني إلى حالة من اليأس أفقد فيها رجائي بالخلاص...‏
هذه خمس نقاط ولا شك أن هناك أكثر من ذلك ... ‏
ولكن دعونا الآن لنعود لهذه الخمس نقاط ونعرف علاج كل واحدة منها ...‏
‏1- أنني أسمع له:= ... هنا نحتاج إلى روح الإفراز لنعرف إن كان هذا الفكر ‏من الله أم لا ؟... قرأت منذ زمن بعيد عن القديس أنطونيوس مؤسس الرهبنة في ‏العالم المسيحي ... أنه أثناء اليوم جاءه فكر يقول له .. قم وصلي ! وبروح ‏الإفراز أدرك أن هذا الفكر ليس من الله حيث أنه ... أولاً هو أساساً مشغول ‏بالصلاة المستمرة مع الله طيلة اليوم .. فالعقل يلهج في صلاة مستمرة غير ‏منقطعة .. كما أنه كان منذ دقائق معدودة في خلوته الروحية التعبدية التي صلى ‏فيها ... فعرف أن هذا الفكر من عدو الخير؛ فكر حرب يريد أن يقول له أنت ‏مقصر ... المهم أنه لم يستجب لهذا الفكر ..‏
ولهذا قال الكتاب المقدس في (2كو 11 : 14)... و لا عجب لأن الشيطان نفسه ‏يغير شكله الى شبه ملاك نور فليس كل فكرة جميلة هي من الله ... الشيطان ‏يحاربك حتى بالأفكار الجملية ليجعلك في مواجهة مع الله ... ألم يقل للسيد حينما ‏رآه جائعاً في (مت 4 : 3) .. ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا ‏
الفكرة شكلها جيد وهو إشباع الجوع ولكنها فكرة شيطانية فيها سيحول السيد ‏المسيح قدرته المعجزية غير المحدودة لإشباع ذاته .. وهو الذي اختار أن يشارك ‏البشرية الألم والجوع والفقر ... فهنا لو فعل السيد فكرة الشيطان لكان محباً لذاته ‏فاستخدم قوته لإشباع ذاته وحاشاه السيد الكريم وهو الذي كرس قوته المعجزية ‏لأجل فداء وخلاص وإيمان البشرية ... ولذلك رفض السيد عرض الشيطان حتى ‏ولو كان في قالب مشروع وجيد ... ‏
ولا ننسى أن الوحي المقدس يقول في (2كو 11 : 14)... و لا عجب لان ‏الشيطان نفسه يغير شكله الى شبه ملاك نور...‏
‏ إذن علينا أن نعرف مصدر الفكر أولاً ... فإذا كان الفكر قد بدأ يسحب سلامك ‏فاعرف أنه ليس من الله ... إذن النقطة الأولى ... يجب أن لا نسمع له ... وليس ‏ما أقصد اننا نغلق آذاننا ... فصوته سيصل لنا بلا شك ... ولكني أقصد أن لا ‏نعطيه الفرصة لكي ما يقول لنا ما يريده .. وعلينا أن نحاربه بثوابت واضحة في ‏الكتاب المقدس ... وهي أن الله يحبنا ونحن أبناءه؛ وأننا لن نفقد هذه البنوة لو ‏قصرنا في عمل ما .. ‏
وأنه قبل هذا وذاك لا يطالبنا بطريقة معينة في الصلاة؛ وإلا بدونها لن يقبلنا .. ‏إنه يطلب العمق وليس الكم وأنه سيعلمنا في المرات القادمة كيف نصلي وسنتلذذ ‏به .. ‏
إذن قل لعدو الخير ... قل له أتركني أنا وربي وسيحل هو هذه المشكلة وأنت ليس ‏لك مكان عندنا أو بيننا ... قل له : أنا أحب أن الله يحلها لي وليس أنت ... وحل ‏الله لها أفضل من مليون حل منك ..‏
أخي وأختي ... لا يجلس الواحد منا فقط مستمع للشيطان... عليك أن ترد الأفكار ‏بآيات كتابية كما علمنا السيد في حرب الشيطان له ... فقد رد عليه السيد الرب ‏وقال له في (لو 4 : 4)... مكتوب أن ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل ‏كلمة من الله .. رد عليه بالمكتوب ولكنه لم يحاوره .. فنحن لسنا مدعوين ‏لمحاورته وإنما لمجاوبته بسيف الكلمة الحية التي لنا ...‏
عليك أن تكون مستعداً لترد الفكر بفكرة كتابية عن يد الله الحافظة لأولاده عبر ‏التاريخ ...‏
ولذلك قال أحد القديسين: إحفظ المزامير تحفظك المزامير ... بمعنى أن يكون لك ‏ذخيرة من الكلمة الحية لتواجه بها عدو الخير إذا ما هاجمك لتدافع بها عن ‏حصونك الروحية ...‏
قال الوحي المقدس في (مز 119 : 105) سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي ‏
ويقول أيضاً في (مز 119 : 11) ... خبات كلامك في قلبي لكيلا اخطئ اليك ‏
‏ إذن هذا هو علاج النقطة الأولى بأننا نسمع له وذلك بأن يكون لنا الآية الكتابية ‏أو الموقف الكتابي أو كليهما لنرد به عليه....‏
‏2- أنني أصدقه :=... وهذا هو الخطأ التاريخي الأكبر الذي سقط فيه الإنسان ‏بأنه صدق كلام الشيطان ... فالوصية التي وضعها الله لآدم هي : وأما شجرة ‏معرفة الخير و الشر فلا تاكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت (تك 2 : ‏‏17)‏
أما عدو الخير فقال في (تك5:3و4) : لن تموتا ؛ بل الله عالم انه يوم تاكلان منه ‏تنفتح اعينكما و تكونان كالله عارفين الخير والشر ‏
المشكلة انهم لم يصدقوا الله وصدقوا الشيطان ... الشيطان الذي نجح في تشكيكهما ‏في محبة الله (بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما و تكونان كالله عارفين ‏الخير والشر) ففكرت حواء .. إذن الله لا يريد أن تنفتح أعيننا ولا يريدنا أن نكون ‏آلهة مثله ... إنه لا يحبنا ... لا يريدنا ان ننافسه على الألوهة ... إذن لنأكل من ‏الشجرة ولنصر آلهة ... لقد نجح الشيطان في جعل الإنسان في مواجهة مع الله ‏الذي لا يريده أن يصير إلهاً منافساً له ... ‏
هكذا نحن أحبائي .. نقف يومياً في ذات الطابور الذي وقف فيه الإنسان الأول؛ ‏ونصدق عدو الخير في الكثير من الأفكار التي يبثها لنا والتي يكون هدفها الأول ‏هو وضعنا في مواجهة مع الله ...‏
ينبغي لنا أن نعرف أن السيد المسيح قال عن الشيطان في (يو 8 : 44): ذاك ‏كان قتالا للناس من البدء و لم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب ‏فانما يتكلم مما له لانه كذاب و ابو الكذاب ..‏
فكيف نصدقه ونكذب الله ؟ نظرياً نحن نقول لا ... إننا نصدق الله ... ولكن ‏عملياً كثيراً ما لا نصدق الله الذي وعدنا بمحبته وعنايته لنا ونصدق عدو الخير ‏الذي يخيفنا ويسلب السلام من قلوبنا ... بينمت يصدق البعض منا نظرياً الله؛ ‏يقولون عملياً أين الله ؟... أنا لا أظن أنه يحبني وهو لا يسمعني ... هذا هو ‏صوت الشيطان ونحن نردده ... إذن عملياً يجب أن نتغير ... يجب أن نتعلم كيف ‏لا نصدق عدو الخير ... يجب أن نقول في صلاة سريعة ... إنقذنا يا أبونا ‏السماوي من عدو الخير ... إنقذنا من الكذاب وأبو الكذاب ... ثبتنا في سلامك ... ‏ردد صلوات سريعة وقوية وواثقة ... عندما يهامجك عدو الخير ... لا بد أن يجد ‏عندك السلاح الذي يقهره ... السلاح هو الكلمة الحية التي هي أمضى من كل ‏سيف ذي حدين ... أما إذا وجدك خاوياً خالياً لا روح فيك ولا كلمة ... فماذا ‏سيقول يا ترى ؟! سيقول ارجع الى بيتي الذي خرجت منه فياتي و يجده فارغا ‏مكنوسا مزينا؛ ثم يذهب و ياخذ معه سبعة ارواح اخر اشر منه فتدخل و تسكن ‏هناك فتصير اواخر ذلك الانسان اشر من اوائله ....‏
إنه يضاعف عليك الحرب ولن يتركك حتى يضمن هلاكك فاحذر ولا تيأس مهما ‏كانت حالتك التي وصلت لها من الخطية وسأترك لك تأملاً في نهاية هذه الكلمة ‏عن هذا الموضوع فارجو المتابعة .. ‏
‏3- أنني أبدأ في التفاعل مع ما يقول:‏
نعم مشكلة الإنسان الأول أنه لم يسمع ويصدق فقط ... بل إنه امتد إلى التنفيذ .. ‏وبمجرد أن بدأ ينفذ فكر الشيطان ... أصبح تلقائياً هو المسئول عن هذا الفكر.. ‏لأنه صدقه وتفاعل معه ... وها هو ينفذه ... إذن فبعد ان كانت هي أفكار ‏الشيطان أصبحت الآن هي افكاري أنا ... أنا المسئول عنها الآن ... لقد بدأت في ‏تنفيذها ... وهكذا نجح الشيطان في تصدير أفكاره لي وجعلني أصدقها .. أتبناها ‏وها أنا أمارسها ... لم تعد أفكاره بعد الآن ... لقد أصبحت أفكاري وهي الآن ‏جزء مني فأنا أعيشها ... ‏
يا للهول ... ما الذي فعله عدو الخير .. أنظر أخي الخطوات التي يفعلها معنا .. ‏‏... لقد بث الفكرة لي ... كانت في عقلي ... فصدقتها ... وعلى الفور تحولت ‏من العقل إلى القلب إلى المشاعر ... فتلذذت بها ... ثم ماذا ؟ لقد تحول الفكر إلى ‏مشاعر والآن أريد أن أنتقل إلى التنفيذ .. فأنفذها... لقد أصبحت أفكاري بعد أن ‏كانت أفكاره هو ...‏
لاحظوا أن السيد الرب يعلمنا أن الخطية خاطئة جداً ... وأنها طرحت كثيرين ‏جرحى وكل قتلاها أقوياء ... وفي الإتجاه الآخر يعرض الشيطان الخطية ويجملها ‏وقد يبررها لي .. ويخدعني بأن فيها لي لذة ومتعة .. وفيها لي أشياء جديدة لم ‏أختبرها من قبل ... يخدعني بنوال هذه اللذة الفريدة والجديدة ... نظرياً أصدق ‏السيد المسيح ... وعملياً أحياناً ربما نسقط ...‏
فماذا نفعل ... أخي وأختي ؟!... لنعمل على طرد الفكرة وهي في عقلنا .. قبل ‏أن تنتقل إلى القلب والمشاعر ... حاول أن لا تتلذذ بالفكرة ولا تحولها إلى ‏خيالات وصور في مشاعرك وقلبك ... وأذا حدث ذلك عليك أن تعتبر نفسك ‏مخطئاً بالقلب والضمير ... وحاول أن لا ينتهي بك الأمر إلى تنفيذ هذه الفكرة ... ‏
إذن لا تستهين بالفكرة منذ ولادتها في عقلك ... يجب أن تتعلم كيف تطردها ‏بروح الصلاة السهمية السريعة .. كأن تقول مثلاً ... ياربي يسوع المسيح ابن الله ‏الحي ارحمني أنا الخاطيء ... ردد هذه الكلمة أكثر من مرة بعمق وبقوة وبشكر ‏‏... قول لنفسك ... المسيح أحلى من كل فكرة ... المسيح ألذ وأطعم من كل ما ‏في هذا الوجود .. كن واثقاً بأنه يسمعك ويفرح بك .. يفرح بمحاولة تنفية افكارك ‏بعونه ... ثق أن روح الله القدوس موجود في قلبك .. وانه على استعداد أن ‏يملاءك ويعرفك حلاوة الرب وروعته ...‏
لا تنسى دعوة الوحي المقدس لنا في قوله (ذوقوا و انظروا ما اطيب الرب (مز ‏‏34 : 8). .. إذن نحتاج أن نتعلم أن نلبي هذه الدعوة الإلهية ونتلذذ بالرب .. قل ‏له علمني يا رب كيف أتلذذ بك ...‏
‏4- أنني أضع نفسي في مواجهة مع الله := وهي مرحلة خطيرة فيها أبدأ في ‏محاولة النقاش مع الله في أنني أكملت الصلاة بصورة جيدة (ما ولنا نأخذ الصلاة ‏كمثال) وأنني قرأت الكتاب بعمق الخ .. لقد نجح الشيطان في أن يخدعني بأن الله ‏غاضب علي وحولني الآن للحديث مع الله ليس على اساس حديث الحب وإنما ‏حديث تبرير الذات امام الله ...‏
يجب أن ننتبه إلى هذه الجزئية ... بالبلدي نقول (عمل عملته وهرب) يعني ‏الشيطان يوقعنا في تنفيذ أفكاره وبعد ذلك يتركنا وهو يضحك علينا ... يتركنا في ‏مواجهة الله ... ولاحظ معي عزيزي ... فبالرغم من الله كامل في صفاته ... فإن ‏عدو الخير ينتقي الصفات التي يريدها في الله ... فيقول لك عدل الله ؛ الله عادل ‏وأنت مخطيء ... الله طاهر وقدوس وأنت خاطئ وملوث بالذنوب ... الله إله ‏ملائكة وقديسين وأنت فعلت بالأمس الخطية هذه وتلك .. واليوم لم تقصر في فعل ‏الخطية الفلانية ؛ يقول لك: لماذا أنت هنا ؟! لماذا تصلي !؟ وهل الله سيقبل ‏صلاتك وتوبتك ؟! ثم أنك سترجع غداً لذات الخطية وتفعلها ؟! ...‏
يواصل معك الشيطان من فكرة لأخرى حتى يسقطك من رجائك في التوبة .. ‏
تعلم أخي .. فكما أن الله عادل .. هو أيضاً رحيم ... وقد تجلت رحمته في ‏الصليب ... ولأنه قدوس وطاهر ؛ يريد أن كل الخطاة يتطهروا بفدائه ... تذكر ‏أنه هو الذي قال : ما جئت لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة ... فالإرسالية ‏المسيانية أساساً من أجل خطاة هذا العالم الذين أولهم أنا وحيد ... ‏
تذكر كلام الرب الذي قاله الوحي المقدس (الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون (1تي 2 : 4)‏
تذكر أنه يحبك .. وتذكر بأن خطايانا مهما كانت كبيرة وكثيرة لن تفقدنا بنوتنا له ‏‏.. وهذا ليس تشجيع مني لعمل الخطية ولكن تشجيع لكل مَن خدعه عدو الخير ‏بأن خاطيء والمسيح لن يقبله ...‏
إنها الحقيقة التي هي أشرق من أي شمس نعرفها ... أن الله يحبك .. أنت شخصياً ‏وبصورة مميزة ..ويستطيع الله أن يحب كل واحد فينا بصورة مميزة ومختلفة عن ‏الآخر .. فهو اللا محدود الذي اشركنا معه في هذا الوجود ...‏
إذن تعلم كيف تتحول من المواجهة مع الله؛ التي يخطط لها الشيطان .. تحول ‏التمتع بالله .. الأمر يحتاج إلى تعلم وبالممارسة سوف تتدكه وتتعلمه وتتلذذ به ...‏‏
‏5- اليأس := أتقبل المزيد من الأفكار التي يعرضها لي عدو الخير ليبعدني عن ‏الله ويوصلني إلى حالة من اليأس أفقد فيها رجائي بالخلاص ...‏
المشكلة أن البعض منا يستكثر خطاياه على دم المسيح ... هل يغفر لي السيد ؟! ‏أنا خاطيء كبير .. انا محترف خطية !؟ ‏
دعني اقول لك .. أن دماء السيد الرب على الصليب ... باللاهوت غير المحدود ‏المتحد بها ... قد صارت لها قدرة وكفارة غير محدودة ليس لخطاياك الكثيرة فقط ‏إنما لخطايا العالم كله في كل العصور وفي كل الإزمان وفي كل مكان .. حتى ‏ولو امتدد عالمنا هذا لملايين السنين .. فدماء السيد تكفي .. لأنه غير المحدود ... ‏فلا تستكثر خطاياك مهما كانت كثيرة على دم الحمل ... المهم أن نأتي إليه ‏بالتوبة والندم على ما اقترفناه من ذنوب .. واضعين عدم العودن لها مرة أخرى ‏‏.. ‏
دعني أسألك : هل تصدق الله ؟! أسمعك تقول نعم ... إذن إسمع ماذا يقول لك ... ‏يقول: في (اش25:43) انا انا هو الماحي ذنوبك لاجل نفسي وخطاياك لا اذكرها.‏
إذن الأمر لا يعتمد علي وعليك وإنما يعتمد على محبة الله غير المحدودة لنا ... ‏فلا تتعامل مع الله وفق مشاعرك وإنما وفق أمانته ومحبته لنا ... يقول الوحي ‏المقدس .. (و الرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس ‏المعطى لنا (رو 5 : 5)‏
فحتى المحبة التي نحب بها هي ليست نتاج طبيعتنا وإنما هي نبع الروح القدس ‏وقد سكبها في قلوبنا ... لنحب بها كل الناس ... ‏
ومن هنا نستطيع ان نفهم كيف يمكن أن نحب حتى الأعداء ... لأنها محبة ليست ‏من طبيعتنا الضعيقة وإنما هي محبة سُكبت بروح الله القدوس في قلوبنا ...‏
إذن لا تفكر في حجم خطيتك وإنما فكر في لا محدودية غفران السيد ... ولا ‏تضع مقارنة بين إمكاناتك وإمكانات العدو ... لأنك ستجد نفسك اقل منه ... وإنما ‏لتكن المفارنة التي في ذهنك بين الشيطان وبين الله الذي معك ويحبك ... فستجد ‏ان الله أقوى وهكذا لا بد ان يجد الشيطان عندك أسلحة روحية تدافع بها عن ‏حصونك الروحية ..‏
وإليك جزء من أصحاح الأسلحة الروحية أفسس6 ... (‏‎ ‎اخيرا يا اخوتي تقووا في ‏الرب و في شدة قوته‎.‎‏ البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ‏ابليس‎.‎‏ فان مصارعتنا ليست مع دم و لحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة ‏العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات‎.‎‏ من اجل ذلك ‏احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير و بعد ان تتمموا ‏كل شيء ان تثبتوا‎.‎‏ فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق و لابسين درع البر‎.‎‏ وحاذين ‏ارجلكم باستعداد انجيل السلام‎.‎‏ حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان ‏تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة‎.‎‏ وخذوا خوذة الخلاص و سيف الروح الذي هو ‏كلمة الله‎.‎‏ ‏‎ ‎مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح و ساهرين لهذا بعينه ‏بكل مواظبة و طلبة لاجل جميع القديسين‎.‎‏ ولاجلي لكي يعطى لي كلام عند افتتاح ‏فمي لأُعْلم جهارا بسر الانجيل‎.‎‏))‏
أخيراً أحبائي المستمعين ... كما وعدتكم أنني سأترك لكم تأملاً روحياً بخصوص ‏الذين يستكثرون خطاياهم على الغفران الإلهي لها .. أقدم هنا تأملاً للقديس ‏أوغسطينوس وهو من آباء القرن الخامس الميلادي يعني هذا التأمل له أكثر من ‏‏1500 سنة ... والتأمل كالآتي ... ‏
أن الوحي المقدس ذكر لنا أن السيد المسيح أقام ثلاثة من الموت ... إبنة يايرس ‏‏... إبن أرملة نايين ... ولعازر أخو مريم ومرثا ...‏
إبنة يايرس كانت ميتة في البيت ولم تكفن بعد؛ وأقامها السيد الرب .. بينما ابن ‏الأرملة كانوا قد كفنوه وحملوه على الأعناق وفي طريقهم ليدفنوه وأقامه السيد ‏
أما لعازر فقد كان ميتاً ومدفوناً وله أربعة أيام وقد أنتن ...‏
ويعلق القديس أوغسطينوس ويقول هذه مراحل مختلفة لحالة الميت ... أو درجات ‏متفاوتة .. ولكن برغم اختلافها فحينما تقابل الموت مع رب الحياة لم يصمد .. ‏وأقام السيد الرب كل هؤلاء مهما كانت مرحلة موتهم .. إذا كان الميت في البيت ‏ولم يكفن بعد أو كان محمولاً إلى القبر أو كان قد دفن وأنتن ... وهنا يقول ‏القديس أوغسطينوس أنه مهما كانت حالتي في الخطية ... إذا كنت في مرحلة ‏إبتدائية مع الخطية والخطية لم تكفني بعد أو أن أنها كفنتي وسافرت بي في رحلة ‏طويلة لتدفنني في القبر أو أنها هزمتني ورمتني تماماً حتى أصبحت رائحتي نتنة ‏والخطية هي أساس حياتي .. يقول لك لا تيأس .. فالمسيح الملك يحب أن يطهرك ‏منها وهو قادر أن يتعامل معك في أي مرحلة من مراحل الخطية ... فلا تستكثر ‏خطاياك عليه حتى ولو انها طرحتك وكفنتك وحملتك على أكتافها ودفنتك وصارت ‏رائحتك هي رائحة الخطية ... يستطيع السيد المسيح الذي اقام لعازر من الموت ‏بكلمة سلطانه أن يقيمنيك أنا أيضاً بسلطان محبته وفدائه فلا نيأس أحبائي ... تعال ‏له .. ولن تجد عنده إلا الراحة والسلام والنقاء ... الخطية إذا ما تقابلت مع رب ‏الفداء لن تصمد ... ستخور وسيكسر السيد شوكتها .. ليتنا نأتي ليسكر شوكة ‏الموت عنا ... وليكسر فينا طبيعتنا العتيقة ...‏
إذن ... بدلاً من أن تتحول في مواجهة مع الله لتبرير ذاتك وأنك أكملت هذه ‏الصلاة بصورة جيدة أم لا ... حاول أن تنجح في تحويل هذه المواجهة إلى صلاة ‏للسيد بأنك تحبه .. حتى ولو كان حبي باهتاً .. سأقول له .. يا رب أنا أحبك .. ‏حتى ولو كان حباً باهتاً ضعيفاً ولكني أريد أن أكلمك عنه يا سيد .. أريد أن أقول ‏لك أنك غال علي جداً وأنني أحبك .. حتى وإن كانت طبيعتي البشرية الضعيفة ‏تخونني .. لكني أحبك .. وأنا أعرف أنك تحبني وانك ليس بعيداً عني تنتظرني ‏في مكان مجهول .. بل أنت في قلبي وروحي ... ولهذا أحبك .. ‏أحبك لأن روحي نفخة من أنفاسك الحية وأنا مجذوب دائماً نحوك برحيق حبك ‏لي... أحبك يا حياتي .. ضعفي لا يعبر عن موقفي منك ... خطيتي ليست هي ‏التي تتكلم بالنيابة عني ... أنا أتكلم الآن ... أنا اقول لك أحبك .. وأنا أثق أنك ‏تسمعني ... فيا مصدر كل حب كامل علمني أن أتقدم في معرفتك وأن أنمو في ‏محبتك ... علمني أن لا يشككني عدو الخير في محبتك ... علمني أن أسمعك ... ‏أن اسمع صوتك في كل صباح جديد ... أنك تحبني ... وأنك تستطيع أن تنظفني ‏من خطاياي حتى ولو كانت جبال على كاهلي ... أسمع همسك في قلبي .. في ‏أذنيَّ .. تعالوا إلى يا جيمع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم ... أسمع رحيق ‏شفتيك الطاهرتين يهمس في أعماقي .. أنا مصدر حياتك فاقترب مني ... اقترب ‏مني لأجدد شبابيك في كل صباح ... يا إلهي علمين كيف أصدقك .. أصدق كلام ‏النعمة والحياة الذي تقدمه لي .. علمني أن أصدق كلامك وأسك فيه .. علمني ‏كيف أجلس تحت قدميك باكياً على خطايا الماضي .. علمني أن اغسل قدميك ‏بدموعي ... بدموع التوبة والندم ... وأن أثق أنك غفرتها لي في صليبك المجيد ‏‏... أنا اثق أنك تحب أن ترى توبتي؛ فأنت تقيم لها عرساً في السماء .. تحب أن ‏تطهرني ... تحب أن تجعل مني إنساساً طاهراً نقياً ... قدسني يا إلهي ... علمني ‏أن أجري نحوك ليس يوماً وإنما عمري كله نحوك وفيك ينتهي ... علمني أن ‏رجائي فيك لن يخيب لأنك لا تخزي الذين يترجونك ... أحبك لأنك الإله الذي ‏يستحق كل الحب ... فأعن ضعف حبي ... أريد أن أتعلم كيف أتمتع بك وكيف ‏أعيش معك ... وأعيش لأجلك ... يا عريس نفسي القدوس ... آمين ‏
أخيراً أترك ثلاث كلمات ‏
أولاً من يو15:15‏
‏- لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء ‏لاني اعلمتكم بكل ما سمعته من ابي ..‏
ثانياً من1يو1:3‏
‏- أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله .1يو3‏
ثالثاً من كلمات القديس أوغسطينوس ...‏
هناك رجاء لأشر خاطئ أن يقرأ الكتاب المقدس وهناك خطر على أعظم قديس إن ‏أهمل قراءة الكتاب المقدس.

ليست هناك تعليقات:

 

Hit Counter
Dating Site