السبت، 23 أغسطس 2008

الشوكة والإنكار

سمع سمعان بطرس عن الرب يسوع أول مرة عندما تكلم يوحنا المعمدان عنه قائلاً "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم. هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لانه كان قبلي" (يو1: 29-30) حيث كان سمعان أحد تلاميذ يوحنا المعمدان. وقد سمع سمعان هذه الكلمات وصدقها. فلما حدث أن المعمدان فى اليوم التالي "نظر الى يسوع ماشيا فقال هوذا حمل الله." (يو1: 36) سمع هذ الكلمات كل من يوحنا وأندراوس التلميذين، وذهبا كلاهما وراء المسيح وقضيا النهار كله معه. بعد هذا ذهب أندراوس وهو أخو سمعان ودعي أخاه وقال له "قد وجدنا مسيا. الذي تفسيره المسيح." (يو1: 41) وأخذه أندراوس للمسيح الذي قال له "أنت سمعان بن يونا. انت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس" (يو1: 42). وهكذا بدأت العلاقة بين الرب يسوع المسيح وبين سمعان الذي هو بطرس.
ثم بعد ذلك كانت حادثة الصيد المعجزية لما سهر بطرس وشركاه فى الصيد طوال الليل ولم يصطاودا شيئا. وفي الصباح جاءهم الرب يسوع وإستخدم سفينتهم لكي يبعد عن الشط قليلا ويعظ الجمع. "فدخل احدى السفينتين التي كانت لسمعان وسأله ان يبعد قليلا عن البر.ثم جلس وصار يعلّم الجموع من السفينة." (لو5: 3) ثم "ولما فرغ من الكلام قال لسمعان ابعد الى العمق وألقوا شباككم للصيد." (لو5: 4) وكان الصيد عظيم جدا وكان هذا إعلان من الله لبطرس فهم منه أن يسوع هو الله. وأيضا لما شعر أنه وهو في محضر الرب يسوع، أنه في محضر الله إعترف أنه إنسان خاطئ. وأيضا قبل بعد ذلك أن يكرس الحياة للرب فيكتب لوقا مسجلا هذه الأحداث "فلما رأى سمعان بطرس ذلك خرّ عند ركبتيّ يسوع قائلا اخرج من سفينتي يا رب لاني رجل خاطئ. اذ اعترته وجميع الذين معه دهشة على صيد السمك الذي اخذوه. وكذلك ايضا يعقوب ويوحنا ابنا زبدي اللذان كانا شريكي سمعان. فقال يسوع لسمعان لا تخف. من الآن تكون تصطاد الناس. ولما جاءوا بالسفينتين الى البر تركوا كل شيء وتبعوه" (لو5: 8-11)
وبالطبع شاهد بطرس بعد ذلك معجزات المسيح، ومؤكد أنه شعر بالفخر الشديد أنه من تلاميذ هذا الشخص الفريد. بل لقد أجري بطرس نفسه هو أيضاً المعجزات هو إذ أن المسيح "دعا تلاميذه الاثني عشر واعطاهم سلطانا على ارواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف." (مت10: 1)
وتعلم وتتلمذ علي يدي المسيح، وكان من المقربين له هو ويعقوب ويوحنا، إذ كان الرب كثيرا مايخص هؤلاء الثلاثة بحوادث وأحاديث وإعلانات خاصة مثل إقامة إبنة يايرس حيث أخذهم معه دونا عن باقي التلاميذ ومثل حادثة جبل التجلي مثلاً.
بل لقد خص الآب نفسه بطرس بإعلانات خاصة ومهمة جداً. فلما سأل الرب التلاميذ "من يقول الناس إنى أنا إبن الإنسان؟" (مت16: 13) أجابوه أن البعض يقولون أنه إيليا وآخرون قالوا أنه يوحنا المعمدان أو واحد من الأنبياء قد قام من الأموات. فعاد الرب وسألهم "وانتم من تقولون اني انا؟ فاجاب سمعان بطرس وقال: انت هو المسيح ابن الله الحي. فاجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا. ان لحما ودما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السموات. وانا اقول لك ايضا: انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السموات. وكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السموات. (مت16: 15-19)
وبالطبع، شعر بطرس بالفخر أنه شخصيا يتلقي إعلانات مباشرة من الآب، وأن المسيح أعطاه تكليفات ومهام عظيمة وشعر أنه أول الرسل والقائد العظيم بينهم. وأدي هذا الفخر إلي الثقة الشديدة بالنفس والإندفاع لإثبات أنه مختلفا عن باقي الرسل. فهذا هو الجسد أو الذات التي تريد أن تتميز عن غيرها. فمباشرة بعد هذا الأمر "ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه انه ينبغي ان يذهب الى اورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم. فأخذه بطرس اليه وابتدأ ينتهره قائلا حاشاك يا رب.لا يكون لك هذا." (مت16: 21-22) والمثير للعجب أن بطرس بدأ يتطاول علي الرب شخصيا وينتهره، ياللعجب! من ذا الذي يجرؤ أن ينتهر الرب يسوع المسيح؟ حتى أعدائه شهدوا أنه "لم يتكلم قط انسان هكذا مثل هذا الانسان." (يو7: 46) ولم يستطيع أحد قط أن يجد للمسيح خطأ واحد. ولكن بطرس بعد تلقي الإعلانات وبعد تلقي المديح والتطويب وبعد أن أخذ دورا عظيما فى الخدمة، تجرأ بأن ينتهر الرب نفسه ويصحح له!
وإن كان قد تجاسر أن يصحح كلام الرب، فهو بالطبع يري نفسه أفضل من باقي الرسل فبالرغم أن الرب قال لهم "كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة لانه مكتوب اني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية." (مت26: 31) نجد بطرس يقول "وان شك فيك الجميع فانا لا اشك ابدا." (مت26: 33) فبدلا من أن يصدق الرب نجده يقول له ما معناه "يارب أنت لاتعلم من أنا جيداً، أنا لست مثلهم" ويعود الرب نفسه فيحذره قائلاً "الحق اقول لك انك في هذه الليلة قبل ان يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات." (مت26: 34) ولكنه يضرب بكلام الرب عرض الحائط ويؤكد إعتداده بنفسه ويقول "ولو اضطررت ان اموت معك لا انكرك." (مت27: 35)
وهكذا تستمر القصة كما نعرفها جميعا وينكر بطرس ثلاث مرات بل ويلعن ويشتم مصرا أنه لا يعرف "الرجل" (مت26: 74). أهكذا يابطرس، هل صار الرب يسوع بالنسبة لك يابطرس مجرد "رجل"؟ هل أصبح هكذا نكرة فى عينيك؟ ألم يكن هو "المسيح إبن الله الحي"، ألم تقل له "يارب إلي من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك"؟ (يو6: 68). إنه الجسد أو الإنسان المعتد بذاته، الواثق في قدراته. إنه ينهار إن وضع فى التجربة. وبعد ذلك "خرج بطرس إلي خارج وبكي بكاء مرا" (لو22: 62). ياله من درس مكلف ومؤلم. يالها من تجربة قاسية ومريرة. كم جرحت نفس بطرس؟ كم صدم فى نفسه؟ كم ندم عن كل كلمة قال فيها أنه أفضل من الجميع؟ وكم ندم أيضا علي كل كلمة إنكار؟ كم تألم؟ وكم من ليال قضاها فى دموع ساخنة تنهال علي وجنتيه؟ ربما لم يجد نوما لأجفانه في ليال عديدة حزنا علي مافعل. لم يقتنع بطرس بواسطة كلام الرب، لكنه عاد وإقتنع تماما بضعفه وبعدم تميزه ولكن عن طريق السقوط فى الخطية والإنكار. يالها من طريقة مريرة للتعلم.
لقد عالج الرب بعد هذا إنكار بطرس وساعده علي إجتياز المحنة وجعله يعترف أنه ضعيف وصغير كباقي التلاميذ. ولكن لقد كلفته التجربة آلاما عديدة ومآسي مريرة ومذله.
بالمقابلة مع هذه القصة. نجد أيضا قصة إناء آخر من أواني الكرامة، شاول الطرسوسي أو بولس الرسول. كان هذا الرسول قبل أن يعرف الرب يسوع المسيح رجلا "مجدفا ومضطهدا ومفتريا" (1تي1: 13) بل قال أيضا عن نفسه أنه "اضطهد كنيسة الله بافراط واتلفها" (غل1: 13) ولكن إفتقدته نعمة الله، وعينته رسولا، يشهد بنعمة الله. وكتب بولس الرسول معظم العهد الجديد فأعطانا أربعة عشر سفرا. وتلقينا من خلاله إعلانات عظيمة وكثيره وكان كثيرا مايقول أسرار أعلنها الله له هو وحده (رو11: 5، 16: 25، 1كو2: 7، 4: 1، 15: 51، أف1: 9، 3: 3، 4، 9، 5: 32، 6: 19، كو1: 26، 27، 2: 2، 4: 3، 1تي3: 16) بل لقد صعد للسماء الثالثة ورأي وسمع أشياء ليس لإنسان طاقة أن يعبر عنها. (2كو12: 2-4) تري كيف حفظ الله بولس رغم كل هذه الإعلانات من التكبر والإعتداد بالنفس؟
هذا من جهة الإعلانات والمعرفة وماذا عن عن دور بولس فى الخدمة؟ يمكننا القول "حدث ولاحرج". فيقول عن نفسه بالمقارنة مع باقي الرسل "في الاتعاب اكثر. في الضربات اوفر. في السجون اكثر. في الميتات مرارا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة. ثلاث مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت.ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلا ونهارا قضيت في العمق. باسفار مرارا كثيرة. باخطار سيول. باخطار لصوص. باخطار من جنسي. باخطار من الامم. باخطار في المدينة. باخطار في البرية. باخطار في البحر. باخطار من اخوة كذبة. في تعب وكد. في اسهار مرارا كثيرة. في جوع وعطش. في اصوام مرارا كثيرة. في برد وعري. عدا ما هو دون ذلك. التراكم علي كل يوم. الاهتمام بجميع الكنائس. من يضعف وانا لا اضعف. من يعثر وانا لا التهب." (2كو11: 23-29) كيف بعد ذلك لم يسقط بولس فى خطايا الكبرياء والإعتداد بالذات؟
نجد الإجابة بوضوح في (2كو12: 7) فيقول "ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات اعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع." فالإجابة هي "الشوكة" وماهي الشوكة؟ هي مصدر ألم مزعج ومستمر. كان مريضا فى جسده بمرض لم يستقر الشراح ماهو. لكنه كان مصدر ألم وضيق مستمر. ولماذا سمح الرب له بهذا الألم أو بهذه الشوكة؟ لأجل أن لايرتفع من فرط أو كثرة الإعلانات. فكلما زاد دور الخادم وزادت معرفته وعلمه كلما كان معرضا للإرتفاع. وكما نعلم فإنه "قبل الكسر، الكبرياء، وقبل السقوط، تشامخ الروح" (أم16: 18) وأيضا نعلم أن "العلم ينفخ" (1كو8: 1). ويقول الرب "من يظن أنه قائم فلينظر أن لايسقط" (1كو10: 12) كيف إذن يحفظه الرب من السقوط فى خطية الإرتفاع وتشامخ الروح والإنتفاخ والظن أنه قائم في كبرياء وإعتداد بالذات؟ لابديل عن "الشوكة" يا إخوتي الأحباء.
وماهو تأثير الشوكة إذن علي الخادم؟ يسجل بولس رد الرب عليه بعدما طلب منه ثلاث مرات أن تفارقه الشوكة "فقال لي تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح" (2كو12: 9) إن الشوكة نجحت فى أن تشعره بضعفه، بل وأن يفتخر بضعفه. فهو لايخجل من الضعف ويحاول أن يخفيه عن الأعين كأنه شيء مهين، لكنه قد صار له ضعفه مادة للإفتخار. ونجحت الشوكة بذلك فى أن تدفعه دائما للجوء للرب ونعمته، فصار فى حالة إستناد دائم علي الرب نتيجة لحالة دائمة من الشعور بالضعف. وربما يقول أحد: "إن الشعور الدائم بالضعف هو شيء غير صحي من وجهة نظر علم النفس ومن وجهة نظر المنطق. إذ ربما نتيجة ذلك يشعر بولس بصغر النفس، ويجعله هذا ينهار ويكف عن الخدمة". ولكننا علي العكس تماما نري بولس يكمل قائلا: "لاني حينما انا ضعيف فحينئذ انا قوي" (2كو12: 10).
ماهو مصدر قوة بولس؟ ضعفه... نعم يا أخي ويا أختي. مصدر قوتنا هو قناعتنا بضعفنا. فلامجال لمناقشة أننا ضعفاء أم لا. إنها حقيقة واقعة. لكن قناعتنا بها هي المحك الأساسي هنا.
نعم لقد واجهته الشوكة ببولسا ضعيفا، فتعلم أن يحول عينه دائما إلي الرب الذي يقويه بالنعمة. فصار قوياً لأنه ضعيفاً. إن أهم درس يتعلمه المؤمن الخادم هو درس "الضعف". أي أن يدرك ضعفه فيتعلم الإتكال الدائم علي الرب. ولايفتخر بنفسه بل يفتخر بالرب. بل يقول "ان كان يجب الافتخار فسأفتخر بامور ضعفي" (2كو11: 30). إنها الشوكة يا أخي الخادم.
ونجد أن كل من بطرس وبولس تألما ولكن ما اعظم الفرق بين ألم السقوط فى الخطية وألم الشوكة.
إن ألم الخطية ألماً مريراً مملوءاً علقماً وليس فيه تعزية أو فرح. فيقول داود في المزمور عن الخطية: " لان آثامي قد طمت فوق راسي. كحمل ثقيل اثقل مما احتمل.... لويت انحنيت الى الغاية اليوم كله ذهبت حزينا. لان خاصرتي قد امتلأتا احتراقا وليست في جسدي صحة. خدرت وانسحقت الى الغاية. كنت أئن من زفير قلبي... قلبي خافق. قوتي فارقتني ونور عينيّ ايضا ليس معي." (مز38: 4-10) فالخطية تسحق النفس وتملأ القلب بالأنين والضعف وتجعل القوة تفارق الإنسان فينحني لأسفل وينهار تحت حمل الخطايا الثقيل ولايعود يري الرب "نور عينى أيضا ليس معي". إن الخطية تقطع الشركة بين الرب والمؤمن فينقطع أي مصدر للنور أو الرجاء أو التعزيات أو الفرح. فلنرتعب إذا يا أخي ويا أختي من الخطية. ونهرب من امامها دون توان. فالخطية مذله ومره وجارحة "فعار الشعوب الخطية" (أم14: 34)
أما قبول الشوكة وألمها فله عائد عظيم هنا فى الحياة هو "النعمة" و"قوة المسيح" التي تحل علي المؤمن المتألم. ففي وسط الآلام هناك شركة مع الرب وينبوع تعزيات وفرح، وكم من الإعلانات الروحية. "واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تألمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم" (1بط5: 10) فهناك شركة شخصية ومعونة شخصية من المخلص نفسه للمتألم "لانه في ما هو قد تألم مجربا يقدر ان يعين المجربين" (عب2: 18) فقبول الشوكة وآلامها تجعل الرب نفسه رفيقا شخصيا لنا فى آلامنا، وياله من إمتياز عظيم. وهناك أيضا عائد أبدي إذ يقول الرسول بولس "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه" (رو8: 17) وأيضا "فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لاتقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو8: 18) فإحتمال الآلام يؤهل المؤمن لأمجاد عظيمة وعلي كل مؤمن متألم أن يتذكر هذا ويحسب هذا الحساب أن كل مايحدث لنا هنا من آلام هو شيء لايذكر مقارنة بمقدار المجد المعد لنا فى السماء مع المسيح.
ماذا تختار إذن يا أخي؟ السقوط فى الخطية وجلب العار علي إسم المسيح ووقوعك فى مرارة الخطية وعارها مع أحزانها؟ أم التألم مع المسيح والتمجد معه وأن تحل عليك قوة ونعمة وتعزيات المسيح وتتخذه هو معينا ورفيقا شخصيا طوال طريق آلامك؟
لنختار الشوكة إذن يا أخي ويا أختي. ولكن ماهي الشوكة فى حياتك؟
ربما تكون مرض ما، أو فقر مادي، أو جوع عاطفي غير مسدد أو إهانات معينة تصيبك دون حق، أو ظلم ما تمر فيه بين الحين والآخر، أو وحدة قاتلة تجتازها دون ان يشعر بك أحد، أو ظروف طاحنة فى البيت أو لأحد الأحباء. يعلم الرب كيف يصنع بدقة ودون خطأ ما شوكة مناسبة لكل مؤمن يريد أن يستخدمه كإناء للكرامة. تلك الشوكة تجعله شخص يلجأ دائما للرب ويستند دائما علي الرب ويحول عينيه دائما تجاه الرب ويثبتها عليه.
دعونا إذن أن لانتذمر من أجل آلام الشوكة، بل نشكر الرب من أجلها ونرتمي عليه لاجئين لحضنه، وساكنين فى محضره ومستندين علي نعمته. وللرب كل المجد.

ليست هناك تعليقات:

 

Hit Counter
Dating Site