قد تستغرب أو تستنكر هذا العنوان.ولكني أستسمحك أن تفكر معي لدقائق لتعرف المغزى منه وستجد أنني محق. فالمخرج العبقري صاحب النظرة الثاقبة والذي يحمل دائماً أعمق المعاني في أفلامه. لم يقدم فقط المجتمع المصري الذي يتدين من الخارج وينحل من الداخل. ولم يكتفي فيلمه بكشف وفضح قاع المجتمع الذي لا يشعر به أحد منا. فالفيلم ليس مجرد رؤية اجتماعية أو سياسية للواقع بل أكثر من ذلك. فهناك معنى أعمق من كل ما سبق في هذا الفيلم: دكان شحاتة. فأننا أمام شخصية متفردة عن كل شخصيات القصة. شخصية شحاتة. الذي أحبه والده ولكن أخوته حقدوا عليه وكرهوه. واحتمل منهم الكثير من القسوة والعنف والظلم. كانوا بلا أخلاق وفعلوا الفحشاء ولم يفضحهم. كان يستطيع أن يدافع عن نفسه وأن يرد لهم الصاغ صاغين ولكنه لم يفعل. رفضوا أن يكون له الدكان الذي هو باسمه بل رفضوا أن يكون له أي نصيب فيه. بل أخرجوه خارجاً وزجوا به إلى السجن. ورغم ذلك ظل يحبهم وغفر لهم كل شيء. ومد يديه بالحب والمصالحة...... وكل بغضتهم وكراهيتهم لم تستطع أن تلاشي محبته لهم. بل نجده يبحث عنهم حتى أخر لحظة في حياته. يا له من شخصية فريدة !!!! أعتقد وأعتقد أن إعتقادي صحيح أنه يندر بل يستحيل أن نقابل مثل هذه الشخصية في حياتنا اليومية. فالمادة والمال وكنوز العالم الفانية أعمت أعين الجميع. وطغت على العواطف والقيم والمبادئ. ولكني أمام شخصية شحاتة الفريدة..... فكرت في الشخصية الفريدة الشخصية الحقيقية التي ليست من نسج الخيال الإنسان الكامل الذي عاش وتمشى على أرضنا. عاش حياة فريدة وعجيبة، لم يخرج خارج وطنه لكن تعاليمه وصلت إلى أقاصي الأرض. لم يكتب كتاباً واحداً، ولكن كتبت عنه ألوف ألوف الكتب والأشعار والترانيم. ميلاده قسم تاريخ العالم. نعم فكل شبر على وجه المسكونه يحسب الزمن بميلاده. لم يتكلم فقط ولم يعلم فحسب، بل عمل أعظم الأعمال والمعجزات التي لم يعملها قبله إنسان. والأعجب أن عاش كل ما تكلم به وعلم به. أنه الشخص الفريد الذي أحب محبة فريدة من نوعها، أرجوك اسمع ماذا قال عن محبته: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ."(يوحنا 15: 13) "إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ." (يوحنا 1: 11) نعم لقد تكلم عن محبته المضحية وموته الكفاري قبل أن يذهب للصليب!!. أنظر إلى غفرانه وصفحه عن صالبيه: "فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ \غْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»." (لوقا 23: 34) لقد حكى يسوع قصة أشجعك أن تقرأها بنفسك في إنجيل متى ص 21 ع 31 إنها قصته هو مع البشر الذين أحبهم فأبغضوه. القصة عن صاحب كرم أي حقل يزرع به العنب، وكيف أن ابن صاحب هذا الكرم ذهب للكرم: "وَأَمَّا \لْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا \لاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ \لْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ!. فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ \لْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ." (متى 21: 38) هذه هي القصة العظيمة قصة المحبة والتضحية التي أعجب بها المخرج العبقري، فوصفها كما أحس بها بخياله الرائع. وفي نهاية الفيلم نجد مشهد جدير بالتفكير والتأمل، كما أنه يقنعك بكلامي وبالفكرة التي أقولها..... المشهد هو بعد موت شحاته، بعدما قتلوه اخوته وهو الذي أتى لينعم بمحبتهم ويظهر لهم محبته ولكنهم قتلوه غدراً وظلماً .... نجد المشهد التالي مباشرة هو ارتفاع السيوف والسكاكين وانتشار العنف والقتل واندثار السلام والطمئنينة. نعم عندما يرفض المسيح رئيس السلام تكون النتيجة العنف والقتل السيف والسكين. لقد آتى المسيح برسالة السلام ورفضه أخوته ورفضه العالم. لذا نجد العالم يتجرع آلام الإرهاب والعنف والحروب سواء على مستوى البلاد والدول أو على مستوى العشائر أو حتى داخل البيت الواحد. وهذا ما قاله المسيح لمن رفضوه وأسيء فهم كلام المسيح: 34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى \لأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَ\لاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَ\لْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ \لإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. 37مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي وَمَنْ أَحَبَّ \بْناً أَوِ \بْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي 38وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. 39مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا." (متى 10) بقى أن أقول أنه من قبل خالد يوسف أعجب بهذا الشخص الفريد الكاتب العظيم صاحب جائزة نوبل في الأداب الكاتب المصري نجيب محفوظ. فوصف المسيح في رواية أولاد حارتنا بأنه رفاعى ذلك الشخص ذو الأخلاق السامية المتفرد في أخلاقه وحياته المرتفع عن دنايا كل البشر. وأيضاً المخرج العظيم يوسف شاهين -الذي هو أستاذ خالد يوسف- عندما قدم حياة يوسف الصديق برؤية شخصية. وعندما نتحدث عن يوسف الصديق يجب أن نلاحظ أن كل قصص التورة إنها مجرد إشارة ورمز لذلك الشخص العجيب، فقصة يوسف الصديق تحكي قصة يسوع المسيح المرفوض من اخوته الذي هو محبوب أبيه، الذي ارتفع وأخذ المكان الذي يستحقه على العرش، وغفر لإخوته عندما تابوا عن خطيئتهم.
الأربعاء، 12 أغسطس 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق