الفضيلة هي وضع متوسط بين ضدين
بقلم : البابا شنودة الثالث
قال بعض الحكماء في تعريف الفضيلة: إن الفضيلة هي وضع متوسط بين الإفراط والتفريط. أي التوسط بين الإفراط في الزيادة والتفريط أي النقص. أي أن يسلك الإنسان بميزان من الاعتدال. لايبالغ حتي يصل إلي التطرف, ولايتهاون فيصل إلي الإهمال. فالمبالغة مرفوضة سواء كانت سلبا أو إيجابا.** فما هو إذن ميزان الفضيلة في التدين مثلا؟التدين هو الوضع المتوسط بين المغالاة إيجابا الي حد التطرف, والمغالاة سلبا الي مستوي الاستهتار. أي هي الوضع المتوسط بين التشدد في تطبيق الدين إلي درجة التزمت, أو المبالغة في التساهل إلي درجة الاستباحة.** ومن جهة التعامل مع الناس, ما أجمل المثل المصري القديم: لاتكن لينا فتعصر ولايابسا فتكسر.
فهنا الفضيلة تكون في الوضع المتوسط المعتدل, حيث لايكون الإنسان متساهلا في حقوقه حتي يدوس الغير عليه في امتهان ولامبالاة. كما لايكون عنيفا في تعامله مع الآخرين, حتي يصبح موضع انتقامهم بسبب شدة تعامله, وهكذا توجد حدود للفضيلة, فلا يبالغ فيها حتي تبدو الوداعة وكأنها لون من ضعف الشخصية. كما لايبالغ في الحزم حتي لايتحول إلي عنف.. وبهذا توضع قاعدة للتربية يسلك فيها الآباء نحو أبنائهم: بحيث يشعر الابن بحب أبيه وعطفه, وفي نفس الوقت بكرامة أبيه وهيبته. كما أن الأب في معاملته لابنه. يحنو عليه بغير تدليل, ويؤدب بغير قسوة. لايهمل التأديب بسبب الحب.. ولاينسي الحب بينما يؤدب.**نفس الوضع بين الاحترام والدالة: ففي علاقة كل شخص برئيسه أو ولي أمره: عليه أن يحترم رئيسه في غير خوف. وإن عامله رئيسه بدالة, لايستغل الدالة ويفرط فيما يليق رئيسه من هيبته وتوقيره.. ومن جهة الصغار عليهم أن يطيعوا الكبار, ولكن ليس بشعور العبودية, أو بفقد شخصياتهم.. إنما يجمعون بين طاعة الرؤساء وطاعة ضمائرهم. وهنا لا نوافق علي عبارة الطاعة العمياء بل تكون بحكمة وتبصر.
الحرية أيضا هي وضع متوسط بين الكبت والتسيب. فلا تكون إجبارا يولد كبتا ويفقد فيه الشخص إنسانيته وإرادته وكأنه يسير برغم أنفه. ومن الناحية الأخري لاتطبق الحرية بلا ضابط حتي تصل إلي التسيب, حيث لايوجد رادع علي الأخطاء. لأننا نري الوضع الأمثل في الحرية المنضبطة.** كذلك أيضا الوضع المتوسط بين الصمت والكلام, فلا يبالغ الإنسان في الكلام حتي يصل إلي الثرثرة أو التحدث فيما لايليق, أو فيما لايخصه, أو ماليس في معرفته, ولا يكثر الكلام حتي يمل سامعوه, بل يحرص علي أن ينطبق عليه قول الحكيم: ليتكم تحسنون صمتا فيصير صمتكم لكم حكمة ومن الناحية الأخري لايبالغ الإنسان في الصمت حين يجب الكلام, بل يتكلم حين يحسن الكلام, وهكذا يحفظ التوازن بين كلامه وصمته.** نطبق نفس القاعدة في معني الشجاعة وفي استخدامها: الشجاعة لازمة في الدفاع عن الحق, وفي نصرة المظلوم, وفي رفض الظلم والاستبداد, ولكن لها حدودا فلا يجوز أن تصل إلي التهور واللامبالاة. كما لاتكون بأسلوب من الطيش والاندفاع وعدم التروي, ولايكون الدافع إليها أسبابا خاطئة. إن الشجاعة فضيلة إذا مورست في حكمة وبأسلوب سليم. كذلك عدم الشجاعة خطيئة. وبنفس المنطق نتكلم عن مفهوم القوة واستخدامها. حيث لايجوز أن تتطور إلي العنف أو البطش أو الاعتداء علي الغير. بينما يحسن أن يكون الإنسان قوي الشخصية وقوي الإقناع, وفي نفس الوقت يكون بعيدا عن التجبر وتهديد الآخرين. وأيضا بعيدا عن ضعف الشخصية.** هذا التوازن ينبغي أن يكون أيضا في النقد كما في المديح: النقد ليس معناه مجرد ذكر المساويء, مع تجاهل الفضائل إنما هو إظهار الحق. وفي مجال النقد ليس للإنسان أن يجرح الآخرين أو يحط من كرامتهم. فللنقد حدود: لا يسكت الإنسان علي الخطأ إن كان من حقه أن يظهره. كما لايشهر بغيره فهذا ليس من حقه.
نفس الوضع بالنسبة إلي المديح: هو فضيلة إن كان يعبر عن تقديره واحترام لصفات تستحق ذلك, ولكن لايجوز أن يصل الي التملق أو النفاق. فيكون المديح لتكريم الكبار, ولتشجيع الصغار والمبتدئين.** هناك أيضا فرق بين الصراحة والإهانة, فبدافع من الإخلاص يمكن للصديق أن يتكلم في صراحة مع صديقه, سواء في عتاب أو نصح. ولكن يكون ذلك في مودة, ولاتخرج الصراحة عن حدودها إلي جرح المشاعر وهنا تعتبر إهانة ولاتكون مقبولة, وفي غير مجال الصداقة يمكن أن يكون الإنسان صريحا, إنما لايجوز أن يكون هداما في صراحته, له أن يوضح الأمور, وقد يذكر الأخطاء في أدب وبغير تحقير للغير, وأيضا يكون عادلا لايتجني في صراحته, كما تكون صراحته ممتزجة بالصدق, وفي نفس الوقت إن وجدت نقاط للمديح ينبغي ذكرها, كأن يمدح الإنسان الهدف مثلا وينتقد الوسيلة.** وفي الحياة الخاصة يجب أن يكون هناك توازن في المتعة واللهو والمرح. فمن حق الإنسان أن يتمتع بأمور جائزة ومحللة, ولكن لايبالغ في المتعة حيث تصل إلي الخطيئة أو الفجور. وفي المرح لايجوز أن يخرج عن حدوده, حتي يصل إلي التهريج! كما لايجوز أن يمتزج اللهو بأخطاء لايرضي عنها الضمير. كذلك من حق الإنسان أن يفرح بحيث لايتبذل في أفراحه ولايتدني, أيضا من حق المرأة أن تتزين, دون أن تبالغ في زينتها حتي تصل إلي التبرج وإلي الفتنة وإسقاط الآخرين. من جهة الفن أيضا نحب أنه لايخرج عن معناه وعن هدفه, كما لايمكن أن ندعو كل شيء فنا إن كان يعبر عما لايليق.
قال بعض الحكماء في تعريف الفضيلة: إن الفضيلة هي وضع متوسط بين الإفراط والتفريط. أي التوسط بين الإفراط في الزيادة والتفريط أي النقص. أي أن يسلك الإنسان بميزان من الاعتدال. لايبالغ حتي يصل إلي التطرف, ولايتهاون فيصل إلي الإهمال. فالمبالغة مرفوضة سواء كانت سلبا أو إيجابا.** فما هو إذن ميزان الفضيلة في التدين مثلا؟التدين هو الوضع المتوسط بين المغالاة إيجابا الي حد التطرف, والمغالاة سلبا الي مستوي الاستهتار. أي هي الوضع المتوسط بين التشدد في تطبيق الدين إلي درجة التزمت, أو المبالغة في التساهل إلي درجة الاستباحة.** ومن جهة التعامل مع الناس, ما أجمل المثل المصري القديم: لاتكن لينا فتعصر ولايابسا فتكسر.
فهنا الفضيلة تكون في الوضع المتوسط المعتدل, حيث لايكون الإنسان متساهلا في حقوقه حتي يدوس الغير عليه في امتهان ولامبالاة. كما لايكون عنيفا في تعامله مع الآخرين, حتي يصبح موضع انتقامهم بسبب شدة تعامله, وهكذا توجد حدود للفضيلة, فلا يبالغ فيها حتي تبدو الوداعة وكأنها لون من ضعف الشخصية. كما لايبالغ في الحزم حتي لايتحول إلي عنف.. وبهذا توضع قاعدة للتربية يسلك فيها الآباء نحو أبنائهم: بحيث يشعر الابن بحب أبيه وعطفه, وفي نفس الوقت بكرامة أبيه وهيبته. كما أن الأب في معاملته لابنه. يحنو عليه بغير تدليل, ويؤدب بغير قسوة. لايهمل التأديب بسبب الحب.. ولاينسي الحب بينما يؤدب.**نفس الوضع بين الاحترام والدالة: ففي علاقة كل شخص برئيسه أو ولي أمره: عليه أن يحترم رئيسه في غير خوف. وإن عامله رئيسه بدالة, لايستغل الدالة ويفرط فيما يليق رئيسه من هيبته وتوقيره.. ومن جهة الصغار عليهم أن يطيعوا الكبار, ولكن ليس بشعور العبودية, أو بفقد شخصياتهم.. إنما يجمعون بين طاعة الرؤساء وطاعة ضمائرهم. وهنا لا نوافق علي عبارة الطاعة العمياء بل تكون بحكمة وتبصر.
الحرية أيضا هي وضع متوسط بين الكبت والتسيب. فلا تكون إجبارا يولد كبتا ويفقد فيه الشخص إنسانيته وإرادته وكأنه يسير برغم أنفه. ومن الناحية الأخري لاتطبق الحرية بلا ضابط حتي تصل إلي التسيب, حيث لايوجد رادع علي الأخطاء. لأننا نري الوضع الأمثل في الحرية المنضبطة.** كذلك أيضا الوضع المتوسط بين الصمت والكلام, فلا يبالغ الإنسان في الكلام حتي يصل إلي الثرثرة أو التحدث فيما لايليق, أو فيما لايخصه, أو ماليس في معرفته, ولا يكثر الكلام حتي يمل سامعوه, بل يحرص علي أن ينطبق عليه قول الحكيم: ليتكم تحسنون صمتا فيصير صمتكم لكم حكمة ومن الناحية الأخري لايبالغ الإنسان في الصمت حين يجب الكلام, بل يتكلم حين يحسن الكلام, وهكذا يحفظ التوازن بين كلامه وصمته.** نطبق نفس القاعدة في معني الشجاعة وفي استخدامها: الشجاعة لازمة في الدفاع عن الحق, وفي نصرة المظلوم, وفي رفض الظلم والاستبداد, ولكن لها حدودا فلا يجوز أن تصل إلي التهور واللامبالاة. كما لاتكون بأسلوب من الطيش والاندفاع وعدم التروي, ولايكون الدافع إليها أسبابا خاطئة. إن الشجاعة فضيلة إذا مورست في حكمة وبأسلوب سليم. كذلك عدم الشجاعة خطيئة. وبنفس المنطق نتكلم عن مفهوم القوة واستخدامها. حيث لايجوز أن تتطور إلي العنف أو البطش أو الاعتداء علي الغير. بينما يحسن أن يكون الإنسان قوي الشخصية وقوي الإقناع, وفي نفس الوقت يكون بعيدا عن التجبر وتهديد الآخرين. وأيضا بعيدا عن ضعف الشخصية.** هذا التوازن ينبغي أن يكون أيضا في النقد كما في المديح: النقد ليس معناه مجرد ذكر المساويء, مع تجاهل الفضائل إنما هو إظهار الحق. وفي مجال النقد ليس للإنسان أن يجرح الآخرين أو يحط من كرامتهم. فللنقد حدود: لا يسكت الإنسان علي الخطأ إن كان من حقه أن يظهره. كما لايشهر بغيره فهذا ليس من حقه.
نفس الوضع بالنسبة إلي المديح: هو فضيلة إن كان يعبر عن تقديره واحترام لصفات تستحق ذلك, ولكن لايجوز أن يصل الي التملق أو النفاق. فيكون المديح لتكريم الكبار, ولتشجيع الصغار والمبتدئين.** هناك أيضا فرق بين الصراحة والإهانة, فبدافع من الإخلاص يمكن للصديق أن يتكلم في صراحة مع صديقه, سواء في عتاب أو نصح. ولكن يكون ذلك في مودة, ولاتخرج الصراحة عن حدودها إلي جرح المشاعر وهنا تعتبر إهانة ولاتكون مقبولة, وفي غير مجال الصداقة يمكن أن يكون الإنسان صريحا, إنما لايجوز أن يكون هداما في صراحته, له أن يوضح الأمور, وقد يذكر الأخطاء في أدب وبغير تحقير للغير, وأيضا يكون عادلا لايتجني في صراحته, كما تكون صراحته ممتزجة بالصدق, وفي نفس الوقت إن وجدت نقاط للمديح ينبغي ذكرها, كأن يمدح الإنسان الهدف مثلا وينتقد الوسيلة.** وفي الحياة الخاصة يجب أن يكون هناك توازن في المتعة واللهو والمرح. فمن حق الإنسان أن يتمتع بأمور جائزة ومحللة, ولكن لايبالغ في المتعة حيث تصل إلي الخطيئة أو الفجور. وفي المرح لايجوز أن يخرج عن حدوده, حتي يصل إلي التهريج! كما لايجوز أن يمتزج اللهو بأخطاء لايرضي عنها الضمير. كذلك من حق الإنسان أن يفرح بحيث لايتبذل في أفراحه ولايتدني, أيضا من حق المرأة أن تتزين, دون أن تبالغ في زينتها حتي تصل إلي التبرج وإلي الفتنة وإسقاط الآخرين. من جهة الفن أيضا نحب أنه لايخرج عن معناه وعن هدفه, كما لايمكن أن ندعو كل شيء فنا إن كان يعبر عما لايليق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق