كان مارك تشغله عدة تساؤلات عن الصوم ولم يجد لها إجابة فعزم فى نفسه أن يذهب إلى أبيه الروحى ليطرح عليه هذه الأسئلة التى تشغله وبالفعل ذهب إلى أبونا الكاهن وبأتضاع جلس أمامه وطرح أسئلة عليه:
مارك : ما المقصود بكلمة الصوم يا أبى ؟
مارك : ما المقصود بكلمة الصوم يا أبى ؟
أبونا : الصوم فى الاصطلاح الكنسى يا بنى هو" الامتناع عن الطعام والشراب مدة معينة من النهار يعقبها طعام خال من الدسم الحيوانى وفى معناه الروحى هو وسيلة لانطلاق الروح من رباطات وسلطان الجسد لكى تتحد بالله وتتلامس معه .
مارك : ولكن متى بدأ الإنسان يصوم لأول مرة ؟
أبونا : أول صوم يا ابنى كان فى جنة عدن عندما أمر الرب آدم وحواء بالأكل من كل شجر الجنة فيما عدا شجرة معرفة الخير والشر ( تك 17:2 ) كما سمح الله لذرية آدم بأكل الطعام النباتى فقط. حتى جاء الطوفان حيث سمح لهم بعده يأكل لحوم الحيوان. وكان ذلك نوعا من الصوم العام .
أبونا : أول صوم يا ابنى كان فى جنة عدن عندما أمر الرب آدم وحواء بالأكل من كل شجر الجنة فيما عدا شجرة معرفة الخير والشر ( تك 17:2 ) كما سمح الله لذرية آدم بأكل الطعام النباتى فقط. حتى جاء الطوفان حيث سمح لهم بعده يأكل لحوم الحيوان. وكان ذلك نوعا من الصوم العام .
مارك : هل كانت هناك اصوام ثابتة فى مواعيد محددة فى العهد القديم ؟
أبونا : أن الصوم فى مواعيد محددة تعليم كتابى فقد حدد الرب اصوام ثابتة لشعبه فى العهد القديم فقد ذكر فى سفر زكريا النبى صوم الشهر الرابع وصوم الشهر الخامس وصوم السابع وصوم العاشر (زك 19:8) والحكمة يا ابنى فى تحديد مواعيد الصوم هو تنظيم العبادة الجماعية .
مارك : لكن ده يا أبونا في العهد القديم … هل في العهد الجديد اشارة إلى الصوم ؟
أبونا : نعم يا مارك فمثلا :
( أ ) صام الرب يسوع أربعين يوما وأربعين ليلة (مت 2:4) صام عنا وقدم لنا مثالا لتتبع اثر خطواته .
(ب) صام الرسل قبل القداسات (اع 2:13) .
(ج) صاموا أيضا عند اختيار الخدام ورسامتهم (أع3:13،27:14) .
( د) الصوم فى وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول لروما . (أع 21:27) .
مارك : اريد يا أبونا بعد اذنك أن أعرف ما رأى الكنائس المختلفة فى الصوم الانقطاعى ؟
أبونا : بالنسبة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية فهى تمارس الصوم بنفس الأسلوب منذ العصر الرسولى طبقا لأسانيد تاريخية كثيرة وهو ما يؤيده التقليد وتذكره أقوال الآباء الأولين . أما الكنيسة الكاثوليكية فقد صامت قديما حسب قوانين الرسل وقرر مجمعها عام 541 م اعتبار كل من لا يصوم" انقطاعى" مذنبا أمام الله . وفى القرن الثامن الميلادي اعتبرت الكنيسة الغربية الصائم انقطاعيا مستحقا للمكافأة من السماء وان من يفطر بدون عذر يحرم من الكنيسة . وفى القرن السادس عشر الميلادي تحررت المذاهب البروتستانية المختلفة من الصوم واصبح الصوم عندهم فرديا عندما تأتى للفرد ضيقة ولكى يتدخل الرب لحل مشكلة صعبة وبذلك رفضوا الاصوام "النباتية" فى مخالفة صريحة لما درجت عليه الكنيسة الأولى . وما أكدته أسفار العهد الجديد . (مت 15:9،اع 2:13،2ك 5:6،27:11 ) كما لا يوافقون على الصوم النباتى والانقطاع عن الطعام الحيوانى.
مارك : هناك يا أبونا أصوام كثيرة في الكنيسة أريد أن أعرفها ؟
أبونا : الاصوام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يا مارك هي تسليم آبائى استقر بتواتر الزمن استقرار القانون فهناك بعض الاصوام تسلمناها من آبائنا الرسل الذين عاصروا الرب يسوع والتى صاموها قبلنا ودونوا لنا نظامها فى كتب ارتقت عندنا إلى مرتبة تالية للكتاب المقدس . أول هذه الاصوام وأقدسها هو الصوم الكبير وصوم يومى الأربعاء والجمعة وصوم الرسل وهو من الاصوام التى صامها الآباء الرسل أيضا ثم صوم أهل نينوى الذى لم يكن معروفا حتى القرن التاسع الميلادى وبدأ كصوم كنسى عام يسبق الصوم الكبير بخمسة عشر يوما دائما منذ عهد البابا ابرأم بن زرعه البطريرك 62 سنه 968 م. ثم صوم الميلاد وصوم السيدة العذراء وصوم البرامون.
مارك : هل يا أبونا جميع هذه الاصوام ذكرت فى العهد الجديد ؟ وان لم تذكر جميعها فلماذا نصومها يا أبى ؟
أبونا : الانجيل يا ابنى مسلم للرسل فما لفم ولم تدون كل تعاليم السيد المسيح ( يو 30:20-31 ،25:21) كما أن الانجيل قد تم تدوينه بعد فترة من صعود السيد المسيح ونحن نضع تعاليم آبائنا الرسل " كإنجيل شفاهى " يكمل ما حفظ لنا فى الانجيل الكتابى ونحترم ونطيع ونسمع ونقبل تلك التعاليم كاحترامنا وطاعتنا وقبولنا وسمعنا للرب نفسه (لو 16:10) . ويذكر الأنجيل يا مارك أن المؤمنون قد تسلموا تعاليم الكنيسة من الرسل وخلفائهم . (1كو23:11،34،2تس15:2،2تى2:2،فى9:4،2يو:12) . ومن ثم نتسلم قوانين الآباء البطاركة القديسين الذين رتبوا الاصوام الباقية للآن ونقول كما قال القديس اغسطينوس أن عادتنا لها قوة القانون لأننا تسلمناها من أناس قديسين .
مارك : ماذا يحدث يا أبى للإنسان لو لم يصم مع الكنيسة ؟
أبونا : المسيحى الحقيقى يا ابنى هو عضو فى جسد السيد المسيح الذى هو الكنيسة وهو لا يشذ عن الجماعة لأن العضو إذا خرج عن الجسد يفسد ويسبب للجسد آلاماً مبرحة…… المؤمن سيصوم لأن الكنيسة تصوم فهو منها ومعها وفيها. فالمفروض يا مارك أن تطاع الكنيسة كما يطاع الله فقد قال الرب لتلاميذه "من يسمع منكم يسمع منى" (لو16:10) وان تصام الاصوام كاملة كما هى مقررة من قديم الزمان أما من تمنعه ظروفه الصحية فليعرض أمره على أب اعترافه ليأخذ منه حلا ولا يصح أن يختصر أيام الصوم من تلقاء نفسه يفطر ويصوم كما يشاء ، بل هناك تدبير روحي مع أب الاعتراف .
مارك : يقول البعض أن السيد المسيح لم يحتم الصوم بل تركه للظروف بقوله " متى صمتم " فلماذا نصوم فى أوقات ثابتة "سنويا" ؟
أبونا : أن كلمه متى يا مارك تفيد التحقيق والتأكيد وليس الشك ، بحيث يكون فى حكم الواقع المحتم مثل قول الرب : "متى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه" (مت31:25) . وقوله لبطرس " متى رجعت ثبت اخوتك " (لو23:22) . فواضح من ذلك أن بعد كلمة "متى" حقائق مقررة ووقوعها محتم وقد حدد الرب أوقاتا معينه للصوم (لا29:16، زك19:8، لو12:18) .وحدد الرب يسوع له المجد موعد بدء صوم الرسل بعد صعوده عنهم إلى السماء (مت15:9) وهذا ما تم فعلا (اع13،14،27) . أمر الرسول بولس المؤمنين بالصوم (1كو5:7). ويجب الخضوع للترتيب الكنسى الذى وضعه الرسل وخلفائهم.
مارك : لكن يا أبونا البعض يقول أن الصوم يجب أن لا يتكرر سنويا ويجب أن يمارس فى وقت الضيقات فقط… فما رأى قدسك ؟
أبونا : الصوم كالصلاة والصدقه يجب أن يتكرر فى موعده وكما سبق وقلت لك يا ابنى أن الرب حدد أوقاتا معينه للصوم وذلك لما للصوم من فوائد روحيه كثيرة. كما أن الصوم الجماعى يا ابنى هو تعليم كتابى ويدل على وحدانية الروح فى العبادة وفى التقرب إلى الله . كما أننا يا ابنى فى حرب دائمة مع الشياطين لذلك فنحن فى حاجة دائمة إلى الأسلحة الروحية المختلفة لمقاومتهم ومن هذه الأسلحة الصوم لذلك يجب التعود على أوقات الصوم فى أوقاته المعينة وعدم تركه للظروف أو قصره على أوقات الضيقات .
مارك : الحقيقة يا أبونا قابلنى أحد الأشخاص يرفض الصوم نهائيا بزعم أن القديس بولس الرسول قد رفض الامتناع عن أكل معين بقوله " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب " (كو16:2) فما رأى قدسك ؟
أبونا : إن قصد القديس بولس الرسول بهذه الآية هو عدم التمسك بالنظرة اليهودية بتقسيم الطعام إلى نجس وطاهر فهو لم يقل " لا يحكم أحد عليكم فى صوم " إنما عن هذه الاطعمه المعتبرة نجسة ودنسة قال الرسول بولس " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب " وذلك لان فى بداية الإيمان بالمسيحية كان أول من دخل المسيحية هم اليهود فأرادوا تهويد المسيحية أى أن من يدخل فى المسيحية عليه ان يمارس كل العادات اليهودية مثل النجاسات والتطهير وحفظ السبت والاحتفال بالهلال وأوائل الشهور والأعياد اليهودية مثل الفصح والفطير والأبواق والمظال ويوم الكفارة فأراد بولس الرسول مقاومة تهويد المسيحية ولذلك قال " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التى هى ظل الأمور العتيدة " إذن لم تكن مناسبة حديث عن الصوم وإنما عن العادات اليهودية التى يريدون إدخالها إلى المسيحية . مارك : كما أن ياابونا قال لي هذا الشخص بنوع من الاستخفاف هل ربنا قال للناس عندما تصوموا كلوا عدس وفول وبصارة ؟ أبونا : نعم حدد الرب أنواعا معينة من الطعام تؤكل فى الاصوام كما يلى :
(أ) أمر الرب حزقيال النبى بالصوم ثم الإفطار على القمح " البليلة" والشعير والفول والعدس والدجن " الذرة الرفيعة " والكرسنه " الكمون " . (حز9:4) .
(ب) صام دانيال عن أكل اللحوم وشرب الخمر (دا12:1) كما صام مع أصحابه الثلاثة وافطروا آخر النهارعلى القطانى "البقوليات" (دا8:1-16) .
(ج) صام داود النبى بالزيت وقال " ركبتاى ارتعشتا من الصوم ولحمى هزل عن سمن " (مز24:109) .
عارف يا مارك الصوم فى كنيستنا ليس هو مجرد طعام نباتى إنما هو انقطاع عن الطعام فترة معينه يعقبها أكل نباتى من اجل لذة محبة الله وحفظ وصاياه بحب وفرح دون ضغط أو إكراه.
مارك : يعترض البعض على الصوم بزعم أن الامتناع عن أكل بعض أطعمة خلقها الله مناف لتعاليم القديس بولس الرسول فى قوله " يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضله وتعاليم شياطين مانعين عن الزواج وآمرين أن يمتنع عن أطعمه قد خلقها الله لتتناول بشكر " (1تى1:4-3) فما رأى قدسك ؟
أبونا : أن كلام معلمنا بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس مقصود به ما ينادى به الهراطقه والمبتدعون اتباع مانى ومركيون وغيرهم الذين حرموا الزواج وحرموا اللحم وقد حرمتهم الكنيسة وكل ما نشروه من بدع فالكنيسة الأرثوذكسية لا تحرم اللحوم وما ينتمى إليها وإنما تمتنع عنها فى الصوم نسكا وليس لأنها نجسة بدليل أن الصائمين يأكلون هذه الأطعمة حينما يفطرون.
مارك : قدسك تقول أننا لا نصوم كفرض ولكن أليس ذلك مغالطة لأننا نقول انه لا يجوز الفطر إلا بحل من الأب الكاهن وإذا كان هناك من لا يريد الصوم والكاهن يرى فيه القدرة على الصوم فلا يعطيه حلا، فما رأى قدسك ؟
أبونا : فى الكنيسة يا ابنى نؤمن بالنظام ، والخضوع للنظام هو سمة من سمات النضج الروحى فإن كانت الكنيسة قد حددت بقوانين رسولية ومجمعيه أوقاتا للصوم وحددت الصوم الانقطاعى فيها والحل للفطر أو الصوم هو نوع من الالتزام بالنظام ولا يحول الصوم إلى" فرض" والذى لا يلتزم بالنظام يفرز نفسه من الكنيسة التى سلمتنا أن إلهنا اله نظام .
مارك : استسمح قدسك يا أبونا في عدة أسئلة عن المعاني الروحية للأصوام .
أبونا : اتفضل يا مارك .
مارك : لماذا نصوم صوم الميلاد يا أبى ؟
أبونا :
(أ) لنتشبه بموسى النبى الذى صام 40 يوما قبل نزول لوحى الشريعة " الوصايا العشر " ونحن بصومنا نتقبل كلمة الله الحى ليس مكتوبا فى ألواح حجرية بل متجسدا ومولودا من العذراء البتول.
(ب) تهيئة النفس لتستعد لاستقبال عيد ميلاد مخلصنا فنؤهل أن نعاين مولود المزود ونحن اكثر روحانية.
(ج) أما الثلاثة أيام الأولى من هذا الصوم فقد أضافها الأنبا ابرأم بن زرعه " وهى التى صامها عند نقل جبل المقطم " لكى لا يسمح الله بتجربة شعبه مرة أخرى.
مارك : ما المقصود بكلمة " البرامون " وكيف يصام يا أبى ؟
أبونا : برامون كلمة يونانية معناها (فوق العادة) أو خلاف أي (صوم على خلاف العادة) وفى الاصطلاح الكنسى(برامون الميلاد) أو (برامون الغطاس) أي استعداد العيد أو ما قبل العيد أى السهر والتيقظ والاستعداد الروحى للعيد وقد أمر الرسل أن يصام يوم البرامون إلى المساء وبدون أكل سمك استعدادا للعيد ، ففى برامون عيد الميلاد الاستعداد لنوال بركات تجسد الكلمة الأزلى مخلص العالم وفى برامون الغطاس الاستعداد لإستقبال عيد إستعلان الثالوث القدوس وهذا الصوم " البرامون " يصام مثل الصوم الكبير لا يؤكل فيه سمك. ويكون البرامون يوما واحدا إذا جاء العيد يوم سبت وإذا جاء العيد الأحد يكون البرامون يومين هما الجمعة والسبت وإذا جاء العيد الاثنين فالبرامون 3 أيام " 'لجمعة? " الجمعة – السبت – الأحد " لأن السبت والأحد لا يصح الصوم فيها انقطاعا إلى المساء.
مارك : لماذا تصوم الكنيسة يومى الأربعاء والجمعة ؟ ومتى لا يتم الصوم فيها ؟
أبونا : تصوم الكنيسة هذا الصوم الأسبوعى منذ العصر الرسولى فيما عدا أيام الخمسين أو فى يومى عيد الميلاد والغطاس والحكمة من صوم الأربعاء لأن فيه تمت المشورة على موت المسيح " مت1:26" أما يوم الجمعة فلأن السيد المسيح صلب فيه على عود الصليب وقد أمر الرسل أن يصام هذان اليومان إلى الساعة التاسعة "الساعة 3 عصرا " لأن الرب يسوع مات فى هذه الساعة ووهب الحياة للخليقة و لا يؤكل فيها السمك.
مارك : لماذا وضعت لنا الكنيسة صوم أهل نينوى يا أبى ؟
أبونا : وذلك لكى نتمثل بأهل نينوى الذين صاموا بتوبة ودموع وتذلل فرحمهم الله وبذلك نتذكر مراحم الله الواسعة وشفقته على الخطاه التائبين. كما أن هذا الصوم يا ابنى وضع لكى يكون بمثابة استعداد روحى للصوم الكبير.
مارك : لماذا تصوم الكنيسة الصوم الكبير يا أبى ؟
أبونا : الصوم الكبير يا ابنى له المقام الأول والمنزلة الكبرى بين الاصوام الكنسية والكنيسة تمارس هذا الصوم تذكارا لصوم المخلص الذى صامه وأيضا اقتداء بالسيد المسيح فى مسلكه هذا فالرب يسوع لم يكن محتاجا للصوم وإنما هو صام عنا لكي يعطي قوة لصومنا فيصبح (صومنا) صوماً مقبولاً أمام الأب السماوي لذلك يجب أن نتمثل به. وأيضا بهذا الصوم يستعد المؤمنون استعدادا روحيا كبيرا لأسبوع الآلام والاحتفال بقيامة الرب يسوع من بين الأموات.
مارك : وبالنسبة لصوم الرسل أريد أن أعرف لماذا تصومه الكنيسة يا أبي ؟
أبونا : صوم الرسل يا ابنى هو اقدم صوم عرفته الكنيسة وأول صوم صامته الكنيسة وذلك لأنه عندما سئل الرب يسوع لماذا لا يصوم تلاميذك أجاب قائلا " ستأتى أيام حينما يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون "(مت15:9). وبناءا على هذا التصريح الإلهى صام الرسل بعد صعود الرب عنهم (أع2:13-3،23:14). فهذا الصوم أول صوم خاص بالخدمة.
مارك : كل اصوام الكنيسة يا أبى ثابتة فى مدتها بينما صوم الرسل مدته غير ثابتة وتتغير من سنة إلى سنة، فلماذا ؟
أبونا : أن أيام هذا الصوم تزيد وتنقص لسببين :
أولا : لأن آخر أيام هذا الصوم مرتبطا بعيد الرسل الواقع فى15 ابيب =12 يوليو. أولها مرتبطا بعيد العنصرة إذ يأتى صوم الرسل ثانى يوم عيد العنصرة ونظرا لارتباط عيد العنصرة بعيد القيامة الذى يتقدم أو يتأخر تبعا لذبح خروف الفصح إذ يأتى عيد القيامة فى الأحد التالى للفصح اليهودى فإذا تقدم عيد القيامة تقدم عيد العنصرة زادت أيام صوم الرسل وإذا تأخر نقصت مدته.
ثانيا : لارتباط هذا الصوم مع رفاع الفطر الذى يسبق الصوم الكبير وعدد أيامهما معا 81 يوما فمتى زاد صوم الرسل نقص الفطر وبالعكس وذلك بحسب القاعدة الحسابية التى وضعها البابا ديمتريوس الكرام.
مارك : لماذا نصوم صوم السيدة العذراء يا أبى ؟
أبونا: هذا الصوم له شأن كبير عند المسيحيين وقيل أن الرسل هم الذين رتبوه بعد نياحة السيدة العذراء فكما تعلم يا ابنى أن القديس توما الرسول كان يخدم فى الهند وقت نياحة السيدة العذراء فى أورشليم فعند رجوعه إلى فلسطين رأى الملائكة تحمل جسد العذراء مريم إلى السماء فلما عاد إلى الرسل واخبرهم بما رآه اشتهوا أن يروا نفس المنظر المقدس فصاموا هذا الصوم حتى اظهر الله لهم فى نهايته جسد أمه البتول لذلك فالكنيسة تصوم هذا الصوم لكى تتمثل بالسيدة العذراء وتخليدا لذكراها " هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى " (لو48:2) .
مارك : يقول لى صديقى بالمدرسة أن الصوم لله وحده وانتم تصومون للرسل والعذراء ، فهل هذا جائز ؟ أبونا : الكنيسة لا تصوم للبشر بل لله وحده ولأهداف روحية كثيرة أما عن تسمية الصوم بإسم الرسل أو العذراء يرجع ذلك إلى :
{أ} أن الصوم يقع قبل أعيادهم فصوم الرسل ينتهى بعيد الرسل وصوم السيدة العذراء ينتهى بعيد ظهور جسد السيدة العذراء
{ب} أو انهم قد صاموه بأنفسهم .
{ج} تكريما وتخليدا لذكراهم كاطلاق أسمائهم على الكنائس والأديرة
{د} لكى نقتدى بهؤلاء القديسين ونتمثل بإيمانهم كقول الكتاب . {عب 7:13 }
مارك : لكن يا أبونا لماذا منعت الكنيسة أكل السمك فى الصوم الكبير والأربعاء والجمعة وصوم نينوى وأجازته فى بقية الاصوام ؟
أبونا : الاصوام التى منعت فيها الكنيسة أكل السمك هى اصوام من الدرجة الأولى ينبغى أن تمارس بزهد ونسك كبير كما نصت قوانين الرسل وقد أكدت الكنيسة فى تنفيذها وكانت تفرض عقوبات كنسية على من يفطر فيها بدون عذر مقبول. وقد رأت الكنيسة القبطية فى عهد البابا ابرأم بن زرعه التخفيف عن المؤمنين بأكل السمك فى اصوام الدرجة الثانية (صوم الميلاد، صوم الرسل ، صوم السيدة العذراء) .
مارك : لقد شوقتنى يا أبى بحديثك هذا عن أهمية الصوم وبركاته فماذا افعل لكى استفيد من الصوم ؟
أبونا : عند بداية كل صوم يا ابنى يجب أن تحدد الهدف من صومك وما هو التدريب الذى ستبدأ تمارسه مع الصوم ، تدريب على ترك خطية معينة . يجب يا ابنى أن يكون الهدف السليم من الصوم هو أن نصوم من اجل محبتنا لله ، وان يقربنا الصوم من الله ، لذلك يجب أن يقترن الصوم بالصلاة والقراءة الروحية والمطانيات وقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه ، وان يقترن الصوم بالتوبة والاعتراف السليم والتناول من جسد الرب ودمه ، وان يقترن بالصمت والهدوء وعمل الرحمة والمحبة لله وللناس ، كذلك يا مارك يجب أن تحرص على أن لا تضيع وقتك مع وسائل الإعلام المختلفة الغير بناءة ولا مفيدة فى الصوم واحرص أيضا أن يغير الصوم فيك شيئا ولا تأخذ من الصوم شكلياته بل ادخل إلى العمق فى كل ممارساتك الروحية
مارك : شكرا لك يا أبى وأرجو أن أتقابل مع قدسك مرة أخرى لأطرح أسئلتى عن مواضيع أخرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق