أباحت المسيحية أن يكون للمسيح صورة ترسم,ولكن لابد أن تكون هذه الصورة المرسومة للمسيح تعطي حقيقة المسيح,ومن هنا يجب علي كل فنان أن يبذل أقصي ما يستطيع في أن يقدم المسيح في صورة جميلة كاملة,وأي نقص من الناحية الفنية يضر بهذه الصورة,ويضر الناس أنفسهم,وبدلا من أن يساعدهم علي أن يروا صورة الكمال في المسيح,هذه الصورة تضر إذا كانت غير معبرة تماما,لذلك يجب علي الفنان أن يبذل أقصي ما يمكن أن يكون في قدرة الإنسان لتصوير صفات الكمال,وهنا مهمة الفنان الثقيلة الصعبة أنه لكي يرسم صورة للمسيح,المفروض أنه إما أن يكون قد رأي المسيح,أو علي الأقل أن يكون درس المسيح دراسة عميقة شاملة,لكي يقدر أن يبرز هذه الصفات في الصورة التي يقدمها عن المسيح.والفنانون يعترفون أنه لا يوجد فنان في الدنيا,يقدر أن يرسم شيئا,خصوصا الأشياء التي من الذاكرة ما لم يجر دراسة كبيرة لها,ولذلك الفنانون الكبار يأخذون وقت طويل أكثر من غيرهم من الفنانين الميكانيكيين الذين يصورون الصورة بسرعة,ويوجد أشخاص من الفنانين يأخذ سنوات وسنوات لكي يرسم صورة واحد,فالمعروف عن مايكل أنجلو أنه استمر في رسم صورة15سنة وهو معلق علي سقالة,ولأن الصورة كانت في السقف,ومع طول المدة أربطة الرقبة تمددت وتليفت وتصلبت,فمبدأ الدراسة في الفن مفروض أن يكون,إذن الفنان الذي يرسم صورة المسيح,لابد أن يكون إما رأي المسيح ويحاول أنه يجسد الصورة التي رآها,أو أن يكون درس ومن الدراسة يستنتج,كيف يجسده هذه الصفات وكيف يقدمها في صورة حسية,وهذا يرينا مدي الجريمة التي يقع فيها بعض الناس المؤلفين والمصورين والهيئات والجمعيات والجماعات المختلفة التي ترسم المسيح أيا كان,فنحن عندما نري صورة جميلة جدا للمسيح تكون هذه الصورة موحية ومعبرة ومؤثرة وفعالة في النفس,وتكون مثيرة للتقوي وللعبادة وللصلاة,لكن الصورة العادية التي تظهر في بعض الكتب تكون في الحقيقة جارحة,علي كل حال هذه رسالة الفن والفنانين,فعلي الرغم من أن هذه الوصية الثانية,وصية تدعونا إلي احترام روحانية الإله,فإنها كما فهمها آباء الكنيسة لم تمنعهم من أن يستخدموا الفن في إبراز هذه الصور,علي أنها صور تساعد ذهن الإنسان علي أن يتصور الإله,وعلي أنه يكون دائما فيها نوع من الثقافة الفكرية والروحية والدينية,التي تساعد العقل علي أنه لا يفهم أن صورة المسيح أيا كان الفنان,تجمع كل صفات الجمال وكل صفات الهيبة والروحانية التي في المسيح الحقيقي,فالفنان مهما كان يقدم أقصي ما في مقدوره كبشر,في تقديم وسيلة من وسائل التقريب,لكنه لا يوجد فن في الدنيا وصل إلي درجة الكمال,لا يوجد فنان وصل إلي هذه الدرجة مهما قضي في رسم هذه الصورة من وقت طويل.لكن علي أي حال آباء الكنيسة لم يحسوا أبدا بأن الوصية الثانية تتعارض مع إمكانية تصوير الإله برسم صورة,علي الحائط أو علي قماش أو علي ورق أو ما إلي ذلك,علي أن تكون صورة الإله الوحيدة هي المسيح,لأنه هو نفسه صورة الله غير المنظور وقد صار منظورا,وهو صورة الكمالات الإلهية كلها تجمعت فيه,بحيث أنه استطاع أن يقولمن رآني فقد رأي الآبهذا تعبير عميق وتعبير صادق وحقيقي,ولا يوجد تعبير آخر أضبط وأسلم من هذا التعبير للدلالة علي أن هناك مطابقة تامة,بين الله المنظور والله غير المنظور,في الصفات والخصائص,كل ما هنالك أن الفنان مفروض بقدر ما يستطيع أن يقدم أجمل ما يمكن لإبراز صفات الجمال والكمال والروحانية التي في المسيح.المصادر الثلاثة لصور المسيح:والمعروف تاريخيا أن هناك صورا للمسيح,وأن الفنانين اليوم يحاولون أنهم ينقلوا أو يرسموا نسخا أو صورا أخري من هذه الصورة,ونحن شكر الله لأن التقليد نقل لنا أنه كانت هناك صورة للمسيح,فمعروف عن لوقا الطبيب وهو لوقا الإنجيلي أحد السبعين رسولا أنه كان رساما,ولذلك في الكتب التي تتكلم عن لوقا الطبيب,يصوروه في شكل إنسان رسام إلي جانب أنه طبيب.فيعزي إلي القديس لوقا الطبيب أنه رسم3صور,صورة للعذراء تحمل المسيح واحدة في القدس,والثانية في الحبشة,والثالثة يقال إنها التي أخذت عنها صورة العزباوية وأنه كما قالإني تتبعت كل شئ من الأول بتدقيقفهو أخذ الصورة عن مصادرها الأصلية.أما المسيح نفسه في صورته الكاملة حينما تجسد في صورة الإنسان الكامل,فما نعرفه من التقليد قصة أوردها يوسابيوس وأوردتها المصادر الأخري,أنه كان في عصر المسيح ملك مدينة اسمها الرها وهي حاليا أوديسا علي البحر الأسود,واسمه أبجر ويسمي في بعض الكتب أبجاروس,هذا الملك سمع بظهور المسيح وكانا مريضا,وسمع أيضا أن اليهود يضايقون المسيح ويتعبوه ويضطهدونه,وفكرته عن المسيح كانت لا تزيد عن كونه نبيا عظيما,لكن لم يكن يعرف بالضبط مركزه اللاهوتي تماما.فأرسل للمسيح رسولا من قبله وقال له أنا سمعت بك وبعجائبك وبالمعجزات التي تصنعها والخوارق التي تعملها,وأنا إنسان مريض وفي نفس الوقت سمعت أن اليهود يريدون قتلك,فعندي هنا مدينة هادئة وأنا مستعد أن أحميك من اليهود,فتعال في هذه المدينة,من جهة أنك تشفيني من مرضي,ومن جهة أخري أنا مستعد لقبول دعوتك أنا وشعبي,أنا ملك البلد وإذا قبلت الإيمان بك سيقبل شعبي الإيمان بك.فسيدنا له المجد قال للرسول كما يروي التقليد,لا...أنا بعد قيامتي سأرسل إليك أحد تلاميذي يشفيك من مرضك,ويردك أنت وقومك ويهديك إلي الإيمان,إنما أنا هنا من أجل رسالة ولابد أن أتمم الرسالة في بلاد فلسطين,في أورشليم,ولابد أن أتمم هذا العمل,لكن فيما بعد سأرسل إليك أحد تلاميذي وهذا تم فعلا لأنه كان من نصيب القديس يهوذا(لباوس الملقب تداوس)الرسول,الذي يسمون في الأناجيل يهوذا ليس الأسخريوطي,وهو صاحب الرسالة المكتوبة,وهي رسالة يهوذا وهي أصحاح واحد,وهو أيضا أحد الناس الذين كانوا يسمونهم إخوة الرب,فيهوذا أخو يعقوب وهنا يعقوب هو يعقوب الصغير المعروف بأخو الرب,فاثنان من إخوة الرب كانوا من بين الـ12واثنان منهم كانوا من السبعين.المهم أن هذا هو الرسول الذي أرسل وكان من نصيبه أن يذهب إلي مدينة الأوديسا ويهدي هذا الرجل وأيضا يشفيه من مرضه,والنقطة المهمة أن سيدنا له المجد وجد منديلا مع الرسول فأخذه منه ومسح به وجهه,فانطبعت فيه صورته وهذه أول صورة للمسيح أخبرنا عنها التقليد.والصورة الثالثة عندما كان المسيح له المجد في طريقه إلي الصليب,ووقع تحت الصليب3مرات,وكان هناك عرق وكان هناك دم,فعندما كان يقع علي الأرض كان يختلط العرق والدم بالتراب,فيتحول إلي طين,فكان وجهه كله طين وهو لابس إكليل الشوك,وهذا المنظر هو الذي رآه النبي في النبوءة عندما قاللا صورة له ولا جمال.سجل لنا التاريخ أن فتاة اسمها فبرونيا وهي فتاة عذراء,هذه الفتاة صعب عليها منظر المسيح والآلام التي يتحملها,ورأت وجهه ملطخا بالطين فبمنديلها أرادت أن تمسح وجهه,فظهرت في المنديل صورة المسيح,فكانت هذه مكافأة لها وبركة,وتعد هذه هي الصورة الثانية الطبيعية التي أخذت للمسيح له المجد.بعد ذلك نقدر أن نقول أن هناك بعض الفنانين,حاول أن يعمل تركيبا لصورة المسيح كناحية اجتهادية,عن طريق الدراسة لشخصية المسيح,كما اتضحت في الأناجيل أو كما اتضحت في التعليم الرسولي,حاولوا أن يظهروها في أجمل شكل ممكن,هذه هي المصادر الثلاثة لصورة السيد المسيح.علي أي الأحوال المسيحية كديانة روحانية امتدادا لتعليم الكتاب المقدس في روحانية الإله,ورفض المادية والوثنية وعمل الأصنام والتماثيل للإله,رأت المسيحية في المسيح الصورة الكاملة للإله الروحاني,وفيه كل الكمالات الإلهية فهو الوحيد الذي أباحت الكنيسة أن يصور,علي أساس أنه يساعد الإنسان في تقواه وفي طريقه إلي السماء,يساعده فيه كبشر وهو الله غير المنظور وغير المرئي صار في صورة منظورة,هذه الصورة المنظورة كانت هي صورة المسيح
للمتنيح الأنبا غريغوريوس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق