مضمون هذا المزمور : توسل إلى الراعى للأهتمام بقطيعه
+ هذا المزمور متصل بالمزمور السابق حيث أن النبى يبدأ كلامه مخاطبا راعى إسرائيل لافتا نظره إلى حالة القطيع وما يتحمله من مشقات ويطلب منه العطف والشفقة على الرعية .
+ إن هذا المزمور صلاة قلبية من أجل الكرمة التى هى بنى إسرائيل وشبهها بالكرمة لأن نفس الإنسان منذ القديم كانت كرمة فى فردوس الله قبل الخطية وحينما أخطأ آدم انقلع من فردوس الله ، خرج فأس العدالة وقطع الشجرة من كرم الله المغروس فى الفردوس وطرحها خارجا عن السياج فيبست وأثمرت بدلا من العنب خرنوبا وصارت كرمة كاذبة حاملة قضبانا وورقا وثمرتها خرنوبا مرا لا حلاوة فيها فيستغيث النبى إلى سيد الكرم لكى ينزل هو ويصير غرسا حقيقيا فى الكرم الخالى من " الثمر " وليأت هو بذاته ويطعم نفسه فى الشجرة التى فسدت بأنياب خنزير الغاب والوحش البرى ، لتنبت أغصانا تجدد الكرمة فمن أجل هذه الأغراض المذكورة رتل النبى هذا المزمور أمام الله .
آيات من المزمور :
1 – " يا راعى إسرائيل أصغ يا قائد يوسف كالضأن يا جالسا على الكروبيم أشرق " .
+ إن النبى بذكره إسرائيل ضم جميع الأسباط . وبقوله يوسف يستعطف الله بعفة ذلك المغبوط . وكأنه يقول : كما خلصت يوسف من مكر واغتيال إخوته ومجدته كذلك اصنع فينا أيضا . ودعا الرب راعيا وإسرائيل خروفا ليبين أن أعداءهم كانوا ماردين مثل الذئاب المفسدة للرعية وأن الله معتنى بهم كراع ويسوسهم مثل غنم فالراعى الصالح هو ربنا يسوع المسيح .
2 – " قدام أفرايم وبنيامين ومنسى أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا " .
+ لماذا ذكر أفرايم وبنيامين ومنسى دون باقى الأسباط لعل ذلك كان إشارة إلى سقوط مملكة الشمال بيد الآشوريين الذين يسميهم ( خنزير الوعر ) . أيضا ذكر النبى أفرايم وبنيامين ومنسى لأنه عندما كان التابوت يسير كان يتقدمه أهالى هذه الثلاث أسباط ، أو لأن هذه الأسباط الثلاثة وعد الله أن يكثرهم ، فيذكر الله بوعده ويلتمس بإزاءه .
+ " أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا " إنه بهذا القول يبين جهارا انتظاره لمجىء ابن الله بالجسد على الأرض ليصنع خلاصا للجميع من الآشورى المغرى بالشر الذى هو الشيطان .
+ " أفرايم " يعنى ثمر الروح المتكاثر . أما " منسى " فيعنى نسيان العالم وهما يمثلان عملا واحدا متكاملا : أفرايم يقدم الجانب الإيجابى وهو الشبع بثمر الروح والدخول إلى الحياة السماوية . أما منسى فيمثل الجانب السلبى ، وهو نسيان هموم العالم وملذاته . لأنه لا شبع بالسماويات دون التخلى عن محبة الزمنيات ، ولا نسيان للزمنيات دون التمتع بالسماويات .
" بنيامين " دعته أمه وهى تلد ( ابن أونى ) بسبب شدة الألم ( تك 35 : 18 ) أما يعقوب فدعاه بنيامين ( أى ابن اليمين ) وكأن ابن الألم والحزن إنما ينعم بيمين الله حينما يشرق الله أمامه فى وقت احتماله للألم والحزن من أجل الله .
3 – " يا الله أرجعنا وأنر بوجهك فنخلص " .
+ أى ردنا يا الله إلى ما كنا فيه من الحرية والراحة . وأما ( وجهه ) فهو ابنه الوحيد الذى لم يزل مثاله وشعاع مجده ورسم جوهره . فلما تجسد قد ظهر لنا وجهه ورايناه عيانا .
4 – " يارب إله الجنود إلى متى تدخن على صلوة شعبك " ؟
+ حتى متى يارب تؤخر الخلاص . فأنت مزمع أن تظهر لا محالة ؟ لماذا تعدمنى رؤية ظهورك ؟ وما سبب التأخير ؟ ألا نحظى برؤية مجيئك بالجسد ؟ فإلى متى تدخن ( تغضب ) على صلوة شعبك وقد علمنا أنك مزمع أن تظهر على الأرض . فما الداعى للتأخير ؟! وإلى متى نستمر مغضوب علينا منك ببعدك عنا بسبب خطايانا ؟ عود يا الله وارجع إلينا وأرجعنا إليك ولا تدخن على صلاة شعبك .
14 – " يا إله الجنود أرجعن اطلع من السماء وانظر وتعهد هذه الكرمة " .
+ إن النبى سأل الله لكى يعيد نظره إلى هذه الكرمة كحكيم وفلاح . فلأنها بشرية ومريضة فتحتاج إلى نظر واهتمام الطبيب . وأما لأنها شبهت بكرم وفسدت تحتاج إلى غارسها ليصلحها ويقطع ما هو خال ويبقى ما كان مثمرا منها ويقتل الدود الذى بأرض أصلها الذى هو الشيطان مفسد إيمانها .
ولكن من تكون الكرمة فى عهد النعمة ؟ إنها الكنيسة التى أسسها رب المجد يسوع .
إن رغبنا في الحصول على أجوبة مفيدة علينا أن نصغي إلى كلمات السيد المسيح التي تفوه بها في ساعاته الأخيرة على الأرض. فبعد أن ناشد المسيح المخلص تلاميذه الأوفياء بألا يسمحوا لقلوبهم بأن تضطرب وأن يضعوا ثقتهم التامة في الله ومسيحه، تابع كلامه قائلاً:
" أنا الكرمة الحقيقة وأبي الكرَّام. كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه لكي يأتي بثمر أكثر. أنتم الآن أنقياء بسبب الكلمة التي كلمتكم بها. اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر بذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيَّ وأنا فيه فهو يأتي بثمر كثير. فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً." [ يو 15 : 1 – 17 ]
الإيمان بالله وبالمسيح الذي أرسله الله ليكون مخلص العالم لأمر هام للغاية. يجابه المؤمن هذا الموضوع الهام: أنا وقد آمنت بالمسيح المخلص، أنا الإنسان الضعيف والمعرض للتجارب القوية، كيف أستطيع أن أثابر على طريق الإيمان؟ أين أجد القوة الكافية لمتابعة مسيرتي التي ابتدأت بتسليم مقاليد حياتي لمخلصي يسوع المسيح؟ يكمن الجواب في كلمات المسيح الوداعية:
أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرَّام. كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه لكي يأتي بثمر أكثر.
ليس المؤمن بكائن مستقل يخطط لحياته ولمستقبله طريقاً خاصاً. شبَّه المسيح المؤمن بغصن في كرمة حقيقية والكرمة هي المخلص. إذن كل استقلالية هي مرفوضة مسبقاً لأنها تؤدي في النهاية إلى الانفصال عن المسيح. المبدأ الحياتي الأول هو: المثابرة على مسيرة الإيمان تعني الثبات في علاقتنا الحيوية مع يسوع المسيح. فكما أن غصن الكرمة يبقى حياً ومثمراً ما دام في الكرمة هكذا أيضاً ينمو المؤمن في حياته ما دام يعيش مع ربه وفاديه يسوع المسيح. ليس الإيمان بالمسيح عبارة عن جواز سفر لدخول النعيم والوصول إلى الأبدية السعيدة فقط. يصل الإيمان المؤمن بربه وفاديه في هذه الحياة الدنيا وتثمر حياته بثمار التقوى والصلاح.
كيف يتم هذا والمسيح ليس على الأرض بل في يمين عرش العظمة؟ يشكل الجواب المبدأ الثاني للحياة المسيحية: نثبت في المسيح فيما إذا تشبثنا بكلمته. يتم حضور المسيح معنا بواسطة كلمته التي تعلمنا بمشيئته وتمدنا بقوته الحيوية. وكلمة المسيح هذه كلمة مدونة وهي الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. وتابع المسيح كلامه قائلاً:
اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر بذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيَّ وأنا فيه فهو يأتي بثمر كثير. فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً.
لماذا ردد المسيح هذه الكلمات؟ إنه له المجد عليم بطبيعتنا وبجبلتنا البشرية. نحن نميل إلى الأنانية وحتى بعد أن نكون قد آمنا به واختبرنا قوته التحريرية في قلوبنا، نخال بأننا قادرون على تتميم مسيرتنا بقوانا الخاصة وبحكمتنا الفردية. وإذ أخذ المسيح هذه الأمور بعين الاعتبار قال: فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً. تذهب جميع جهودنا أدراج الرياح إن لم نستعن بقوة المسيح الخلاصية. وشدد المسيح على هذا المبدأ الجوهري قائلاً:
إن كان أحد لا يثبت فيَّ يطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق.
هذه كلمات قوية اللهجة ولكنها نابعة عن قلب مخلصنا المحب. ولا بد أنك تعلم أيها القارئ العزيز عن الكرمة وأغصانها لتعي كلمات المسيح هذه. ألم تفصل أو تنقي في يوم ما أغصان الكرمة؟ هل لاحظت سرعة جفاف الأغصان المفصولة عن الكرمة؟ ليس هناك نبات ككرمة العنب والتي تجف أغصانها بهذه السرعة الغريبة. وكما يحدث للكرمة أي لأغصانها المفصولة عنها, هكذا يحدث لمن قال عن نفسه بأنه مؤمن بالمسيح ولكنه لا يعمل على الثبات في ربه ومخلصه وفي الكتاب المقدس.
ولم يكتف المسيح يسوع بالكلام عن مغبة الانفصال عنه بل قال مشجعاً ومعزياً:
إن ثبتم فيَّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونوا تلاميذي.
يا لها من كلمات رائعة! متى كنا عائشين في المسيح وثابتين في كلمته المنعشة نكون هكذا ملمِّين بالمشيئة الإلهية حتى إن أدعيتنا تصبح ملائمة لهذه المشيئة. وبعبارة أخرى، تضحي صلواتنا مركزة على تمجيد الله وعلى خير ومنفعة أقربائنا بني البشر. نطلب من الله فيستجيب إلى صلواتنا لأننا نعيش في جو روحي وسماوي.
يتم الثبات في المسيح بالتشبث بكلام المسيح. ما هو رباط هذا الثبات؟ المحبة، محبة المسيح لنا ومحبتنا له. وليست المحبة حسب مفهومها الكتابي بموضوع عاطفي محض، بل تشمل جميع نواحي الشخصية البشرية. وكما قال المسيح:
كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا، فاثبتوا في محبتي. كما أني حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يكون فرحي فيكم ويكون فرحكم كاملاً.
فكما أن محبة الله الآب للمسيح يسوع هي محبة أبدية، هكذا أيضاً محبة المسيح لنا هي محبة أبدية، إنها لا تعرف حدوداً. هذه هي المحبة التي جعلت موضوع خلاصنا موضوعاً تحقق وتم في ملء الزمن أي حسب التوقيت الإلهي وفي صلب الأرض المقدسة، أي عندما مات المسيح عن خطايانا وقام من بين الأموات في صباح الأحد المجيد. ربط المسيح المحبة بحفظ وصايا الله: كما أني حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته، إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي.
ومع وجود أمور عقائدية هامة في محتويات الإيمان المسيحي والتي صيغت عبر العصور من قبل جماعة الإيمان في ما يعرف بقوانين الإيمان، إلا أن المسيحية الحقَّة هي أكثر من مجرد الإقرار العقلي بالعقيدة الكتابية. وكثيراً ما نلاحظ ونحن نقوم بدراسة التاريخ أن الكثيرين من الذين قالوا عن أنفسهم أنهم من أتباع المسيح لم يظهروا ذلك في حياتهم وفي معاملاتهم لأقرانهم بني البشر. العقيدة الصحيحة المبنية على الوحي الإلهي هامة للغاية ولكنها لا تكون قد قامت بدورها الفعال إن لم تقترن بالمحبة في حياة معتنقها.
وتابع المسيح يسوع كلامه عن أهمية المحبة في حياة المؤمنين والمؤمنات قائلاً:
هذه هي وصيتي: أن يحب بعضكم بعضاً كما أحببتكم. ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه. أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيتكم به. لا أسميكم عبيداً بعد، لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده. لكني سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما تسألونه باسمي. بهذا أوصيتكم أن يحب بعضكم بعضاً.
لقد أحبنا المسيح محبة أبدية. أحبنا حتى النهاية، إلى درجة أنه وهو البار القدوس، بذل نفسه عنا. مات المسيح كبديل عنا، نحن الخطاة، الأثمة، العصاة، نحن الذين كسرنا وصايا الله بالفكر والقول والفعل. مات المسيح للتكفير عن آثامنا. أهناك محبة أعظم من محبة المسيح لنا؟ وكما أحبنا المسيح علينا أن نحب بعضنا البعض. أهذا هدف خيالي، يوتوبي، طوباوي؟ من يستطيع القيام بما قام به المسيح؟ الجواب ليس هناك بشري يستطيع أن يقوم بما يطلبه المسيح منا وذلك فيما إذا اتكلنا على قوانا الخاصة. ولكننا إذا ما ثبتنا في المسيح وإن كنا نعيش في جو كلمته المحررة، إذ ذاك نستطيع أن نتمم هذه الوصية الربانية.
ومن المفيد أن ننظر إلى أنفسنا كعبيد لله وللمسيح يسوع، لكنه له المجد منحنا مرتبة أعلى من مرتبة العبيد عندما قال: لقد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. يا لها من عطية عظمى أن ندعى أحباء المسيح! ولئلا نعجب بأنفسنا ذكرنا المسيح أنه هو الذي أخذ المبادرة في علاقته معنا: ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما تسألونه باسمي. بهذا أوصيتكم أن يحب بعضكم بعضاً. قارئي العزيز، هل آمنت بالمسيح يسوع واتخذته مخلصاً لحياتك؟ إن قمت بهذا الأمر الهام تذكر أنك غصن في الكرمة والكرمة هو المسيح. اثبت فيه وفي كلمته وعش حياة المحبة لله ولسائر أفراد البشرية، آمين.
+ هذا المزمور متصل بالمزمور السابق حيث أن النبى يبدأ كلامه مخاطبا راعى إسرائيل لافتا نظره إلى حالة القطيع وما يتحمله من مشقات ويطلب منه العطف والشفقة على الرعية .
+ إن هذا المزمور صلاة قلبية من أجل الكرمة التى هى بنى إسرائيل وشبهها بالكرمة لأن نفس الإنسان منذ القديم كانت كرمة فى فردوس الله قبل الخطية وحينما أخطأ آدم انقلع من فردوس الله ، خرج فأس العدالة وقطع الشجرة من كرم الله المغروس فى الفردوس وطرحها خارجا عن السياج فيبست وأثمرت بدلا من العنب خرنوبا وصارت كرمة كاذبة حاملة قضبانا وورقا وثمرتها خرنوبا مرا لا حلاوة فيها فيستغيث النبى إلى سيد الكرم لكى ينزل هو ويصير غرسا حقيقيا فى الكرم الخالى من " الثمر " وليأت هو بذاته ويطعم نفسه فى الشجرة التى فسدت بأنياب خنزير الغاب والوحش البرى ، لتنبت أغصانا تجدد الكرمة فمن أجل هذه الأغراض المذكورة رتل النبى هذا المزمور أمام الله .
آيات من المزمور :
1 – " يا راعى إسرائيل أصغ يا قائد يوسف كالضأن يا جالسا على الكروبيم أشرق " .
+ إن النبى بذكره إسرائيل ضم جميع الأسباط . وبقوله يوسف يستعطف الله بعفة ذلك المغبوط . وكأنه يقول : كما خلصت يوسف من مكر واغتيال إخوته ومجدته كذلك اصنع فينا أيضا . ودعا الرب راعيا وإسرائيل خروفا ليبين أن أعداءهم كانوا ماردين مثل الذئاب المفسدة للرعية وأن الله معتنى بهم كراع ويسوسهم مثل غنم فالراعى الصالح هو ربنا يسوع المسيح .
2 – " قدام أفرايم وبنيامين ومنسى أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا " .
+ لماذا ذكر أفرايم وبنيامين ومنسى دون باقى الأسباط لعل ذلك كان إشارة إلى سقوط مملكة الشمال بيد الآشوريين الذين يسميهم ( خنزير الوعر ) . أيضا ذكر النبى أفرايم وبنيامين ومنسى لأنه عندما كان التابوت يسير كان يتقدمه أهالى هذه الثلاث أسباط ، أو لأن هذه الأسباط الثلاثة وعد الله أن يكثرهم ، فيذكر الله بوعده ويلتمس بإزاءه .
+ " أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا " إنه بهذا القول يبين جهارا انتظاره لمجىء ابن الله بالجسد على الأرض ليصنع خلاصا للجميع من الآشورى المغرى بالشر الذى هو الشيطان .
+ " أفرايم " يعنى ثمر الروح المتكاثر . أما " منسى " فيعنى نسيان العالم وهما يمثلان عملا واحدا متكاملا : أفرايم يقدم الجانب الإيجابى وهو الشبع بثمر الروح والدخول إلى الحياة السماوية . أما منسى فيمثل الجانب السلبى ، وهو نسيان هموم العالم وملذاته . لأنه لا شبع بالسماويات دون التخلى عن محبة الزمنيات ، ولا نسيان للزمنيات دون التمتع بالسماويات .
" بنيامين " دعته أمه وهى تلد ( ابن أونى ) بسبب شدة الألم ( تك 35 : 18 ) أما يعقوب فدعاه بنيامين ( أى ابن اليمين ) وكأن ابن الألم والحزن إنما ينعم بيمين الله حينما يشرق الله أمامه فى وقت احتماله للألم والحزن من أجل الله .
3 – " يا الله أرجعنا وأنر بوجهك فنخلص " .
+ أى ردنا يا الله إلى ما كنا فيه من الحرية والراحة . وأما ( وجهه ) فهو ابنه الوحيد الذى لم يزل مثاله وشعاع مجده ورسم جوهره . فلما تجسد قد ظهر لنا وجهه ورايناه عيانا .
4 – " يارب إله الجنود إلى متى تدخن على صلوة شعبك " ؟
+ حتى متى يارب تؤخر الخلاص . فأنت مزمع أن تظهر لا محالة ؟ لماذا تعدمنى رؤية ظهورك ؟ وما سبب التأخير ؟ ألا نحظى برؤية مجيئك بالجسد ؟ فإلى متى تدخن ( تغضب ) على صلوة شعبك وقد علمنا أنك مزمع أن تظهر على الأرض . فما الداعى للتأخير ؟! وإلى متى نستمر مغضوب علينا منك ببعدك عنا بسبب خطايانا ؟ عود يا الله وارجع إلينا وأرجعنا إليك ولا تدخن على صلاة شعبك .
14 – " يا إله الجنود أرجعن اطلع من السماء وانظر وتعهد هذه الكرمة " .
+ إن النبى سأل الله لكى يعيد نظره إلى هذه الكرمة كحكيم وفلاح . فلأنها بشرية ومريضة فتحتاج إلى نظر واهتمام الطبيب . وأما لأنها شبهت بكرم وفسدت تحتاج إلى غارسها ليصلحها ويقطع ما هو خال ويبقى ما كان مثمرا منها ويقتل الدود الذى بأرض أصلها الذى هو الشيطان مفسد إيمانها .
ولكن من تكون الكرمة فى عهد النعمة ؟ إنها الكنيسة التى أسسها رب المجد يسوع .
إن رغبنا في الحصول على أجوبة مفيدة علينا أن نصغي إلى كلمات السيد المسيح التي تفوه بها في ساعاته الأخيرة على الأرض. فبعد أن ناشد المسيح المخلص تلاميذه الأوفياء بألا يسمحوا لقلوبهم بأن تضطرب وأن يضعوا ثقتهم التامة في الله ومسيحه، تابع كلامه قائلاً:
" أنا الكرمة الحقيقة وأبي الكرَّام. كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه لكي يأتي بثمر أكثر. أنتم الآن أنقياء بسبب الكلمة التي كلمتكم بها. اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر بذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيَّ وأنا فيه فهو يأتي بثمر كثير. فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً." [ يو 15 : 1 – 17 ]
الإيمان بالله وبالمسيح الذي أرسله الله ليكون مخلص العالم لأمر هام للغاية. يجابه المؤمن هذا الموضوع الهام: أنا وقد آمنت بالمسيح المخلص، أنا الإنسان الضعيف والمعرض للتجارب القوية، كيف أستطيع أن أثابر على طريق الإيمان؟ أين أجد القوة الكافية لمتابعة مسيرتي التي ابتدأت بتسليم مقاليد حياتي لمخلصي يسوع المسيح؟ يكمن الجواب في كلمات المسيح الوداعية:
أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرَّام. كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه لكي يأتي بثمر أكثر.
ليس المؤمن بكائن مستقل يخطط لحياته ولمستقبله طريقاً خاصاً. شبَّه المسيح المؤمن بغصن في كرمة حقيقية والكرمة هي المخلص. إذن كل استقلالية هي مرفوضة مسبقاً لأنها تؤدي في النهاية إلى الانفصال عن المسيح. المبدأ الحياتي الأول هو: المثابرة على مسيرة الإيمان تعني الثبات في علاقتنا الحيوية مع يسوع المسيح. فكما أن غصن الكرمة يبقى حياً ومثمراً ما دام في الكرمة هكذا أيضاً ينمو المؤمن في حياته ما دام يعيش مع ربه وفاديه يسوع المسيح. ليس الإيمان بالمسيح عبارة عن جواز سفر لدخول النعيم والوصول إلى الأبدية السعيدة فقط. يصل الإيمان المؤمن بربه وفاديه في هذه الحياة الدنيا وتثمر حياته بثمار التقوى والصلاح.
كيف يتم هذا والمسيح ليس على الأرض بل في يمين عرش العظمة؟ يشكل الجواب المبدأ الثاني للحياة المسيحية: نثبت في المسيح فيما إذا تشبثنا بكلمته. يتم حضور المسيح معنا بواسطة كلمته التي تعلمنا بمشيئته وتمدنا بقوته الحيوية. وكلمة المسيح هذه كلمة مدونة وهي الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. وتابع المسيح كلامه قائلاً:
اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر بذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيَّ وأنا فيه فهو يأتي بثمر كثير. فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً.
لماذا ردد المسيح هذه الكلمات؟ إنه له المجد عليم بطبيعتنا وبجبلتنا البشرية. نحن نميل إلى الأنانية وحتى بعد أن نكون قد آمنا به واختبرنا قوته التحريرية في قلوبنا، نخال بأننا قادرون على تتميم مسيرتنا بقوانا الخاصة وبحكمتنا الفردية. وإذ أخذ المسيح هذه الأمور بعين الاعتبار قال: فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً. تذهب جميع جهودنا أدراج الرياح إن لم نستعن بقوة المسيح الخلاصية. وشدد المسيح على هذا المبدأ الجوهري قائلاً:
إن كان أحد لا يثبت فيَّ يطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق.
هذه كلمات قوية اللهجة ولكنها نابعة عن قلب مخلصنا المحب. ولا بد أنك تعلم أيها القارئ العزيز عن الكرمة وأغصانها لتعي كلمات المسيح هذه. ألم تفصل أو تنقي في يوم ما أغصان الكرمة؟ هل لاحظت سرعة جفاف الأغصان المفصولة عن الكرمة؟ ليس هناك نبات ككرمة العنب والتي تجف أغصانها بهذه السرعة الغريبة. وكما يحدث للكرمة أي لأغصانها المفصولة عنها, هكذا يحدث لمن قال عن نفسه بأنه مؤمن بالمسيح ولكنه لا يعمل على الثبات في ربه ومخلصه وفي الكتاب المقدس.
ولم يكتف المسيح يسوع بالكلام عن مغبة الانفصال عنه بل قال مشجعاً ومعزياً:
إن ثبتم فيَّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونوا تلاميذي.
يا لها من كلمات رائعة! متى كنا عائشين في المسيح وثابتين في كلمته المنعشة نكون هكذا ملمِّين بالمشيئة الإلهية حتى إن أدعيتنا تصبح ملائمة لهذه المشيئة. وبعبارة أخرى، تضحي صلواتنا مركزة على تمجيد الله وعلى خير ومنفعة أقربائنا بني البشر. نطلب من الله فيستجيب إلى صلواتنا لأننا نعيش في جو روحي وسماوي.
يتم الثبات في المسيح بالتشبث بكلام المسيح. ما هو رباط هذا الثبات؟ المحبة، محبة المسيح لنا ومحبتنا له. وليست المحبة حسب مفهومها الكتابي بموضوع عاطفي محض، بل تشمل جميع نواحي الشخصية البشرية. وكما قال المسيح:
كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا، فاثبتوا في محبتي. كما أني حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يكون فرحي فيكم ويكون فرحكم كاملاً.
فكما أن محبة الله الآب للمسيح يسوع هي محبة أبدية، هكذا أيضاً محبة المسيح لنا هي محبة أبدية، إنها لا تعرف حدوداً. هذه هي المحبة التي جعلت موضوع خلاصنا موضوعاً تحقق وتم في ملء الزمن أي حسب التوقيت الإلهي وفي صلب الأرض المقدسة، أي عندما مات المسيح عن خطايانا وقام من بين الأموات في صباح الأحد المجيد. ربط المسيح المحبة بحفظ وصايا الله: كما أني حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته، إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي.
ومع وجود أمور عقائدية هامة في محتويات الإيمان المسيحي والتي صيغت عبر العصور من قبل جماعة الإيمان في ما يعرف بقوانين الإيمان، إلا أن المسيحية الحقَّة هي أكثر من مجرد الإقرار العقلي بالعقيدة الكتابية. وكثيراً ما نلاحظ ونحن نقوم بدراسة التاريخ أن الكثيرين من الذين قالوا عن أنفسهم أنهم من أتباع المسيح لم يظهروا ذلك في حياتهم وفي معاملاتهم لأقرانهم بني البشر. العقيدة الصحيحة المبنية على الوحي الإلهي هامة للغاية ولكنها لا تكون قد قامت بدورها الفعال إن لم تقترن بالمحبة في حياة معتنقها.
وتابع المسيح يسوع كلامه عن أهمية المحبة في حياة المؤمنين والمؤمنات قائلاً:
هذه هي وصيتي: أن يحب بعضكم بعضاً كما أحببتكم. ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه. أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيتكم به. لا أسميكم عبيداً بعد، لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده. لكني سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما تسألونه باسمي. بهذا أوصيتكم أن يحب بعضكم بعضاً.
لقد أحبنا المسيح محبة أبدية. أحبنا حتى النهاية، إلى درجة أنه وهو البار القدوس، بذل نفسه عنا. مات المسيح كبديل عنا، نحن الخطاة، الأثمة، العصاة، نحن الذين كسرنا وصايا الله بالفكر والقول والفعل. مات المسيح للتكفير عن آثامنا. أهناك محبة أعظم من محبة المسيح لنا؟ وكما أحبنا المسيح علينا أن نحب بعضنا البعض. أهذا هدف خيالي، يوتوبي، طوباوي؟ من يستطيع القيام بما قام به المسيح؟ الجواب ليس هناك بشري يستطيع أن يقوم بما يطلبه المسيح منا وذلك فيما إذا اتكلنا على قوانا الخاصة. ولكننا إذا ما ثبتنا في المسيح وإن كنا نعيش في جو كلمته المحررة، إذ ذاك نستطيع أن نتمم هذه الوصية الربانية.
ومن المفيد أن ننظر إلى أنفسنا كعبيد لله وللمسيح يسوع، لكنه له المجد منحنا مرتبة أعلى من مرتبة العبيد عندما قال: لقد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. يا لها من عطية عظمى أن ندعى أحباء المسيح! ولئلا نعجب بأنفسنا ذكرنا المسيح أنه هو الذي أخذ المبادرة في علاقته معنا: ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما تسألونه باسمي. بهذا أوصيتكم أن يحب بعضكم بعضاً. قارئي العزيز، هل آمنت بالمسيح يسوع واتخذته مخلصاً لحياتك؟ إن قمت بهذا الأمر الهام تذكر أنك غصن في الكرمة والكرمة هو المسيح. اثبت فيه وفي كلمته وعش حياة المحبة لله ولسائر أفراد البشرية، آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق